فساد سافر ومتبرج.. فلتغضوا البصر..!

أصيل القباطي
الثلاثاء ، ٠٣ يونيو ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٣٤ مساءً
 
حين وقف باسندوة، على منصة مجلس النواب، صارخاً "أنا قوي"، فإنه بذلك أراد الرد على من قال إنه ضعيف، وفي مناسبة أخرى قال "انا لست فاسداً وحكومتي أنظف من السابقين" كرد لمن إتهم حكومته بالفساد..
 
 أنا الآن يا معالي رئيس الوزراء لم أعد أدري، بالمعنى الحرفي لـ"لا أدري"، أوجدت هذه الحكومة لغرض "المكارحة" فحسب..؟
 
 فإن تداول الشارع جملة "لم تنجز حكومة الوفاق شيئاً"، اجابوا "أنجزنا الكثير". وان قال أحد "نعيش انفلاتاً أمنياً"، فسيأتي مصدر أمني مسئول - يرفض ذكر اسمه كونه غير مخول بالحديث - ليحدثنا عن "نجاحات أمنية".
 
 هكذا يريدون نسف الواقع الذي نعيشه، ويفرضون "بالغصب" علينا الاعتقادات التي يتصورون بها أنفسهم.
 
 لكن الحكومة لا تدرك أن كل ما يتداوله الشارع اليمني عنها عبارة عن "صرخة في واد، إن ذهبت مع الريح، فقد تذهب غداً بالأوتاد" كما قال الكواكبي في شرح طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد، وكما رددها ذات مرة باسندوة.
 ٭٭٭
 تفاجئنا، أو سأقول تفاجئت إن لم تكونوا قد تفاجئتم، باعلان رسمي عن توجه لجنة صياغة الدستور بكامل قوامها إلى جمهورية المانيا الاتحادية لغرض دراسة التجربة الألمانية والاستفادة منها.
 
 تسائلت، وهل تستدعي دراسة "التجربة الألمانية" ذهاب الفريق بأكمله باتجاه ألمانيا..؟ أعتقد أني سمعت شيئاً عن "الدراسة عن بعد"، كان بالامكان القيام بدراسة تجربة الألمان نظرياً من هنا، وما من داعِ لتوجه رتل اللجنة صوب ألمانيا فليس ثمة جانب تطبيقي في دراسة كهذه.
 
 لكن هذا يعيد الى الحسبان ملابسات إنشاء اللجنة التي لا تحوي في قوامها من الخبراء الدستوريين إلا القلة في حين أن الأغلبية الباقية لا ناقةَ لهم ولا جمل في الساحةِ الدستورية فمنهم خريج كلية "مجتمع" ومنهم امام مسجد ومنهم التربوي ... وهلم جر، وأرجو ألا تقول لي أن هؤلاء مشاركون في صياغة الدستور لينتجوا دستوراً الجمهورية اليمنية شاملاً لكل الجوانب، فما عمل ووظيفة مخرجات الحوار في حين أن الدستور عبارة عن ترجمة قانونية تشريعية لتلك المخرجات..؟
 
 لذا لا بأس أن يغادروا باتجاه ألمانيا للإلمام بالقواعد الدستورية التي يفتقرون إليها بحكم اختصاصاتهم.
 
 ويبدو "الاستجمام" غرضاً غير معلن لهذه الرحلة..
 
 لحظة ... لحظة، ومن أين أتت ميزانية هذا العمل الوطني..؟ قيل أن الدعوة أتت من ألمانيا، وهي من تحملت تكاليف الزيارة. لكن ما دامها بهذا السخاء فلما لا تكلف نفسها تقديم هذه المنحة الطائلة لتخفيف العبء القائم على الاقتصاد الوطني، لكن وما شأنها..؟ هي قدمت المبلغ واكتفت، ان صح ان هذه الزيارة قدمت كمنحة، وللجانب اليمني إدارة هذه المنحة كيفما تخدم الصالح العام. وفعلاً أداروها بالكيفية التي تخدم الصالح العام.. الصالح العام، وأنتم تعرفون في أي جيب يقع الصالح العام.
 
 إن كان الأمر يستقضي رحلةَ كهذه، لكانت زيارة رئيس اللجنة كافيةَ، وبـ"الدبل"، وكان سيتم تحويل باقي المبلغ الى الخزينة بما يساهم في مساعدة الاقتصاد، لكن يبدو أن أعضاء اللجنة وطنيون للدرجة التي جعلتهم جميعاً يتهافتون إلى ألمانيا لغرض خدمة الوطن والعمل علي نسخ "التجربة الألمانية" ولصقها على الواقع اليمني..!
 ٭٭٭
 الجانب الرسمي في اليمن يشكو للمواطن صعوبةَ وضعه. مفارقة عجيبة من مفارقات تكتظ بها هذه البلاد، شكا الجانب الرسمي التنفيذي من رئيس وحكومة مراراً للشعب الوضع الاقتصادي، ومن كثرة سماعنا لهذا التشكي صار يتردد في أذاننا طنيناً يثير القلق من تلك "الاجراءات الاقتصادية الصعبة" ومن عواقبها التي أوصى الرئيس والحكومة الشعب بتحملها لأجل "الصالح الوطني".
 
 لن يكون لنا مفر من "مصفوفة الاجراءات" على ما يبدو الا الاستعداد لمقاومة لن تجدي لما يترتب على الجرعة من جنون أسعار.
 
 وبلا قليل من التفكير بشعب تطحنه رحا الفقر، قرروا الذهاب الى الجرعة. لم تدنو من الذهنية التي تحكمهم فكرة ترشيد البذخ الرسمي الطائش. بل لربما شرع البعض في حساب الحصص التي ستجنى من فائض "رفع الدعم"، توقع كهذا لا يستبعد في ظل فساد بلا حشمة ولا أخلاق، كما قال عنه الرفيق ياسين سعيد نعمان.
الحجر الصحفي في زمن الحوثي