إجازة السبت.. مراعاة التخلف وإهدار المصالح!!

سامي نعمان
الأحد ، ٢٦ مايو ٢٠١٣ الساعة ٠٣:٢٦ صباحاً

 

منذ عام 2007 – كما أتذكر- والحكومة تراوح مكانها في اعتماد إجازة السبت، عوض الخميس، مراعية بذلك كل حسابات القوى التقليدية المتخلفة على حساب المصلحة العامة للبلاد ومصالحها المتشعبة والمرتبطة باقتصاديات دول أخرى، التي يزيد تعارض الإجازات بينها إلى أربعة أيام من تضييق نطاق التواصل وتبادل المصالح، ونحن بلا شك طرفها الأضعف والأقل أهمية. 

تستدعي الحكومة في أمر كهذا، تتردد في حسمه، هواجس معارضة الفقهاء التقليديين أو تلاميذهم والجماعات المتخلفة والانتهازيين الذين يسوقون الأمر باعتباره محاكاة “لليهود والنصارى” في تدليس وتزييف واضح لوعي البسطاء وكسب تعاطفهم، في حين أن كثيراً من أولئك باتوا يقتفون أثر “اليهود والنصارى” في كثير من تفاصيل حياتهم، لكنهم يجدون في إجازة السبت مناسبة لتسجيل مواقف يزيفون بها الوعي العام، بمزايدة فارغة، يزجون فيها بالدين زوراً في أمور أقرّ الدين أن تحكمها مصلحة الناس، وتجسدها هنا تقديرات الدولة لمصالحها ومصالح الشركات والاستثمارات القائمة فيها، ومصالح مواطنيها العاملين، لا مواعيد الأعراس وطقوس التخازين المألوفة.. 

هنا الخميس والجمعة إجازة (بمسمى راحة للخميس)، في حين أن معظم الدول العربية اعتمدت السبت بدل الخميس، وثمة دول أخرى عربية وإسلامية تؤجز السبت والأحد، وفيها تيارات إسلامية وسلفية لا تنشغل بمعارك تافهة وغبية من قبيل إعادة الإجازة إلى الجمعة عوض الأحد!!

في أبريل الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية، تعديل موعد الإجازة الأسبوعية إلى الجمعة والسبت عوضاً عن الخميس.. وعُزي السبب - الذي لا يحتاج إلى تبرير أصلاً - إلى استفادة الجهات المالية والخارجية، من إلغاء فارق الإجازة، وتقليصها إلى يومين وثلاثة أيام على أكثر تقدير بما يزيد من أيام انتفاعها ويقلل خسائرها.. 

وسبقتها إلى إجازة أو راحة السبت كل من الإمارات وقطر والكويت والبحرين، والشهر قبل الماضي لحقت بها سلطنة عمان، التي استهلت إجازة السبت في مايو الجاري، هذا فقط على مستوى الإقليم الذي يشترك معنا في كثير من الخصوصيات ومراعاة التزامات الإسلام.. 

في اليمن مؤسف أن تبقى المصلحة رهينة مزاج الأصوليين والانتهازيين والمتخلفين، لكأن إسلامنا وديننا نموذجي ومختلف عن تلك الدول مجتمعة.. 

في اليمن، كان من بين أولى القرارات التي سارعت حكومة محمد سالم باسندوة، إلى البت فيها، فور تشكيلها الإعلان عن تعديل يوم الراحة الأسبوعي إلى السبت عوضاً عن الخميس.. للأسف استنفر بعض علماء اليمن وبعض السياسيين والمثقفين الانتهازيين، والجماعات المتخلفة كل طاقتهم للتدليس على الرأي العام، وتهويل شأن هذا القرار، بمسميات ومبررات مختلفة ومتخلفة، لكأنه مسخ للقيم والأخلاق، وإلغاء لأركان الإسلام.. أكثر من ذلك، راحوا يلمزون حكومة باسندوة ويصفونها بحكومة “السبت”، ووزير الخدمة، غيرة على مقيل الخميس، أو على أوهام وفقه مزيف يعشعش في رؤوس البعض حول هذه الجزئية. 

التقى الأستاذ باسندوة، بعد إعلان القرار، بوفد من “العلماء”، الذين هوّلوا عليه من شأن السبت، وأوردوه المهالك بدعمه لهذا القرار، رغم أن الخبر الرسمي قال عن اللقاء بغير ذلك.. 

وتبعاً لأن المرحلة تقتضي “الوفاق” خرج مجلس الوزراء في اجتماعه التالي بتعليق البت في إجازة السبت إلى أجل غير مسمى، بعد أن كان مقرراً أن تدشن أول إجازة في مارس من العام الماضي. 

لا أدري إلى متى ستظل المصلحة العامة رهناً بالمزاج والأهواء المتخلفة التي تزايد وتسجل مواقفها الغبية متدخلة في كل تفاصيل الحياة؟!.. وإلى متى ستظل الحكومة تستجيب لتلك الملاحظات، بدلاً من إنفاذ قراراتها دون إتاحة مجال للمراوحة والمزايدة، وتعزيز جبهة الرفض المتخلفة.. 

جبهة الرفض تلك لا تسترجع شيئاً من حديث (أنتم أعلم بأمر دينكم)، بعد أن كان الرسول الكريم استحسن عدم تأبير النخل (تلقيحها حتى تنضج)، فاستجاب الناس له ولم يؤبروا، فغدوا على موسم كساد لثمر فاسد، فأبلغهم توجيهه الحكيم: “ كان شيءٌ من أمر دنياكم فشأنكم، وكان شيءٌ من أمر دينكم فإلَيّ”، لكن بعضاً من هؤلاء يسعون لفرض آرائهم العقيمة في كل تفاصيل الحياة مغلفة بهالة وفتوى دينية تحرم الناس مصالحهم. 

الحكومة معنية بإنفاذ إجازة السبت دون تلكؤ أو مراوحة، أو استرضاء، وضرورة الوفاق لا تقتضي ترحيل مثل هكذا قرار حيوي مجدٍ للبلاد واقتصادها المترهل بسياسات تراعي بعضُها حسابات مراكز القوى التقليدية المتخلفة التي استمرأت فرض رأيها في كل شؤون البلاد.. 

ننتظر من الحكومة أن تنفذ عاجلاً قرارها بتعديل إجازة الخميس، إلى السبت، لندرك أن لدينا حكومة دولة، لا حكومة خاضعة لمراكز قوى وحسابات متناقضة ومتخلفة. 

[email protected] 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي