النقطة الأولى - من قرية خارج التاريخ إلى مركز المستقبل!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الاثنين ، ١٤ نوفمبر ٢٠٢٢ الساعة ٠٢:٣٤ مساءً

رحلة حياة اي عربي ناجح في الغرب عبارة عن حلقات متصلة من المواقف المرهقة، والمتقلبة، والقلق، ومن الإنجازات والإخفاقات والصراع الفكري والديني والسياسي ايضا، لايمكن مقارنته بأي جنسية اخرى ولا مقارنته بابناء موطن المهجر لا من قريب ولا من بعيد لاسباب عديدة. اولا لان العربي وبالذات اليمني ولد في بيئة فقيرة، وثانيا نشاء في انظمة تعليمية غير متزنة ومتقلبة دون هدف ولا حتى محدثة تهدم الطفل منذ الصغر، وثالثا في كل محطاته يسحب خلفه هموم مجتمعه واهله ومعيشته ايضا، ورابعا لم يكتفي القدر بذلك وانما نضيف لما سبق هزائم وصراعات المنطقة، واستهدافه كعربي او مسلم في دينه وثقافته، بجانب المعاناة المستمرة من البحث عن اقامة واوراق وتجنس، وحلول لمشاكله المالية واسرته الصغيرة والبحث عن وطن بديل. وكل ماسبق من اسباب تشتت افكار، وتركيز اي مهاجر عربي وترهقه وهو يريد يثبت ذاته في الوطن الجديد، ولذا ادرك انا معاناة العربي كان في الداخل والاغتراب والاضطرابات التي يعيشها، بمعنى لو كان غيرنا من شعوب الارض يعيشها لكان الكثير منهم في مصحات نفسية لترتيب الاولويات اقلها. 

وعندما نجد عربي مهاجر منا يصنع حلقات من النجاح حوله، وفي دوائر له مهمة اعتبره انا نجاح باهر بكل المقاييس له ولمجتمعة الصغير ولامته لاسيما اذا كان يمثل صورة حسنة لثقافته وبلده وعالمه العربي، غير مهزوز علما ولا اخلاقا ولا متمرد او متذمر او شاغل نفسه بمراقبة الاخرين. نجاح اي عربي جدير بالتقدير، حتى وان كان اقلها انه مستمر في الغرب لم يحتاج احد، ولم يسقط برغم انه مشتت في فكره وتركيزه، وجيلنا عاش كل انواع الهزائم والكوارث في المنطقة، فكيف بجيل الغد الذي هو اليوم في خطر. 

وعلى قولة اخ فلسطيني كان معنا في الجامعة طالب ميكانيكا لبرفيسور الماني في النقاش، انت الان برفيسور ورائع وناجح، لانك لقيت بيئة تدعم ذلك، لكن لو كنت عربي تعيش مشاكلنا وهمومنا وحروبنا وخوفنا، لما قدرت ان تصبح برفيسور، بمعنى لايمكن مقارنة شخص غربي كل حلقات مجتمعه يدعمه ويهتم به منذ كان طفل لكي ينجح، وشخص عربي اغلب حلقات مجتمعه تستبسل تريده يفشل وينهزم حتى وان كان على بعد ٦ الف كم منهم.

وللمقارنة اذكر صديق اخر عربي معنا كان يشتري طحين باقل من يورو بحساب اليوم، ويصنع خبز عربي كل يوم ليبيعه للطلاب العرب كون وقتها لم يوجد محل بقالة عربي، ومن القليل مما يجمع يصرف على نفسه في الجامعة وهو معنا، ورغم المعاناة لم يعيش في وضعه مستسلم او حاسد لماذا هو يعاني، وانما تعب واجتهد، واليوم هو دكتور في العلوم في واحد من اهم مركز الابحاث، ناجح افتخر به واعتز، فهو مثال للعربي المكافح والملتزم الذي وصل، وهذا مثال اخر لو كان الماني او غربي احتمال كان لم يصل وانتقل لحلقة اخرى في المجتمع تدعمه وتحمله. 

نحن عرب نعيش معاناة الفقر والقلق وهموم اوطان وغيره، ويطلع شخص لم يشارك المهاجر كيف تعب ليصل لهدفه، ويقول مثله مثل الالمان او برفيسورات الغرب يعني شخص عادي لا زاد ولا طلع بس الغرب، اعطاهم فرص ومشاريع،  وكأن الغرب جالس يوزع اوراق يانصيب هنا كل صباح  ومنتظر للعربي يصحى الظهر ليعطيه نصيبه للبحث العلمي. 

ومختصر الفكرة هنا نحن نعتز بكل عربي تعلم وتعب وكافح لانه الدليل لنا، ان هناك طريق وامل. وهنا يمكن المتابع والسامع الفطن لتجارب الاخرين يعتصر منها خارطة طريق ومنهج، ان اراد يوصف طريق لنفسه او ابنه او ابنته، لينجحوا اكثر، ويكونون هم نسخة امل جديدة لمجتمعهم او اقلها لذاتهم،  بدل ان يعيش البعض ينتقد الوضع، وحبيس عقده النفسية، ولعن اخفاق الانظمة وضياع العمر، وبدل ان يهلك ماحوله بتوصف طريق حياة من خرم عقده المركبة، فيسقط في الوحل كل يوم اكثر ومرات عدة امام ذاته واصحابه واهل بيته، ويا ليت يقف الامر هنا وانما يسحب معه قطيع لا ينعد، ويستغرب البعض بعدها، لماذا حاله وحال مجتمعنا العربي بشكل عام واليمني بشكل خاص من سيئ الى اسوأ، و نذهب برحلتنا كنتيجة بدل المستقبل الى الماضي ومشاكسة البعض والتنمر لنبحث عن ذاتنا هناك، وعن انتصارات وهمية، لانه لاينافسنا فيه ولا في قلة العقل هناك احد، ونستغرب بعدها اين الخلل؟.

 لذا نحن احبتي في مجتمعنا العربي بين توجهين، فريق مكافح متزن، يحاول يصلح ماحوله، ويبني ومتصالح اقلها مع ذاته وانجازاته، وفوق ذلك يحمل قيم لانخجل بهم، وفريق اخر مخرب بفكره وسلوكه ومنهجه وحسده حتى دون ان يشعر، وفوق ذلك متعجرف، ولا يدرك انه مجرد صفر حتى وان كان محسوب كمتعلم، فلا هم سكتوا وتركونا نعمل ولا تعلموا صح فاصلحوا احوالهم وصفاتهم. وهنا يدور السؤال، كيف لنا كطبقة متعلمة مهاجرة او في الداخل ان نزرع شجرة، والكثير من هم بيننا لازال يحمل خلف ظهره فأس، ومنتظر فقط فرصة او غلطة لابن بلده ليهدمه ويكسره.  

ولذا اجد وجودنا كفريق ووجودي في التواصل معكم ضرورة من خرم الإبرة واقصد الفيس بوك ليس لتسلية وانما قد نستطيع نحمي بعض معاقل القيم من الانهيار، ونبني جسور قيم لمن حولنا لاننا لانمثل وانما نجسد الفضيلة والقيم والعلم بمعنى ادوات المستقبل، لم نكلف البلد او اي شخص فلس واحد، ودائما نحن من يعطي، وايضا احتمال نستطيع نبني جسور لجيل قادم يبدع، او لننقل المعرفة للمنطقة، نخفف اقلها حدة الارتطام لامتنا بالواقع في هذه الالفية التي لاينافس بها الا بالشراكة والمعرفة والتنمية، التي يجب ان تدعمها الاخلاق والقيم. هذه النقطة الاولى.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي