الحقيقة المخفية لحصار تعز

د. محمد شداد
الثلاثاء ، ٢١ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ٠٦:١٦ صباحاً

لا تستسلم النازية طواعيةً وعن طيب خاطر أو حباً في السلام خضعت ستالينجراد الروسية للحصار النازي الألماني وتعرضت للقصف حتى تحولت إلى أنقاض وأطلال تعرضت لما سميَّ تكتيكياً بحرب البرق الذي اعتمد بصفة كبيرة على حرب الدبابات لكن النازية غرقت بحرب الشوارع والمدن والمقاومة الشرسة من قبل أبنائها أي مدينة ستالينجراد، دعمت الدولة الأم وشكلت جسراً جوياً وسبحت بالمركبات على البحر المتجمد وكانت تتعرض مراكبه للغرق في البحر تصل بصعوبةٍ حتى تنقل الغذاء والوقود والدواء للسكان المحاصرين،  الدولة المسؤولة،  جيشت الفِرق العسكرية والجيوش بقيادة الحنرالات " جورجي جوكوف" وعملاق العسكرية الروسية "قنستنتين روكوسوفسكي" وقاتلت حتى التحرير لم يدعُ القائد الحديدي ستالين للسلام مع النازية ولم يخضع لأهوالها وجنونها..

هي التراجيديا نفسها تكررت مع معركة "أم الثورة والمقاومة تعز" حاصرتها الألوية المدججة بآلات الحرب الحديثة والتي شكلت عليها طوقاً عسكرياً من كل الاتجاهات، الطوق الذي لم يكتشفه الناس إلا عندما سقطت الأقنعة وتراجع الناس عن مبادئهم الثورية وانكمشوا في ثيابهم الجهوية والسلطوية وحركوها لصالح بقاء أحدهم أحد أوجه العملة الواحدة إما الجهوي أو السلالي .

نشروا حولها مواقع ووحدات عسكرية بدايةً من رأس العروس في أعالي صبر امتداداً إلى باب المندب مروراً بمعسكر خالد بن الوليد الذي لم يتعين أحد في قيادته من ذات المحافظة منذ نشأته حتى سقوطه، وشمالاً ألوية الدفاع الجوي وعودة إلى ألوية الحرس الجمهوري في الجند من جهة الشرق التي كان التجنيد فيها محرماً لغير الطوق إلا ما ندر إضافة إلى الوحدات الأمنية والشرطة العسكرية داخل المدينة التي كانت توالي ذلك الطوق وتتسق مع أهدافه ومهامه..

كما تحمل أبناء ستالينجراد الروس مسؤوليتهم في الدفاع عن مدينتهم بدعم من قيادتهم تحمل أبناء تعز اليمن الدفاع عن مدينتهم وانخرط الأستاذ الأكاديمي، والطبيب والطالب والمزارع وأصحاب المهن وحملوا السلاح، غير أن الفارق بين الحربين والحصارين أن ستالينجراد حاصرها ودكها الألمان أما تعز فقد حاصرها ودكها الغلمان من أبناء اليمن وقصفوها بمدفعيتهم وقنصوا أهلها بقناصاتهم وذخائرهم التي تم شرائها من عائدات ضرائبهم ومخصصات تعليمهم وصحتهم والبنى التحتية المستحقة..

بالنظر إلى فارق الظلم الخارجي والداخلي ينحصر الخارجي بتحقيق هدف آني واضح لا يخالطه أحقاد مستفحلة جذرتها شياطين الدين، وأطماع الجهوية وأحقاد العاجزين عن التنافس في تولي الوظائف على أساس القدرات والمواهب ومبادئ النزاهة والاستحقاق.. 

 إضافةً إلى كل ذلك استغل العدو الداخلي شعارات السيادة والوطنية والوقوف ضد العدوان وإرهاب الناس باسم العمالة والارتزاق والوقوف ضد مصالح الوطن التي مثلت غطاءً قذراً لمصالحهم ليس إلا..  حررت القيادة الروسية ستالينجراد بالقوة ودكت تحصينات وجيوش الألمان حتى وصلت برلين ورُفع العلم الروسي على مبنى الرايخ الألماني غير أن تعز خُذلت وتركت من القيادة القريبة تناكفاً وتركت من التحالف البعيد وحيدة حتى لا تحوز على شرف المقاومة والتحرير وترفع علم الجمهورية على جبال مران، وتصبح نموذجاً تاريخياً للمقاومة ضد الظلم والكهنوت، تدون تاريخها الثوري الوطني الوحدوي بنفسها دون تزوير أو إملاء،  كما حدث لتاريخ ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الذي خُسف بقادته وتولى الأجواف من الانتهازيين والمهزومين من فلول الإمامة الراجعة.

وأخيراً لن تترك الإمامة وأذنابها والمأزومين جميعهم، محافظة تعز تفرح وتجني ثمار التضحيات التي قدمتها في بناء الدولة، والحروب الثورية والتحررية طيلة عقود لماذا..لأن الكثير لا يعرف الحقيقة المخفية الحقيقة أنها في نظر الجهوية بشقيها السلالي والمناطقي المعادل التاريخي للحكم والسياسة والحزبية والثقافة والمذهبية فيها تشكل الوعي وولدت الحركات الوطنية ومنها انطلقت الثوارات التحررية باتجاه صنعاء وعدن، وعند أبوابها انكسرت المشاريع الصغيرة ومنها يأتي الدعم وعلى أرضها عُزف النشيد الوطني وصدحت ألحانه واندفع عشاق الوطن إلى كل جبهة يجودون بأكرم ما عندهم دفاعاً عن الثورة والجمهورية والوطن..

  راعهم صمودها أثناء الحرب والمقاومة، وسيروعهم أكثر حضورها الدولي والإقليمي، بات اسمها يقض مضاجعم، يرونه يعتلي اللوحات ويهتف به الناشطون وعشاقها والمحبون لها في عواصم العالم، وأمام بوابات المنظمات الدولية،  كانت هي الرهان الذي تسعى من خلالها مليشيا إيران السلالية تحقيق أهدافها الإمامية الحجرية البائدة وتثبيت دعائم حكمها مدركين ما قاله الشيخ عبدالله حسين الأحمر ورددها ابنه حميد أن اليمن هي تعز وتعز هي اليمن، وسئل الامام احمد لماذا اتخذ تعز عاصمة له قالها صريحةُ  "كي أجلس على رأس الأفعى"  كان يدرك أهميتها وأن حكمهم منها سيسقط، وذلك الذي يؤخذ عليها من جميع المفلسين والأقزام وأصحاب المشاريع الصغيرة ولإدراكهم أن حريق مشاريعهم في فضائها سيُخمد  وأنها مصنع الثوار وفاتحة الكتاب وبوابة عبور الفاتحين لتحرير صنعاء الأبية..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي