قراءة أولية في تقرير فريق "الخبراء" المعني باليمن ..!

د. علي العسلي
الجمعة ، ٠٥ فبراير ٢٠٢١ الساعة ١١:٣٠ مساءً

 "الحلقة الأولى" اطلعت على التقرير ووجدت فيه عديد من القضايا تحتاج لتنبيه الشرعية وتحتاج من فريق الخبراء المراجعة و التدقيق والتصويب.. وسأبدأ بتوطئة التقرير المرسل إلى رئيس مجلس الأمن الدولي؟؛ لقد أرسلت المنسقة (   داكشيني روانتيكا غوناراتني)  وفريق الخبراء المعني باليمن رسالة مؤرخة بــــ 27 كانون الثاني /يناير 2020 موجهة إلى رئيس مجلس الأمن من فريق الخبراء المعني باليمن .... وفي المستهل قال الفريق.. "يتشـرف أعضاء فريق الخبراء المعني باليمن بأن يحيلوا طية التقرير النهائي للفريق، الذي أعد وفقا للفقـــــرة 6 من القـــــرار 2456 (2019). وقد قُدّم التقرير إلى لجنة مجلس الأمن المنشأة عملا بالقرار 2140 (2014) في 27كانون الأول/ديسمبر 2019 ونظرت فيه اللجنة في   10كانون الثاني /يناير 2020.  وختم الفريق مستهله "سنكون ممتنين لو تفضلتم باطلاع أعضاء مجلس الأمن على هذه الرسالة والتقرير واصدارهما وثيقة من وثائق المجلس.." لهذا ها انا ذا اكتب وأنبه الحكومة الشرعية، بأنه ينبغي أن يراجع التقرير قبل اعتماده وثيقة من وثائق مجلس الأمن؛ فلو لم يعترض او يبدي أحدا بالملاحظات الجوهرية عليه فسيعتمد وكأنه وثيقة بما فيه من أخطاء منهجية، ومن استخدام لمصطلحات ومفاهيم ربما تكون بالمخالفة لتلك المستخدمة في قرارات وادبيات مجلس الأمن حول الحالة اليمنية..؛ 

 

و ما إلى ما هنالك من قضايا تحتاج للوقوف عندها كثيرا من المعنين والمحللين والخبراء اليمنين والمهتمين بالشأن اليمني...! كنت أود أن اكتب مقالا حول بعض الملاحظات الشكلية على التقرير واكتفي بذلك؛  لكن بمجرد أن بدأت قراءة الموجز واعلق على سطوره الأولى وجدت نفسي بالصفحة الثانية من الطباعة، وانا فقط في السطر السادس من الموجز؛ فقررت ألا اخوض في متن التقرير حتى ادلي بدلوي في الموجز الذي يعد ملخص للتقرير وفيه موقف فريق لجنة الخبراء بشكل صريح لعل ذلك يعفيني عن الاستمرار في متن التقرير..!؛ وبما أن فريق الخبراء ليسوا  "هواة" ،وليسوا فقط  "باحثون" لتشخيص الوضع القائم ، إنما هم فوق ذلك لهم صفة رسمية  استنادا للفقـــــرة 6 من القـــــرار 2456 (2019 ). فلا ينبغي و الحال كذلك تجاهل ما أتوا به في تقريرهم، بل التمحيص والوقوف بكل جدية وتفنيد ما يمكن تفنيده وإقرار ما هو حقيقي والبناء عليه ليشمل باقي القضايا في المحور المثار من قبل الفريق ،لابد من الاهتمام بتفصيل تفصيلاته..!؛

 

سأذهب الآن في الحلقة الأولى لمناقشة بعض السطور الأولى، ومن بعدها حيثما يتطلب الأمر ذلك .. فيقــول الســطــر الأول: " بعد مرور أكثر من خمس سنوات على اندلاع النزاع، لا تزال الازمة الإنسانية مستمرة في اليمن. " الكل يدندن على الإنسانية التي تفضح كل دُعاتها في اليمن، فاليمن يعيش كل يوم الفقر، وهو في اسوء حالاته، وهو في ذيل قائمة الدول في كل شيء، وطبيعي أن الحروب تبقي الازمة الإنسانية مستمرة، ولذلك نرى دائما أن الحل الأسلم هو انهاء الانقلاب واستعادة الدولة ثم الانخراط في العملية السياسية وفقا لنتائج مخرجات الحوار الوطني الموقع عليه من كل المكونات اليمنية بما فيهم المنقلبين على نتائجه.. التقرير في سطره الأول علل أن سبب استمرار الازمة الإنسانية هو اندلاع نزاع و يا ليته قال "مسلح"، سماه "نزاعاً".. ولم يشر الموجز الى أن هذا النزاع هو انقلاب الحوثين على مؤسسات الدولة والتمدد بفعل استخدام السلاح، ومن أن ذلك قد حصل قبل سبع سنوات، عندما قام الحوثيون بالدخول الى العاصمة صنعاء والاستيلاء على المعسكرات والمؤسسات وحاصروا الرئيس الشرعي وتمددوا لباقي المحافظات، وقاموا بالحرب على اليمنين في الوقت الذي كان في صعدة مبعوث الأمم المتحدة جمال بن عمر في ذلك اليوم الأسود الواحد والعشرين من سبتمبر 2014..؛ 

 

ثم أنتقل معكم  إلى الاسطر الثلاثة التالية في موجز التقرير..  " ويشهد البلد نزاعات كثيرة تترابط فيما بينها ولم يعد ممكنا الفصل بينها بتقسيم واضح يميز بين الجهات الفاعلة الخارجية والداخلية والاحداث. وطوال عام 2019 لم يحرز الحوثيون وحكومة اليمن سوى تقدم ضئيل نحو التوصل إلى تسوية سياسية أو تحقيق انتصار عسكري حاسم."  .. أهذا موجز لتقرير يريد صانعوه أن يكون وثيقة من وثائق مجلس الأمن ..؟!؛ وهو في اسطره الأولى يناقض بعضه بعضا، ويُكيّف الواقع بغير مقتضى القرارات الدولية، فهو يوصف ما يجري باليمن "نزاعاً" وكأنه حرب داخلية ، ثم يعتم الصورة على المتلقي، وكأن الموضوع متداخل ومتشابك ومعقد وصعب فكفكته ،بل وغير واضح تدخل الجهات الخارجية  ولا تحديد الاطراف الداخلية ولا وصف الاحداث وتسلسلها .. يا سبحان الله لم يعد ممكنا " الفصل بينها " شبه غامض أليس كذلك ...؟!؛ 

 

والله انه انتم الذين  لم نعد نميز في تقريركم  "المهنية والعلمية والحيادية "..  أيها الخبراء الحلال بين والحرام بين، هناك وضوح تام لا يحتاج إلى تعقيدكم فالحق والباطل واضحان، فالحق أن شرعية جاءت وفقا للمبادرة الخليجية وتم انتخاب رئيسا ، وأن الحوثة انقلابين ،جماعة مسلحة أتت من كهوف مران بعد ان حاربتهم الدولة (6) حروب كمتمردين قبل انقلابهم ،ومن أنهم مصممون على اخذ السلطة بقوة السلاح بحجة أن لهم "الأحقية الالهية" بالحكم..!؛  أبعد هذا كله غير واضح الحال يا فريق الخبراء..؟!؛ والله ان القضية واضحة كوضوح الشمس، بعد أن كانت في سنوات الحربة الستة  واضحة كوضوح الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر .. ثم يصف الموجز واقع حال 2019 ويسمي الطرفين وليس الأطراف وهما "الحوثيون" و "حكومة اليمن"؛.. اذاً هو صراع واضح مميز بين حكومة شرعية سماها و اقرها التقرير بحكومة اليمن وبين الحوثين المنقلبون والذي لم يقرر التقرير انقلابهم ولا المطالبة لهم بالعدول عن انقلابهم غير القانوني وغير الدستوري وغير الثوري حتى فلو كانوا ثوار لساندهم الشعب اليمني كله ولتنصروا وحكموا ولما احتجنا لتقرير الخبراء هذا، وفي نظري ان هناك انتهاك صريح من قبل الخبراء الدوليين لمصطلحات ومفاهيم مجلس الأمن حول حرب الحوثين على الشعب بُعيد انقلابهم في العاصمة صنعاء وتمددهم لباقي المحافظات بعد سبتمبر 2014 ، و كما اعتقد أنه التقرير كُتب بلغة مخالفة للغة القرارات الدولية من مجلس الأمن ذات الصلة بالحالة اليمنية، ومع ذلك يريدون تبني تقريرهم  كوثيقة من وثائق المجلس..!؛

.. أقر التقرير أن التسوية السياسية غير ممكنه بالاستناد على حجم التوصل الضئيل إلى تسوية سياسية في العام 2019 بين حكومة اليمن "الشرعية" والحوثين "الانقلابين كما نحن والمجتمع الدولي نسميهم".. هذا الإحباط لدى فريق لجنة الخبراء يؤكد أن الحوار والتفاوض السياسي مع هذه الجماعة غير مجدي..؛ فقد كانت نسبته ضئيلة وتكاد لا تذكر في العام 2019؛ فما بالكم بالسنوات التي سبقت هذه السنة!؛ ثم أن الاحباط قد وصل ذروته بعد "أو" العطف عطفوا أن الطرفين (الشرعية والحوثيون) لم يحرز أي منهم سوى تقدم ضئيل نحو تحقيق انتصار عسكري حاسم. ((أو تحقيق انتصار عسكري حاسم.)) وكأنهم يقولون لو تم الحسم عسكريا من قبل الحوثين لانتهت المشكلة، والعكس كذلك صحيح...!؛ وهذا الاستنتاج خطير جدا بل يُعد تحريضاً على استمرار الحرب والقتل من قبل فريق دولي يفترض انه ينشد السلام ويطالب الأطراف بالجنوح نحو السلام والحل السياسي ..!؛ هناك فقرة أخرى في موجز التقرير:  " وعلى غرار عام 2018 ظلت الأطراف المتحاربة تمارس الحرب الاقتصادية والأدوات المالية كأسلحة للحيلولة دون وصول الأموال أو المواد إلى المعارضين. ويعد التربح من النزاع امرا مستحكماً" .. هذا التعميم مخل بتقرير دولي .. فالأطراف جمع "طرف" والمعلوم ان الذين يتحاربون الآن هما: " الحوثة ومن ورائهم طبعاً الإيرانيون وحزب الله اللبناني وصواريخ ايران ليست عن فريق لجنة الخبراء ببعيد فقد وصلت للرياض ولمأرب ولمطار عدن"، هذا من جهة ،ومن الجهة الأخرى "الشرعية ومن ورائهم التحالف العربي المفوض من مجلس الأمن " لم يقول ذلك في الموجز ولربما قاله في المتن لنرى؟!؛، فلو سايرنا  التقرير واقرينا ان هناك اطراف كثيرة تتحارب باليمن ،كان عليه ان يبينها ويسميها، ومن تتبع ؟؛ لكن الحقيقة الثابتة المعروفة لدى الجميع فعلا من انه لم يتم تحييد الوظيفة العامة والبنك المركزي !؛ ولكن من قبل من ؟!؛ 

 

فمن  الذي استخدم الاقتصاد والأدوات المالية  في حرب كسلاح..؟؛ فلا يمكن إلا أن تكون قد استخدمت من واحد  من الطرفين حصرا أو من الطرفين معاً؛ ولكن بنسب، وكان على من اعد التقرير ان يزودنا بنسب إن كان استنتاج الخبراء هما الطرفين، وكان عليهم أن يدللوا ببعض الأمثلة والحقائق ،ولكن الخبراء ختموا الفقرة "كأسلحة للحيلولة دون وصول الأموال او المواد إلى المعارضين" ..؛ وفي هذا تجني متعمد على الشرعية و تضليل للرأي العام، فالشرعية بعد ان رأت ان البنك المركزي قد نهب واعلن افلاسه واعلن الحوثيون التبرع له قامت بنقله لعدن ، وتعهدت بدفع الرواتب لكل الموظفين ووافق لها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والعالم باسره وعندما بدأ البنك يمارس عمله من عدن دفع شهر 12  من العام 2016  لكل موظفي الدولة اليمنية ،وعندما اتخذ الحوثة إجراءات بمنع تداول العملة المطبوعة في مناطق سيطرتهم وكانت الشرعية قد بدأت وانتظمت بدفع نصف الرواتب ولفترة تسعة اشهر  بشكل منتظم لبعض الجهات من موظفي الدولة  في مناطق سيطرة الحوثة وكذلك دع رواتب المتقاعدين المستمرة، وقام البنك المركزي بتوفير العملات الصعبة لشراء السلع  الأساسية من الغذاء من الوديعة السعودية لكل اليمنين والتي اثبت التقرير في مكان اخر من أتهم، أي الشرعية بنهجها استراتيجية تمويل الغذاء بالاستراتيجية المدمرة ،واعتبر التقرير ما قام به البنك المركزي بغسيل الأموال وتركوا الحوثة ولعبهم ، واستيلائهم على المؤسسات الإرادية والأموال المنقولة وغير المنقولة واحتفاظهم بالسيولة  النقدية التي كانت موجودة لدى البنك المركزي بصنعاء واستخدامها وحتى التالفة منها ، فقد استخدموا موارد ميناء الحديدة في تمويل حربهم العبثية ،واستخدموا موارد الاتصالات وشركات الادوية وكثير من المؤسسات الإرادية، ثم اختلقوا فوارق الأسعار كرسوم تحويلات... الخ، ولم يدفعوا رواتب الا لمشرفيهم والموالين لهم من بعظ موظفي الدولة، بينما كان ينبغي على الخبراء الإشارة لذلك من باب الانصاف .. أختم.. انا لا زلت في الستة الاسطر الأولى من موجز التقرير بالعربي والمنشور في جوجل   .. يتبع

الحجر الصحفي في زمن الحوثي