تحدّيات تنتظر «الحكومات الفيدرالية»

عارف أبو حاتم
الثلاثاء ، ٢٠ مايو ٢٠١٤ الساعة ٠٨:٠٥ مساءً
ثمّة مهمّة صعبة تنتظر لجنة صياغة دستور «جمهورية اليمن الاتحادية» التي ستعكف على إعداد مسوّدته الأولى خلال أربعة أشهر بدءاً من منتصف مارس الماضي، وعليها أن تضع نصوصاً تستوعب كامل مقرّرات ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي أنهى أعماله في يناير الماضي، ويجب ضبط النصوص الدستورية وتحديد مقاصدها بوضوح لا يحتمل اللبس أو الغموض أو تحميل النص عدّة أوجه. 
أول مهام الحكومات المحلّية الفيدرالية هي التصدّي الحازم لمراكز القوى التقليدية لصالح بناء الأقاليم، فقد عملت مراكز القوى المهيمنة على العاصمة على تعطيل بناء مؤسسات الدولة لصالح بناء ونفوذ مؤسسة القبيلة في اليمن، حتى أصبحت مفردة “شيخ” تعني الحصول على الامتيازات والنفوذ والسلاح، وعقود المناقصات والتجارة..!!. 
 
 بمعنى أدق استطاعت القبيلة إعادة إنتاج نفسها ونفوذها بعناوين مختلفة: «النضال، التجارة، رئاسة الأحزاب والأندية الرياضية، مؤهلات جامعية، تصدُّر ساحات وميادين الثورات» وفي الوقت ذاته لا تنفك عن سلاحها، وإلغاء حضور هيبة الدولة في مناطق نفوذها، وكأن حضور الدولة تدخُّل سافر في شؤون القبيلة، ولا تنادي بضرورة تدخُّل الدولة إلا حين تتعرّض لضربات موجعة تعجز عن صدّها كما حدث حين نادت جميع قبائل شمال الشمال بضرورة تدخُّل الدولة بعد قصف عنيف ومتوحّش تلقّته من ميليشيا الحوثي المسلّحة..!!. 
 
وستواجه الحكومات المحلّية صعوبة أخرى تتمثّل في إنهاء هيمنة المركز المقدّس على شؤونها سواء بالتعيينات أم النفوذ أو السطو على حقوق الآخرين كما يحدث الآن في إقليم تهامة؛ حيث يتمدّد طابور نهابة الأراضي من اللحية على الحدود إلى نهب أراضي مطار الحديدة الدولي حتى وصلوا إلى مشارف ميناء المخا في محافظة تعز. 
 
وستواجه الحكومات المحلية أيضاً تحدّياً جسيماً في نسب تمثيل الأجهزة الأمنية، ونسب توزيع القروض والمنح الخارجية، وفرض قوانين كل إقليم، وتحدياً آخر يتمثّل في بقاء أو رفض مصلحة شؤون القبائل، حيث بلغت ميزانيتها في 2014 قرابة 100 مليون دولار، وهي مصلحة عنصرية تقوم بتوزيع رواتب باهظة لشيوخ القبائل، فقط لأنهم شيوخ..!!، دون مسوغات قانونية أو أخلاقية، في حين أن ميزانية البحث العلمي 240 ألف دولار فقط، وميزانية مصلحة خفر السواحل أقل من مصلحة القبائل وهي المعنية بحماية شريط ساحلي يتجاوز 2200 كيلومتر، وتتفاقم فيه تجارة التهريب للسلاح والأدوية والممنوعات والديزل، وإقليم تهامة بالكامل يفتقر إلى مستشفى نموذجي ينقذ حياة الناس من وباء الملاريا، ومعظم الجامعات بلا معامل حديثة، والسجون أشبه بأقبية تعذيب، والدولة تطلب الدعم من المانحين، والمشائخ الذين وقفوا مع وضد ثورة التغيير متفقون على ضرورة بقاء هذا النزيف اليومي لميزانية الدولة إلى جيوبهم الخاصة..!!. 
 
 وهذا ما جعل عامة اليمنيين يخيّرون الدولة الاتحادية بين أمرين: إما أن تُلغى مصلحة القبائل أو تُدفع رواتبهم من موارد أقاليمهم وليس من ميزانية الدولة الاتحادية؛ لأن أكثر من 80 % من المستفيدين هم من إقليم آزال الذي يضم قبائل شمال الشمال المسلّحة. 
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي