محمد عبدالملك || ماذا تعني الهجرة النبوية لنا؟

كتب
الاثنين ، ٠٩ أغسطس ٢٠٢١ الساعة ٠٦:٢٤ مساءً

في كل عام تحل علينا ذكرى هجرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- لنأخذ منها الدروس والعِبر، وتطبيق ذلك في واقعنا والاستفادة منها. من دروس الهجرة 

-التخطيط

-الأخذ بالأسباب 

-البذل والتضحية 

-التوكل على الله

-إيجاد مكان آمن للانطلاق. 

فعندما اشتد أذى قريش للرسول وأصحابه في مكة، ووصل الأمر بقادة قريش إلى التخطيط لاغتيال الرسول وقتله، والشروع في ذلك، هاجر النبي وصاحبه أبو بكر إلى المدينة، لكن بعد أن أرسل سفيرا له إلى هناك، ليمهد ويطبع الأوضاع فيها، لتكون منطلقا لدعوته، وجهاده من أجل الحرية والكرامة واستعادة بلادهم وديارهم.

وبعد أن تحقق الهدف في كسب قلوب أهالي المدينة إلى صف النبي -صلى الله عليه وسلم-، هاجر هو وصاحبه أبوبكر، فخرج أهالي المدينة جميعا لاستقباله، وسط ترحيب مجتمعي منقطع النظير. 

فعمل، منذ الوهلة الأولى لوصوله، على بناء المسجد ليضمن ويؤسس لقيادة ومرجع واحد، يعمل الجميع تحت مظلته.

وبدأ بتوحيد الصف، وبناء قوة لمواجهة قريش، والعودة إلى مكة التي تركوها تحت وطئة الظلم والقهر والترهيب. وتوالت الهجرات من مكة إلى المدينة، فآخى الرسول بين المهاجرين الوافدين من مكة وبين الأنصار أهالي المدينة المنورة. 

وما هي إلا سنوات، حتى استطاع النبي بناء مجتمع متماسك، وجيش قوي، لم تستطع قريش مواجهته، لا بالقوة العسكرية ولا بحرب الشائعات ولا بالتحالفات..

وحاولت مرارا وتكرارا القضاء عليه في عدة جولات وعدة محاولات، فباءت كلها بالفشل، ومنت بشر هزيمة. ونحن اليوم نعيش ذكرى الهجرة النبوية وسط ظلم وقهر وتهجير من قبل مليشيا الحوثي، للأسف الشديد، لم نتعلم الدروس، التي نكررها في كل عام، من الهجرة النبوية، لأننا انحرفنا عن الأهداف والمسار: من توحيد الصف تحت راية وقيادة واحدة إلى وجهات وأطرف شتى، ومن العمل على المصلحة العامة إلى المصلحة الخاصة، وهذا ما جعل الوضع ينحدر إلى الأسوأ، وأعطى مبررات لأطراف أخرى للبحث عن مصالحها الخاصة على حساب المصلحة العامة، بعيدا عن المسار الصحيح.

في ذكرى الهجرة النبوية، على كل المهجرين والمشردين والمقهورين والمظلومين أن يوحّدوا القيادة ويعملوا تحت راية واحدة، ويبدأوا العمل، لتوحيد الصف وتوحيد الكلمة والرؤى، إذا كانوا يبحثون فعلا عن الخلاص، ولتكن عيونهم على عاصمة بلادهم التي هجِّروا منها، والعمل على استعادتها.. وبدون ذلك، ستتمكن المليشيات من إحكام السيطرة على الدولة، لأنها تعمل تحت قيادة واحدة في ظل تواطؤ إقليمي وعالمي، وستتوغل في أمور ومصالح الناس أكثر فأكثر. 

والخلاصة هي: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اتصف بصفات الداعيّة والقائد الناجح، فكان في مقدمة الناس، ولم يبحث عن مصالحه الشخصية ومصالح أسرته، بل عمل على المصلحة العامة للناس جميعا، وضحى في سبيل ذلك بكل ما يملك.

فاتصف بقوّة العقيدة؛ من أجل تثبيتها في قُلوب الناس، والشجاعة؛ لدعوة الناس إلى الإسلام بعزيمةٍ من غير خوفٍ أو فزع، والتعامل مع المواقف بِهُدوء. وقد صبر وتحمّل الأذى؛ كل ذاك لاستيعاب المعارضين وآرائهم وأذاهم. وكان كريما، مما جعل الناس يتقربون منه، ويحبونه، وينقادون تحت رايته، وبذلك تهاوت قريش واندحرت وعاد عليه الصلاة والسلام إلى مكة فاتحا منتصرا، وعاد معه المظلومون والمقهورون والمشردون إلى ديارهم مرفوعي الرؤوس. 

باختصار: تعني الهجرة النبوية لنا كيف نعود إلى ديارنا مرفوعي الرؤوس بعد أن نستعيد كرامتنا وحريتنا وعاصمتنا..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي