تشخيص عشرية الأزمة اليمنية .. وأفكار جديدة لبناء سلام حقيقي في العام 2022 ( 4 )

د. علي العسلي
السبت ، ٠٨ يناير ٢٠٢٢ الساعة ٠٩:٣٠ مساءً

بعد أن عرضنا عليكم وعلى السادة المعنين بالمشكل اليمني ما أسميته بــــ "عَشْرِية الازمات اليمنية"، أو المشكلات اليمنية، وما تضمنت من تداخلات وتشعبات تستدعي ممن يبحث فعلا عن حل للقضية اليمنية أن يعالج تفاصيلها، لأن الشيطان يختبئ في التفاصيل، فيزرع الفتن  من خلالها، كلما الناس اتفقوا، علليه أن يعالج ما قد يحدث مستقبلا من    تداعيات وآثار على المستوى المحلي والاقليمي والعالم؛ وأقول هنا مالم يتم معالجة المظلمات بإنصاف لكل اليمنين ولكل المناطق، فالكل قد عانى وتأثر بجور من حكموه ،وحان الوقت ليتمتع كل اليمانيين  بإنصاف وعدل ومواطنة متساوية، فلا سلام مستدام سيتحقق لليمن بدو ذلك!؛ كما أنه إذا ظل أي فريق يتغنى بانتصاراته وفرض رأيه على الشعب اليمني بالقوة بأنه انجاز، فإنه سيلقى نفس مصير من سبقوه، وهو بذلك يؤسس لصراع دائم ثأري وانتقامي  "سلالي وتميزي، مناطقي، جهوي وقبلي"، وما شابه؛ ومالم تؤمن كل الأحزاب و النخب والساسة بالحوار وقبول الأخر، باعتبار أن الحوار سنة من سنن الله وقرأننا قائم على الحوار والمحاجة بالحق فللحوار قواعد ومعايير ،وما لم يعتمد الإقناع_ لا استخدام القوة_  وسيلة او طريقة  لذلك الحوار فإن السلام لن يتحقق؛ ومالم يسلم  الجميع بالتنوع الفكري والثقافي والتعدد الحزبي كونه مظهر حضاري تعايشي ديمقراطي، فلا سلام ولا أمن ولا تنمية مستدامة سيتحقق، ومالم تؤمن الأحزاب بتجديد ذاتها وقياداتها وتتخلى عن الأبوية، وعن التعصب وتهميش واقصاء الاخر فلا فرص لصناعة سلام شامل، ومالم تؤمن كذلك بالشراكة والتوافق في المرحلة الانتقالية لنقل السلطة حتى يسوّى المعلب للجميع وتجرى انتخابات ويحتكم لجميع لمخرجات الصندوق، وتتناسى ولو مؤقتا الحجوم (ألم يكن الحوثي أقلية؟!) والتغني به، فلا سلام سيتحقق. وإذا ما اردنا المستقبل الأمن المزدهر لليمن، فإنه ينبغي على الجميع ((ترك)) استجرار الماضي وإحضاره وإسقاطه على الحاضر أو في المستقبل؛ ليثق الجميع ويؤمن  بأن التغيير سنة إلهية،  يبدأ بالنفس ليعم أثره على المجتمع كله، فمن يقف ضد التغير، فإنه يقف ضد نفسه، فلننبذ الحقد والكراهية وثقافة الانتقام والثأر؛ ولنتجه جميعاً لبناء اليمن ونحافظ على المواطنة ونعزز الوطنية في أنفسنا وفي أجيالنا من بعدنا؛ علينا بالسماح للجيل الحاضر  أن يقرر حاضره ومستقبله ،وعليه أن بتحمل مسؤوليته دون وصاية أو أبويّة عليه، عليه أن يحدد أولوياته بنفسه؛ ولابد من تقليص الفجوة بنزول الأحزاب من عروشها إلى الشارع والاستماع لأنين ومطالب وأولويات الشعب  ثم التعبير عنها، وتحقيقها من قبل من وصل منها إلى الحكم ؛ و تبنيها في البرامج للأحزاب المعارضة، هذه هي قواعد الديمقراطية الجديدة في اعتقادي؛ وعلى اليمنين جميعا دون استثناء "الانفتاح "لا  "الانبطاح"  للأخر، ونقل ما يصلح لبلدنا من تجارب مجتمعات الأخرى، مع التزود بثقافة الاقناع، في الداخل ، وفي الخارج مع الدوليين  كي يتفهموا خصائصنا وخصوصيتنا كي يساعدونا فيضعون الحلول الناجعة التي تلائم مشكلاتنا وتعقيداتها!

إن إرهاب الحوثي  قد فاق كل تصور، وعليه التقاط اللحظة ليغيّر من نهجه وفرض عقائده، ويعتذر للشعب عما اقترف، ويتعامل بحسن نية كيمني مع باقي المكونات اليمنية، ويذهب للتسوية، ويسجل نفسه كحزب "مدني" لا "ديني" ويعرض بضاعته على الشعب، فإن اختاره الشعب حكمه ،وإن لم فليعارض بما يحافظ على المكتسبات لا لتخريبها!؛إن الوفاء بالعهود والتعهدات والاتفاقات والتفاهمات  قيمة إسلامية عظيمة، على كل فريق أو مكون او طرف ان ينفذ حالا ما وقع عليه؛ فالبلد لا يحتمل مزيد الضياع والمماطلة؛ وعلى الدول والمجتمع الدولي أن يسمع آنين الشعب اليمني وان ينظر إلى تضحياته ومعاناته، عليه أن يقول لحرب أمدها قد تجاوز المقبول أن تقف بالقوة، شعب اليمن يباد وانتم تتفرجون لا يجوز قانونا واخلاقا ذلك ؛ يباد لجنون بعض فئاته، فلترفعوا أصواتكم وبنادقكم على من يستمتع بقتل اليمنين وإبادتاهم، فإمّا اعتدل وذهب لتوقيع السلام ، وإما محاربته باسم مجلس الأمن وانهاء انقلابه، والامر ينطبق على من يحاول عرقلة الانتقال السلمي للسلطة باليمن ويقف ضد السلام الشامل الدائم فليعاقب ايضا! 

ومن مناقشتي لعشرية الازمات أو المشكلات وجدت أن استخلص لكم بعضا من تداخلاتها وتشعباتها على هيئة مقاربات أو مقارنات؛ ففي الماضي كانت المشكلات بسيطة، في الحاضر تعقدّت وتشعبّت، وتتطلب هِمم عالية وقوة وإرادة لمعالجتها وتداعياتها واثارها.. ومن المفارقات ايضا.. في الماضي القريب أعيد توحيد اليمن وكان (صالح) كونفدرالي الطلب، وكان (البيض) وحدوي اندماجي هذا هو التاريخ وهو الواقع، واليوم ((صالح)) في ذمة الله، و((البيض)) مع فك الارتباط كرد فعل على  سلوك شريكه الأخر في الحكم، وقد اعتزل السياسة ،ومن يريدون وراثته يطالبون بالانفصال؛ وكان في اليمن ((صالح)) يريد توريث ابنه للسلطة، وفي نفس الوقت معارضيه يستنكرون عليه ذلك،_ أقصد زعماء القبائل المحسوبين على الأحزاب وهم ذاتهم كانوا يريدون توريث ابنائهم للحكم أيضا؛ وكانت دول الخليج عند اندلاع الحرب بين شريكي الوحدة مع الانفصال، باستثناء قطر، واليوم دول الخليج مع الشرعية وضد الانقلاب والتمرد باستثناء الامارات رغم انها جزء من التحالف العربي؟!؛ وقبل الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر كانت بريطانيا مع السلطنات ومع الأدارسة في الساحل ولا تزال هي من تمسك الملف  اليمني اليوم شماله وجنوبه، وهي من تُعدّ حزمة القرارات، وكان شمال الشمال مسيطر على الجزء الشمالي من اليمن ومتحكم فيه، فقامت ثورة سبتمبر 1962، وتباينت مواقف الإقليم والدول العربية؛

 فكانت المملكة مع الملكيين، وكانت مصر مع الثورة وانتصرت الثورة؛ واليوم مصر والمملكة في خندق واحد، واليوم يحاول أولئك الملكيّن السيطرة والتحكم بالشمال  كحد أدنى من جديد، فإن استطاعوا فباليمن كله فذلك هدف بالنسبة لهم، بل وغايتهم النهائية السيطرة على الجزيرة العرية كلها، ويسعون لفعل ذلك بدعم كامل من إيران وأذرعها في المنطقة العربية، فالسلام معهم مستحيل من دون هزيمتهم هزيمة عسكرية من قبل الشرعية والتحالف، أو من دون قوة قاهرة تدخل على الأرض _ دولية أقصد_  فسيسلمون لها  مجبرين، فسيستمرون في غيهم وغرورهم واعتداءاتهم!.. يتبع..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي