الفرق كبير بين الاعترافين "الروسي" و "الحوثي" !

د. علي العسلي
الجمعة ، ٢٥ فبراير ٢٠٢٢ الساعة ١٢:٢٤ صباحاً

لروسيا هواجس أمنية مع الغرب عموماً، وأوروبا خصوصاً، وقد وصل الغرب بالتمدد لحلف النيتو الى أبوابها هكذا تقول روسيا، كذلك يا أيها الحوثي؛ كان للمملكة العربية السعودية هواجس أمنية مماثلة بعد سيطرتكم على مقدرات اليمن والاستيلاء على معسكراته ومؤسساته وتوجهكم للمناورات على حدها الجنوبي من أية حماقات قد تقدمون عليها؛ وبعد انقلابكم واعتداءكم المتكرر عليها وعلى الإمارات العربية المتحدة؛ تحولت الهواجس إلى يقين؛ ولكنها لحد الآن، لم تفعل كما فعلت روسيا بحشد قواتها والوصول إليكم لاجتثاثكم وانهاء انقلابكم، وإعادة الشرعية للمقاعد والكراسي التي تجلسون عليها!؛

إذاً ، إذا اعترفت موسكو باستقلال جمهوريتي دونيستك ولوغانسك ليس من أجل أن تعترف باقي الدولي هما، وانما ليبرر دخوله اليها وضمها فيما بعد للإمبراطورية الروسية ،ولربما ابتلاع أوكرانيا بحالها، أي أن الاعتراف له ما يبرره أمنيا، وخطاب الرئيس الروسي  واعترافه هو رسائل ترسل للغرب من دولة عظمى؛ إذا قالت فعلت!؛ بوتين  بخطابه  تمهيدا للاعتراف  بالإقليمين المنفصلين مصحوبا بتوجيه اتهام للغرب  بالزحف نحو روسيا لمحاصرة روسيا واستعدائها دون مبرر؛ فالهاجس الأمني هو دافعه في الاعتراف وربما الدخول الحرب ،فــ" بوتين" ايتهم  الغرب بالتجسس والذي أصبح الأقدر على استهداف مسكو بأقل من اربع دقائق نظرا للقرب من مسكو واراضي روسيا!؛

 استخدم الرئيس الروسي ومؤسساته رسائل مخططة ومتدرجة، وحتما ستجعل  الغرب ينصت اليها، ويسمع هواجسها ويطمئنها بالتفاوض أو ستستمر روسيا بالتلويح بالقوة، وربما في نهاية المطاف استخدامها وهذا ما نراه هذا اليوم؛ ارغب روسيا أن تجعل العالم الغربي  ينصت ويجلس معها للتوصل لاتفاقية تضمن الأمن الجماعي لأوروبا وروسيا معاً، لكن في ظني أن رسالة الاعتراف بالإقليمين المنفصلين وهما جزءان رئيسيان  من دولة أوكرانيا، لم يكن هذا الاعتراف موفقاً ، وهو رسالة صادمة ، من دولة عظمى تنظر اليها دول العالم وشعوبها أنها عنصر صلب في خلق التوازن الدولي المطلوب، ولمنع تنمر بعض الدول العظمى على العالم الذي لا يملك القوة والقدرة في الدفاع عن نفسه؛ روسيا دولة كبرى هي والصين، جميع شعوب العالم تعول عليهما في تحقيق النظام العالمي العادل والمتعدد، وتناضلان ضد القطبية الأحادية لإدارة العالم؛ أقول ما كان لروسيا ابداً  أن يوقعها الغرب بإعلامه الهستيري في أن تقع  في هذا التسرع، وبالتالي في انتهاك القوانين الدولية، التي تصون سيادة الدول، ولا تسمح للدول بالتدخل بالشئون الداخلية للدول الأخرى ؛ وما كان ينبغي لروسيا  أيضاً أن تتخلى عن تعهداتها واحترامها للقانون الدولي، وهي القادرة على أخذ ما تريد بالحوار والتفاوض؛ إلا اذا كانت تتجه لتنهج نهج الغرب في الاستعمار و الاحتلال، إن كان ذلك فبوادر الحرب العالمية قد انطلقت ولن تتوقف عند الجمهوريتين المعترف بهما من قبل روسيا!؛ 

إن انتهاك مواثيق المنظمة الدولية، وعدم احترام سيادة الدولة الأوكرانية، كان ينبغي ألا يأتي من روسيا العظمى، والذي رأينا قوتها الضاربة في البر والجو وفي البحار والمحيطات؛ دعم المنفصلين سابقة روسية لم تعهدها من سابق الا بحدود دنيا، فقد اثبتت روسيا انها لا تترف ولا تدعم المنقلبين والمنفصلين تاريخيا! 

روسيا التي تجاملونها أيها الحوثة باستعدادكم للاعتراف بالجمهوريتين التي اعترفت بهما روسيا؛ كي تعترف بكم؛ صدقوني روسيا لن تعترف بكم!؛ لها سبع سنوات تعاملكم مليشيا منقلبة وخارجة عن القانون!؛

 ولعلمكم انها معها علاقات وطيدة ومصالح كبيرة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج بالنفط والطاقة والاقتصاد وغير ذلك؛ فلا تحلموا انه باعترافكم ستعترف هي بكم؟!؛ وستدعمكم لتكونوا حاكمين للشعب اليمني الحر الذي يلفظكم، ولا يرغب بكم؛ ببساطة!؛ لأنكم سلاليين وتدّعون الحكم الإلهي، وروسيا لا تؤمن بهذه الخزعبلات التي أنتم تعتنقونها!؛

قرأت بالالام ان بعض الدول تتفهم الاعتراف الروسي، وقِيل: أن من سيلحق بروسيا بالاعتراف "سوريا" و"الحوثيون وليس اليمن قطعاً" بالإقليمين المنفصلين عن أوكرانيا كجمهوريتين مستقلتين، جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية؛ وسخر مغردون من دعوة الحوثي لضبط النفس وعدم الانزلاق في حرب يراد لها استنزاف القدرات الروسية!؛

فرق كبير بين اعتراف روسيا بإقليمين بحدودها كجمهوريتين ، والذي له اهداف لخدمة الأمة الروسية؛ وبين ما قد يقدم ليه الحوثي بالاعتراف بالإقليمين البعيدين عنه، وهو بحاجة أصلا لمن يعترف به ، واعترافه بغر الـــ "شحاتة" ظاناً منه ان قد يستطيع استغلال الأزمة هناك لحسابه،  وهو المستغل دوما؛ يحلم انه  قد يجعل روسيا تدعمه وتعترف به، فاذا ما اعترف فهو بلهجة بض المدن  اليمنية " زنقلة "، فروسيا ستحقق أمنها الاستراتيجي ولو بكلفة باهظة؛ والحوثيون سيحققون السخرية والندامة وعدم الاعتراف بهم من كل العالم، كونهم انقلابين وسلالين!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي