ما هي مسؤولية الأحزاب..؟

عبدالكريم المدي
السبت ، ٠١ نوفمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٣:٤١ مساءً
كي ينهضَ المجتمع، يجب على أبنائه عدم التخلّي عن تضامنهم وتعايشهم الاجتماعي ، لأن التخلّي عن ذلك يعني الفوضى والحروب التي تُعدُّ ضرباً من الكفر بالحياة وتهديداً خطيراً لها، فقوانينها تؤكد أننا ـ كبشر ـ نرتبط ببعضنا البعض ونشترك مع بعضنا البعض اجتماعياً وثقافياً وعاطفياً وفكرياً وإنسانياً ومصيرياً،ومن الصعب علينا تخيل حياتنا بدون تعايش وبدون شكل وقائم اجتماعي نعيش فيه ومن خلاله ، ومن الصعب - أيضاً - على المرء أن يتصوّر الحياة وشكل وماهية المستقبل دون تركيبة اجتماعية وأعراف وقيم وقوانين وعادات وتقاليد ومصالح ولغة خطاب وتفاهمات بين الناس، فالحضارة الإنسانية تقوم، أو ترتكز - أصلاً- على الأنظمة والقوانين والوعي ، والفكر ، والعلاقات ،ولم تكن يوماً المظاهر والشكليات والشعارات هي الأساس للبناء الحضاري لأي شعب من شعوب العالم ،وبالتالي، فإن أي صراع وعنف ودمار لا يمت بصلة للحضارة الراقية والتحضُّر والوعي والقيم الإنسانية الرفيعة التي تقوم برسم مثالية السلوك والأخلاق المتّبعة في إطار المجتمع الواحد والمجتمعات الأخرى . 
 
 
وبما أن الأحزاب والقوى السياسية هي الممثل الأول لشرائح المجتمع والنابتة منه والحاملة لأحلامه وطموحاته ، فإنه يقع عليها مهمة ومسؤولية كبيرة في تمثيله التمثيل اللائق والمُعتبر، ومن ذلك محاربة الألم واليأس والفوضى والتفرقة، والصراعات الموجودة أو المتوقعة ، وليس التشريع لها، وهذه الأحزاب والقوى السياسية - أيضاً - تمتلك من المرونة والخبرة والخيارات والوسائل والمقومات ما يمكنها من تجنيب الجماهير كل المصائب والمصاعب والمآزق ، ولعل أول عنصر من ذلك هو تساميها عن الخلافات فيما بينها وتهدئة الناس وتبديد مخاوفهم والتأسيس لوطنية جديدة ومعاصرة بعيدة عن «وطنية المصالح والانتقامات، ودعوات التمزيق، والشخصنة» .. 
 
 
وتأسيساً على ما سبق ، نقول : إن الأمر الطبيعي والمفترض بالسياسيين بشكل خاص ، هو محبّة أوطانهم حدّ العبادة ، وتسخير كل ما بوسعهم من أجل هذا الحب، وفي سبيل خدمتها ونهضتها ،وعدم التواكل والعجز في فهم واقعها ومشاكل أبنائها ، ويجب عليهم - أيضاً - أن يسعوا - كما يرى المفكر الإنساني ، الفرنسي المسلم ، روجيه جارودي - إلى أن يكون لحياتهم معنى ولتاريخهم هدف ، يشارك كل فرد في اكتشاف ذلك المعنى وتحقيق ذلك الهدف، حتّى يتمكنوا من بناء مجتمع وعالم لا يقبل التجزئة ، ويحتوي في الوقت ذاته على البعدين الأعظمين «السّمو - الوحدة». 
قبل الختام ، لابد لي من الإشارة هنا بصورة عاجلة، إلى الأوضاع الصعبة والمعقّدة التي تمرّ بها بلادنا، في كل مكان تقريباً ، وعلى أكثر من مستوى،وبهذا الخصوص نعتقد أن الناس يريدون خطوات حقيقية ومسؤولة من قِبل كل الأطراف، «أنصار الله - المؤتمر الشعبي العام - التجمع اليمني للإصلاح - الحزب الإشتراكي اليمني - الناصري - الحراك - البعث - رابطة أبناء اليمن » وغيرهم ، الناس يريدون من هؤلاء الإعلان الفوري عن أسماء أعضاء الحكومة ،ومن ثم دعمها وتمكينها من ممارسة مهامها في معالجة الملفات الشائكة والبدء بتنفيذ الاستحقاقات الهامة ، والجميع مع كل خطوة وطنية سياسية جادة ، تقوم بها هذه الأطراف ،وتعمل من خلالها على تخليصهم من الفساد والتفرقة والصراع والفقر وأشباح الحروب، ومن كل أولئك الذين تلوثت أيديهم بالبطش وأرواحهم بالخيانة والحقد والجشع والإرهاب والطمع والظلم والغطرسة والتزييف والاستماتة في النهب وزرع الفتن ، وقهر الناس والاستهتار بحقوقهم وحياتهم ومستقبلهم . 
 
 
 خلاصة القول: نستطيع القول وبيقين جارف: إنه ومهما كانت الغيمة داكنة ، فهناك دائماً بصيص أمل ، فطاقة الحياة الكامنة - كما يرى الفيلسوف والشاعرالعربي الكبير ، ميخائيل نعيمة - في فكر الإنسان وقلبه وإرادته لا تعرف الحدود وهي في اندفاعها الأبدي من المجهول إلى المعلوم دون توقّف. 
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي