سبتمبر "الشعب" الثورة.. وسبتمبر "الانقلاب" النكبة..!

د. علي العسلي
السبت ، ٢٦ سبتمبر ٢٠٢٠ الساعة ١٢:٢٠ مساءً

 

سبتمبر الشعب كان ثورة  في السادس والعشرين ١٩٦٢؛ وسبتمبر الانقلاب كان نكبة  في الواحد والعشرين من عام ٢٠١٤ .. سبتمبر الشعب  كان إيذانا بمرحلة جديدة في مختلف الأفاق وكان الفن احد ابرز تلك المظاهر التي انتعشت لتواكب مسيرة الثورة والنضال و النهضة والبناء.. الأناشيد والأغاني الوطنية الخالصة التي عظمت  الوطن وسبتمبر الثورة رفقت مسيرة الثورة الظافرة.. نعم! " حزمة فنية في غاية الأهمية والمعاني والدلالات" فمنها على سبيل المثال لا الحصر: "اهلا بعيد اليمن،  انت يا أيلول فجري، دمت يا سبتمبر  التحرير، انا الثائر الحر رمز النضال، يا سماوات بلادي باركنا، الوحدة الكبرى، حماة الوطن، انا الشعب، هذه يومي، ثورة اليمن السعيد، نحن الشباب، انا يمني، اليوم يا تاريخ قف، هذه ارضى وهذا وطني، شموخ وطن يا فرح يا سلا، جمهورية ومن قرح يقرح، قسما بالله وبالثورة، توقدي توقدي مشاعل  الفخار، ..!!؛ 

أما سبتمبر الانقلاب حاول طمس الاناشيد والاغاني الوطنية واتجه لإنتاج شيء مخالف من لونه هو ولون مقاتليه!؛ انتج  الزامل، فقد نجح إلى حد ما باستقطاب بعض  القبائل التي  تحب هذا اللون من الفن؛ وبه تم استدراج أبنائهم للقتال في صفوف الحركة الحوثية  الانقلابية، وذلك بغرض التحشيد للموت وليس للحياة؛ فمنذ حربهم الأولى على الدولة، برز عدد من الشعراء الموالين للجماعة الحوثية ليقدموا مختلف القصائد التي تمجد زعيم الحركة الحوثية ومن سار على نهجه؛ ويلجأ الحوثيون إلى إنتاج الزوامل عند ما يتعرض مقاتليهم للانتكاسات والهزائم؛ أو عندما يتمرد شيوخ القبائل على مشرفيهم، فيستميل الحوثيون القبائل بزوامل تثير العواطف..!؛  ثورة الشعب اصيلة عمرها ثمانية وخمسين عاماً، بينما سبتمبر الانقلاب عمره ست سنوات وإلى زوال بمقاومة أغلب  اليمانيون الذين يتصدون لعودة الإمامة بكل ما أوتوا من قوة وإرادة ووعي ، ولم يؤثر على الشعب لا "الترغيب" ولا" الترهيب" وباتوا في رمقهم الآخير وسينتهي الانقلاب لا محالة، وسيعود الشعب يتغنى بثورتيه سبتمبر واكتوبر المجيدتين؛  وسيحتفل بإنجازاته ويصحح اختلالاته التي رافقت السنوات العجاف السابقة..!؛ سبتمبر الشعب قام من أجل : ﺍﻟﺘﺤﺮﺭ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﺒﺪﺍﺩ ﻭﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭ ﻭﻣﺨﻠﻔﺎﺗﻬﺎ ﻭﺇﻗﺎﻣﺔ ﺣﻜﻢ ﺟﻤﻬﻮﺭﻱ ﻋﺎﺩﻝ ﻭﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﻔﻮﺍﺭﻕ ﻭﺍﻻﻣﺘﻴﺎﺯﺍﺕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺒﻘﺎﺕ.. بينما سبتمبر الانقلاب جاء لمحاولة اعادة عجلة التاريخ إلى الوراء؛ جاء هذا الدّعي يدّعي أن الحكم له ولسلالته رباني، جاء للعمل على إذكاء الفتنة والكراهية والتعصب والتميز بين مواطني الدولة بين "زنبيل" و" قنديل"..؛

 سبتمبر الشعب جاء لبناء  ﺟﻴﺶ ﻭﻃﻨﻲ ﻗﻮﻱ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﺒﻼﺩ ﻭﺣﺮﺍﺳﺔ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﻭﻣﻜﺎﺳﺒﻬﺎ.. الله لو كان هذا الهدف قد تحقق لما حدث الانقلاب ولما تبخر جيش حماية الأسرة الذي للأسف بني لحماية النظام وليس حماية الثورة ومكتسباتها.. الله كم نحن فعلا محتاجين لتحقيق هذا الهدف السبتمبري الهام، بينما سبتمبر الانقلاب جاء بعصابات فسُلم له المعسكرات  ودخلها وعبث بمقدراتها وقام بإهانة أفراد  الجيش وأعطى رتبهم لمقاوتته، وأثر تأثيرا كبيرا في مؤسسة الجيش وتراتبياته العسكرية، فمُنح المشاط وهو مدني أعلى الرتب، وقلد قاطع طريق" أبو على الحاكم" أهم مؤسسة هي الاستخبارات العسكرية، وهكذا كل المشرفين الموالين لسيدهم هم من يتحكمون بكتائب الجيش وقرار الحرب دون اعتبار للاستراتيجيات العسكرية فدفعوا بأبناء القبائل لمحرقة الموت فلم تعد الأرض تكفيهم لقبر مقاتليهم فاستولوا مؤخرا على خلفية دار الحمد التاريخي لتشييد مقابرهم ..!؛ سبتمبر الشعب جاء لرفع مستوى ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺇﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺎً ﻭﺇﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺎً ﻭﺳﻴﺎﺳﻴﺎً ﻭﺛﻘﺎﻓﻴﺎً . سبتمبر الانقلاب جاء لتعميم الفقر  ومصادرة أرزاق العباد وجعل مستوى الشعب بالحضيض أمنيا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا، جاء لضرب النسيج الوطني بالصميم، جاء لتجفيف عروق السياسة من الوريد إلى الوريد، جاء لتحويل اكشاك المعرفة لبيع الشكالات والعصير.!؛  

سبتمبر الشعب جاء لإنشاء ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺩﻳﻤﻘﺮﺍﻃﻲ ﺗﻌﺎﻭﻧﻲ ﻋﺎﺩﻝ ﻣﺴﺘﻤﺪ ﺃﻧﻈﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﺭﻭﺡ ﺍﻻﺳﻼﻡ ﺍﻟﺤﻨﻴﻒ .سبتمبر الانقلاب جاء لتكريس حكم الفرد واستعباد المواطنين، جاء من أجل تجميع مجتمع السادة وجعلهم أسياد على الشعب، جاء لجعل الحكم مستمد انظمته من ولاية الفقيه، جاء لإجبار الشعب على القتال في الجبهات كي يحكم  هو هذا الشعب وغصبا ما عليه.!؛  سبتمبر الشعب جاء للعمل ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻕ ﺍﻟﻮﺣﺪﺓ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﺸﺎﻣﻠﺔ، بينما سبتمبر الانقلاب جاء وقبل بتقسيم اليمن واكتفى بانقلابه بأخذ اجزاء من  شطره الأخر وشجع الانفصالي في الطرف الأخر على الاقتداء به، ويعملون على دعمه للانفصال، جاء إذاً  لتمزيق الوحدة الوطنية والارتماء في أحضان إيران ضد الأمة العربية والقبول بالعمل كأذرع لإيران في المنطقة..!؛

 سبتمبر الشعب جاء من أجل ﺇﺣﺘﺮﺍﻡ ﻣﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻻﻣﻢ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻭﺍﻟﻤﻨﻈﻤﺎﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻤﺒﺪﺃ ﺍﻟﺤﻴﺎﺩ ﺍﻻﻳﺠﺎﺑﻲ ﻭﻋﺪﻡ ﺍﻻﻧﺤﻴﺎﺯ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻭﺗﺪﻋﻴﻢ ﻣﺒﺪﺃ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﺍﻟﺴﻠﻤﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﻣﻢ، بينما سبتمبر الانقلاب  جاء للتمرد على الشرعية المحلية والدولية، جاء ليتحدى العالم وبجلب الضرر لليمنين من نزواته وغروره وتنمره واعتدائه على دول الجوار ، فحاكم رئيس إمريكا وأصدر بحقه الإعدام وهو يعلم أن حكمه لا يساوي الحبر الذي كتب به، جاء ليضلل الشعب بصرخاته المفتعلة "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، والنصر للإسلام " ولم يجني من هذه الصرخة سوى  الموت واللعن والبؤس لليمنين، ولم يجلبوا للإسلام بشعارهم هذا سوى الضحك من العالم  عليهم وهم يلطمون خدودهم يقطعون وجوههم ويسيلون دمائهم، أما التطبيع مع اليهود فهم  اول المطبعين، بل هم أول من يحاول التأصيل بأن اليمن يهودية  وبأنها موطن اليهود وعلى لسان رئيس وزرائهم " بن حبتور" ؛ حيث أشاد بباحث عراقي سيء الصيت  زعم أن اليمن أرض إسرائيلية وصنعاء عاصمتها. (اليمن أرض إسرائيل التوراتية التاريخية) وصنعاء هي (اورشاليم) عاصمة مملكة اسرائيل..، 

و جاء سبتمبر الانقلاب لزعزعة المنطقة  وتعريض الأمن والسلم الدوليين للخطر المؤكد؛ جاء لرفض التعايش مع أبناء البلد فما بالكم فيما بين الأمم..!؛  ذلكم سبتمبر الشعب "الثورة" .. وسبتمبر الانقلاب الحوثي "النكبة" وشتان بين المفهومين.. وحان الوقت لكل الأحرار الجمهورين المؤمنين بثورة ٢٦سبتمبر أن يصطفوا لإنهاء  الانقلاب، وإنهاء  فكر الــ٢١ من سبتمبر "النكبة" من ذاكرة الأجيال والتوجه للبناء واعادة اعمار ما خلفته النكبة في للوطن وفي نسيجه المجتمعي.. نختم بالتحية والتهنئة للأخ رئيس الجمهورية وقيادة الشرعية ونستحثهم على مضاعفة الجهد لإنهاء الانقلاب وعودة الشرعية للوطن والعمل على تخفيف معاناة الناس فقد طال الأمد وعمّ الاحباط  ووجب مضاعفة الجهد لإعادة الوجه المشرق لسبتمبر العظيم، سبتمبر الثورة  والتحرير والجمهورية ، سبتمبر الديمقراطي المؤمن بالأخر وبالتعايش وتوقيف " اعفاط" الله عند حدهم ..!!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي