لقاء الأصالة العربية .. ولي ولي العهد ومشايخ اليمن

محمد عبدالله الصلاحي
الجمعة ، ٠٧ ابريل ٢٠١٧ الساعة ٠٥:٤٨ مساءً
 
لم يقتصر الجهد السعودي السياسي في التعامل مع الأزمة اليمنيَّة على فتح نوافذ مع الخارج، ومع الجهات والمنظمات الدولية. بل نراه يعمل بشكل أكبر في العمق اليمني حيث مركز التأثير الأكبر. ومحور رسم السياسة اليمنية، وتشكيل معالم الدولة.
 
من أوجُه هذا العمل، لقاء ولي ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان بكبار مشائخ القبائل اليمنيَّة للتباحث معهم حول مسار الحرب، وتحقيق حسمها.
 
* للقاء أهميَّة كبيرة، وتكمن أولى أهميَّته في كون مستضيف اللقاء هو شخص ولي ولي العهد، رجل العاصفة الأول، وقائد تحالفها، وصاحب كلمتها.
 
* وثاني أهميَّته تكمن في توقيته، ومكمن أهميَّة توقيته بأهميَّة المكان الذي وصلت إليه، وتُرابط فيه قوات الشرعية على مشارف صنعاء العاصمة المحتلة. 
 
* يحيط بصنعاء سِوار جبلي منيع، تسكنه قبائل شديدة البأس، وواسعة النفوذ في التاريخ اليمني السياسي، يُطلق عليها في المصطلح الشعبي «قبائل الطوق»، كونها تُطوِّق صنعاء جغرافيّاً من كل جهاتها، لذا دائماً ما تضع هذه القبائل بصمتها، وتُعطي قبولها وموافقتها لمن يحكم صنعاء، حتى يتحقَّق له هدفه في استتباب حكمه.
 
* قديماً وحديثاً، تُشكِّل القبيلة محور صناعة الدولة اليمنيَّة. فالجيش يتشكَّل بناءً على ولاءات قبليَّة، والسياسة تخضع لرغبة وسطوة قادة الجيش القبليين، والتجارة تأتي غالباً من تزاوج القبيلة مع العسكرية مع السياسة. بحيث تُصبح كل مفاتيح الحياة اليمنية تدور حول «القبيلة» ومنها تخرج.
 
* في سنوات حرب الجمهوريين والملكيين، وصل إلى مسامع الرئيس عبدالله السلال خبراً مفاده «أنَّ أمريكا اِعترفت بالجمهورية»، فردَّ متهكماً لمن أوصل له الخبر: «قل لي أرحب اِعترفت بالجمهورية أو لا»، ودلالة قوله إن كسب ولاء القبائل لتثبت الحُكم، أهم من كسب ولاء المواقف الخارجية. وأرحب هي إحدى القبائل المحيطة بصنعاء، وموقفها الحالي في صف الشرعيَّة، وخاضت حروباً كبيرة ضد الحوثيين منذُ ما قبل الانقلاب.
 
* لقاء ولي ولي العهد بمشائخ القبائل سيؤتي ثماره، وستقطف الشرعيَّة ثمرته بالتقدُّم نحو صنعاء على نحوٍ أكثر إقبالاً من سابقه. فالقبائل متحفِّزة كثيراً، زادها اللقاء وما خرج عنه أكثر إقبالاً وتحفُّزاً.
 
* أهميَّة اللقاء، وتوقيته، وقبل هذا وذاك كلمات ولي ولي العهد المختصرة والمُعبِّرة بكل وضوح عن السياسية السعودية تجاه اليمن، كل هذه عوامل سيكون لها أثرها في سرعة الحسم العسكري، وتحقيق هدفه في تحرير صنعاء، وإسقاط مشروع الانقلاب.
 
* تكمن نقطة مُهمَّة في توقيت اللقاء، فكثير من القبائل التي أيَّدت الحوثي في بداية انقلابه، باتت مؤخَّراً تشكو من تسلُّطه، وتفرُّده، وسوء معاملته لها، مُقَابِل تمكين الهاشميين كل مكامن السلطة والقوة، وهو ما يعني كسر توازن واستقرار اليمن، الذي اِعتمد طويلاً على دعم القبيلة له، إلى جوار تواجد الهاشميين أيضاً.
 
* لذا، فكبار هذه القبائل حين ينظرون إلى سوء المُنقلب الذي رافقهم، وقُبح التعامل الذي تجرَّعته قبائلهم مِمَّن ساندوه في دخول صنعاء، وبالمقابل ينظرون إلى الجانب الآخر، وحجم التعامل الكبير الذي تُوليه قيادة المملكة للقبائل المؤيِّدة للشرعية بوصفها قائدة للتحالف، سيشعرون أن موضعهم يجب أن يكون في صفِّ الشرعيَّة والتحالف، حيث الاستحقاق الوطني، والمكانة المُثلى. وهذا ما يعني سحب بساط السيطرة الحوثيَّة على صنعاء، والتعجيل بفتح أبوابها للشرعيَّة.
 
بداية النهاية
 
- الدور الكبير للمملكة في مساعدة اليمن منذُ بدايات جمهوريتها الأولى بعد الثورة، أكسبها خبرة في التعاطي مع تعقيد السياسة اليمنيَّة، ومع كل منعطف تشهده اليمن، كانت المملكة سبَّاقة في تمهيد صعوبة هذا المنعطف لتخرج منه اليمن سالمة بأقل الخسائر.
 
- هذا الدور، أعطى للمملكة مكانة في القلوب، فبات وُجودها مُرحَّباً به في اليمن، رسمياً وشعبياً. لهذا الكل يُراهن على نجاح العاصفة وتحقيق هدفها، فتكامل جهود المملكة الداعمة عسكرياً، وسياسياً، وتنموياً، مع جهود الداخل المُنفَّذة، سيصل إلى نهاية الطريق رافعاً راية النصر، وسيكون لقاء القبائل بولي ولي العهد خطوة بداية للنهاية الفعليَّة للانقلاب، والمسمار الأخير في نعشه.
 
محمد عبدالله الصلاحي - كاتب يمني 
*عكاظ
الحجر الصحفي في زمن الحوثي