خواطر رمضانية"(27).. بنو إسرائيل في القـرآن

د. علي العسلي
الأحد ، ٠٩ مايو ٢٠٢١ الساعة ١١:٠١ مساءً

لو تأملنا الحكمة من تكرار موسى عليه السلام في القرءان وبني إسرائيل ونحن أمة تتعبد وتتلو القرءان في صلواها وفي رمضانها وكلما وجدت وقتا فإنها تعطيه لقراءة القرءان الكريم؛ كلما تأملنا أدركنا أن التطبيع ـــــ وعجبي! للمطبعين والمهرولين! ــــ هو بالضد مما جاء في قرأننا، فالقرآن أورد قصة بني إسرائيل وعدواتهم لكل دين، ونكثهم للعهود والمواثيق، وقتلهم للأنبياء.. فحقيقة بني صهيون (بني إسرائيل) وردت في القرءان الكريم؛ واليوم سنقف مع قصة بني إسرائيل..  منهم بنو إسرائيل؟!؛ بنو إسرائيل هم اثنا عشر أي السباقون في التسمية قولا ومضمونا ((الاثنا عشرية))..

((بنو إسرائيل)) هو مصطلح يطلق على أبناء يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم وعددهم اثنا عشر ذكرا وبنتا واحدة على ما هو آت: ((يوسف وبنيامين ـــ وأمهما: راحيل بنت لابان وهي ابنة خال يعقوب ــ روبين (وهو أكبر أبنائه)، ويهودا، ولاوي، وشمعون، وزبولون، وياساكر، ((وبنتاً واحدة اسمها دينا)) ـــ وأمهم: ليا أخت راحيل ـــ، ودان، ونفتالي ـــ وأمهما: بيلها ـــ،  جاد، وعشير ـــ وأمهما: زيلفا ــ .. وبحسب النص التوراتي فكلمة إسرائيل معناها "الذي يجاهد مع الله" باللغة العبرية؛ وما أكثر المجاهدين! ايامنا في العربية والفارسية.. عرفنا إسرائيل إذاً؛ وتعرفنا على أولاده بحسب كتب التاريخ والمصادر؛ لكن لماذا خاطَبهم الله بهذا الاسم؟ بعض التفاسير تشير إلى إن ((إسرائيل)) هو نبي الله يعقوب، ويُناديهم الله بأبيهم؛ غير أن اليهود لا يعتبرون اليهودي يهودي إلا إذا كانت أمه يهودية؟!؛ أعرفتم الآن المعادلة!؛ يبين لنا القرءان مدى الفرق بين الأب الصالح المطيع لله، المتبع للحق، بينما بنوه المعتدين وغير الصالحين وغير المطيعين لله، أما هو الدليل على أن إسرائيل هو يعقوب، والدليل على ذلك ما رواه ابن عباس قال: حضرتْ عِصابة مِن اليهود نبيَّ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال لهم: ((هل تعلمون أنَّ "إسرائيل" يعقوب؟))، قالوا: اللهم نعم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((اللهم اشهد))، وقال ابن عباس: إن إسرائيل كقولك: "عبد الله".

ويتضح بأن كلمة إسرائيل وردت في القرآن الكريم 43 مرة ، منها 41 آية مضافة إلى كلمة بنى أى «بنى إسرائيل» وفى 3 آيات جاءت كلمة إسرائيل مفردة «إسرائيل»..؛ إن كلمة إسرائيل في القرآن الكريم لا تعني مطلقا دويلة "الكيان الصهيوني" إسرائيل التي تشكلت بعد اغتصاب واحتلال ارض فلسطين في العام 1948، ولكن كلمة إسرائيل في القرآن الكريم تعنى نبي الله يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ويطلق عليه اسم إسرائيل بالعبري، وكلمة إسرائيل مكوّنة من «اسرى»، أي عبد، إضافة إلى « ئل»، ومعناها إله، أي أن نبي الله إسرائيل (يعقوب) هو عبد الله. أما اليهود الذين يعيشون بيننا الآن في جميع أنحاء العالم ثم تجمعوا على أرض فلسطين في دولة أطلقوا عليها اسم «إسرائيل» فهم من سلالة «يهوذا»، وهو أحد أبناء سيدنا إسرائيل (يعقوب) الاثني عشر.. أي أن اليهود ليس كلهم بنى إسرائيل، ولكنهم بنى يهوذا..  إن في آيات القرآن الكريم، ما يلفت النَّظَر حقا عند الحديث عن اليهود أو "بني إسرائيل"، بتلكم الآيات الكثيرة، ولدرجة أن أحدًا لم يُذكَر في كتاب الله لا مِن الأنبياء ولا مِن المُرسَلين ولا من الملائكة المقرَّبين، كما ذُكر موسى - عليه السلام - في كتاب الله، فقد ذُكر نحو مائة وثلاثين مرةً، كما أن قصة بني إسرائيل تكرَّرت في القرآن الكريم كما لم تتكرَّر قصة أخرى عن الأمم الأولى، عن الأقوام الذين تلقَّوا الوحْي واستمَعوا إليه، ولا شك أن لهذه المرات من أسباب ودلالات ومعاني وعبر وعظة؛ ومن حكمة قصَد إليها الشارعُ الحكيم. 

 والعبرة تكرر مواضع قصة بني إسرائيل في القرءان كثيرة منها: " أن الله - جل شأنه - يختبر العباد بالرفعة والوضاعة، يختبر بالخوف والآمن، يختبر بالثروة وبالفقر، يختبر بالزلزلة والتمكين" فجاء القص لبني إسرائيل في تجسيد هذه المشاهد الحقيقية عن بني إسرائيل وليس من باب التسلية ـــ حاشاه وكلاــ؛ بل توعيةً للمسلمين وللإنسانية جمعاء بنفسية بنو إسرائيل وعقليتهم في التفكير وتصرفاتهم الخارجة دوما عن قواعد السلوك الفطري الإنساني السليم.. نحن نقرأ تاريخ إسرائيل ليس من حماس المعادية لهم ،إنما وحياً معصوما من الاهواء او الاستهداف نتلوه في صلواتنا وفي مجالس (ذكرنا)  ليُذكّرنا بأن أغلب اليهود سمتهم العداوة للمؤمنين وللشعوب وللأديان والجنس البشري الأخرين غير سلالتهم حتى أن بينهم بين يوضح القرءان أنهم مختلفين كما سيأتي معنا في هذه الخاطرة.. والقران الكريم يعرض لنا أن اليهود وبنو إسرائيل صِنفان؛ صنف مؤمن صالح، وصنف ظالم عاصي (فاسق) فمدح القرءان الصالح وذم الفاسق العاصي، وفي هذا نفي تام لاعتبار اليهود "جنساً" او "قوما" يقبل بأكمله ولا تفريق بينهم. ويعرض لنا القرءان أن الغالبية العظمى من بني إسرائيل يميلون إلى الكفر والعصيان. ذكر القرءان عددًا مِن سلوكيات وأخلاق الفئة الكافرة والعاصية والتي من اهم صفاتها كما ورد في القرءان: ــ شدة العداوة للمؤمنين. _ قتْل الأنبياء والرسل. _ تحريف التوراة وتزييف كلام الله والافتراء عليه.  _ اتخاذ (عبادة العجل) الآلهة والوقوع في الشرك. _ نشْر الفِتنة والفَساد.  _ الغيرة والحسد وعدم حبِّ الخَير للمؤمنين. _ نقْض المواثيق والعهود.  _ الاستِهزاء بالدِّين وشَعائره. _ أكْل الرِّبا والمال الحرام. _   قَسوَة القلب. _ الجبن وحبُّ الدُّنيا. _ وحدتهم ظاهِرية وحقيقتُهم اختلاف. _ الذلة والمسكنة. هكذا هي العبر من التاريخ.. القرءان يسطر ذلك ويعلماننا أن الحياة صفحات مُتتابِعة، يُطوى منها اليوم ما يُطوى، ويُنشر منها غدًا ما يُنشَر!

لقد نبهنا لقرءان أن الصراع مع اليهود هو صراع مستمر وغير قابل للتطبيع لأن عداوتهم بالأصل دائمة. ولقد نبهنا الله كذلك ان اليهود لهم فسادان يؤديان إلى علو كبير ومن علوهم هذا سيحدث ضرر وأذى عارض حتى لا نستسلم ونسلم ونطبع وننبطح، وليكن بوعينا أن أي تطور بفعل فساد، لا شك هو إلى ((زوال)) قصر الوقت أم طال والنصر حليف المؤمنين الصادقين المصلحين وغير المفسدين ..؛ قال تعالى:﴿ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 7].,اللهم انصر اهل الرباط على عدوهم وعدوك في فلسطين.. واخز اللهم المطبعين من أمة العرب والإسلام.. آمين اللهم آمين.. اللهم انصر المنتفضين من اجل الأقصى من اجل فلسطين..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي