حديث غدير خم ماله وما عليه

توفيق السامعي
الجمعة ، ١٥ يوليو ٢٠٢٢ الساعة ٠٤:٠٨ مساءً

يقول يزيد بن حيان: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم، فلما جلسنا إليه، قال له حصين: لقد لقيتَ يا زيد خيرًا كثيرًا، رأيت رسول الله، وسمعت حديثه، وغزوت معه وصليت خلفه، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله.

قال: يا ابن أخي، والله لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي عن رسول الله، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله يومًا فينا خطيبًا بماء يُدعى خمًا بين مكة والمدينة، فحمد الله، وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: "أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به"، فحثَّ على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: "وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي". فقال له حصين: ومن أهل بيته؟ يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته مَنْ حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس، قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم( ).

وفي هذه الرواية لم يذكر أبداً: "من كنت مولاه فعلي مولاه. اللهم والِي من والاه وعادي من عاداه"! وانظروا إلى قوله - رضي الله عنه-: "لقد كبرت سني، وقدم عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي عن رسول الله، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه"، فهذه قرينة لا تغفل في البحث عند الباحثين عن اضطراب هذا الحديث أو الزيادة والنقص فيه. وكذلك قوله: " فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحثَّ على كتاب الله ورغب فيه"، فهذا يعني أنه لم ينقل كل ما سمعه عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذات الحديث وإنما اختصره وعطف عليه أهل بيته، ولا توجد أدنى إشارة لولاية علي فيه أو تفضيله على غيره.

فزيد بن أرقم كان من أتباع علي رضي الله عنهما ومؤيديه، شهد معه معركة صفين وغيرها، فلا يستبعد تعاطفه معه، صحيح أننا لا نقدح في عدالة وأمانة الصحابي الجليل، ولكن قد يعتري حديثه معه هذه الزيادة أو النقصان أو استدراك بعض الألفاظ فيه؛ لأنه ذكر للناس حديث خم وهم في آخر أيامه وقد شاخ، وهذا ندركه من خلال سياق الحادثة والحديث. وقد نسي كثيراً من نفس الحديث كما نسي كثير من الصحابة بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما يقول به كثير منهم أنهم ينسون بعض الأحاديث، بدليل صيغة الحديث أعلاه. وبين حديث غدير خم وحديث عرفة في حجة الوداع تسعة أيام فقط، والحديث يعالج وضع ما بعد النبي صلى الله عليه وسلم "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي: كتاب الله" وهو موضوع واحد وحديث واحد وألفاظ واحدة، ويبدو أن زيداً خلط بينهما بحدث آخر؛ فالعترة ليست مصدراً من مصادر التشريع بل صيغة الحديث "أذكركم الله في أهل بيتي..قالها ثلاثا".

فصيغة الحديث الثاني تظهر متناقضة مع الحديث الأول، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون متناقضاً وقد أوتي جوامع الكلم والفصاحة والبلاغة.

دعونا نتهم طرق النقل لا نتهم قائل النص، فالقرائن في حديث زيد كثيرة وواضحة.

ثم إذا كان هذا الحديث مشهوراً وقد حضره آلاف الصحابة في غدير خم لم لم يرو إلا عن طريق زيد فقط ولم يروه أكثر من واحد من الصحابة؟ وكذلك لم يذكر عند البخاري وغيرها من الأسانيد والصحاح؟!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي