مصطفى النعمان حلمٌ مخصيٌ وتاريخٌ مشبوه!

د. محمد شداد
الاثنين ، ٠٣ فبراير ٢٠٢٥ الساعة ٠١:٠٤ مساءً

حينما يجتمع أصحاب المشاريع القزمية تتبلور ملامح الكارثة وتتشكل أسبابها، ولا يصلحون لقيادة دبلوماسية بلد يسعى إلى الخلاص من كابوس  حل بها وسيستمر، هناك فرق بين حامل لقضية وطنية ومتَّجِرٍ بها، ومحامي فاشل يبحث عن مكاسبه المادية بصرف النظر عن تحقيق النصر واستعادة الحق لأهله..

 

النماذج الثورية الوطنية والفدائية لا تعد بدءً من الثورة الكوبية "جيفار وكاستروا وكاميلو سيينفيغوس" مرورًا بثورة بن بِلَّه في الجزائر وصولاً إلى ثورة العصر ثورة 26 من سبتمبر وثوارها من عامة الشعب القادمين من خارج حكم الإمامة أمرًا بعيد.. 

 

نماذج الحروب الوطنية للدفاع عن الأوطان كثيرة أشهرها الحرب الروسية ضد المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية التي ما كان لها أن تنتصر لولا وجود قيادة وطنية نزيهة قوية قاسية سعت لتحقيق النصر وهزيمة هتلر النازي الغاشم، وما كان لروسيا أن تنتصر لولا إخلاص الرجل الحديدي "جوزيف ستالين" ورباطة جأشة وحدِّية مواقفة وإعدامه لكل متخاذل وعميل، انتصروا وكانت القوات الإلمانية قد صلت إلى مشارف موسكو وطال القصف قباب الكرملن..

 

محمد نعمان والد الأستاذ أحمد محمد نعمان وجد مصطفى والذي كانت نظرته للإمام وعُمَّاله نظرة مقدسة، وأنهم معصومون بل كان يطيل النظر في وجه علي الوزير حينها لاعتقاده أن النظر في وجوه الهواشم عبادة. وكان محمد نعمان الجد الأول لمصطفى على علاقة متميزة بعلي الوزير حاكم تعز في عهد المقبور يحي حميد الدين الذي اعتقل عبدالوهاب نعمان على إثر وشاية من أقاربه.. 

 

"وبنفس المنطق والد النعمان، ووفقًا لما أورده الباحث التاريخي توفيق السامعي فقد كرر الأستاذ النعمان الممارسة ضد قريبه وابن عمه بطل السبعين الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب نعمان؛ فبينما كان الرجل يسطر ملاحم بطولية في الدفاع عن صنعاء كان النعمان يصرح أن الذين يدافعون عنها إنما هم الشيوعيون والماركسيون والذي صار مصطفى بعد ذلك واحدًا منهم، وأنهم يعملون ضد المصالحة الوطنية، ورغم ذلك لم ترض عنه سلطة صنعاء بل ذهب الأمر إلى سحب الجواز اليمني عنه" 

 

فهل قرأ المتصدون للمشهد السياسي اليمني تلك النماج الرخوة المتكررة ووقفوا عندها مليًا ومعهم كل أحرار اليمن حاملين لراية تحرير اليمن من الاحتلال الفارسي المتلفع بأقنعة سلالية هاشمية تدَّعي اليمننة والحق في الحكم؟، أم أن الحالة أصبحت مشفى للأمراض النفسية وسوقًا لبيع المبادئ وبنكًا لتحصيل الأموال وشحن الأرصدة..

 

المرحلة قاسية والمشهد معقد لا يصلح معه نعومة خطاب مصطفى النعمان وأشباهه وميوعة المواقف والتحرك بسيقان مرتعشة، التوجه لاختيار القيادات من خارج الأسر المعتادة والأخذ بمبادئ نزاهة وإخلاص وكفاءة المرشحين للوظيفة العامة، لأنه من يُشعل الثورات هم الفقراء ومحدودي الدخل والمهمشون ومن أوساطهم تتكون الجيوش وبهم تنتصر الثورات ولا تنتصر بأبناء القصور ونواعم يفتقرون إلى الهمة والصبر والربط على البطون وشرب المياه الأسنة في بطون الأودية.. 

 

لا يصلحوا أن يكون ممثلين للشعب اليمني وتوصيل رسائلة الحزينة للشعوب الأخرى، لا يصلح المترف البطين الباذخ رخي الإقامة والأداء أن يحمل قضية أمة تبحث عن الخلاص من آثار الحرب والفقر والمهانة..

 

هل قامت وزارة الخاردية في عهد مبارك بدورها حتى يقوم بها المعنيين الجدد، هل سيطوفون الدول حاملين ملف الحرب بحثًا عن دعم ساسي ومادي، ومتفقدين لأحوال اليمنيين من أجبرتهم الحرب على التشرد وركوب البحار يجتازون حدود الدول بحثًا عن لقمة العيش أو فرصة للاغتراب..هل سيتخذون من الحالة السورية نموذجًا لهم ومثال؟

 

قطعًا حملة الأحلام المخصية كالنعمان وممثلي الخارجية ووزارة الأعلام وأمثالهم لا يصلحون لتحقيق أحلام شعوبهم وتحريرها من طغيان الكهنوت السلالي الديني والمذهبي، لا يجيد أصحاب الخيالات الرومانسية مواجهة الأعداء الحاقدين بصدق في خضم الخطوب، لا مكان لأصحاب الذواكر الوردية في أزمان الحروب، ضروف الحروب بحاجة إلى رجال من نوعٍ آخر خلقوا من رحم المعاناة تنزّهت نفسياتهم من دناءة كرسي السلطة وأكل أموال السحت وقوت المساكين..

 

لا يتحقق النصر إلا على أيدي من يجيدون الضغط على الزناد والوقوف بجوار فواهات لمدافع والنوم على أشواك المرتفاعات والسهول والأودية وشرب المياه الأسنة، وأكل أخشن الأطعمة لا على يد النائمين على فرش حريرية مصفوفة ومبثوثة.. 

 

سلَّم الأستاذ محسن العيني حكومته التي شكلها قبيل حصار السبعين للثائر العضيم حسن العمري قائلاً أنت لها وأنا كمدني لا أصلح لقيادة حكومة حرب وقد تكالب الأعداء من الداخل والخارج وأحاطوا بالعاصمة من كل اتجاه لإسقاطها..

 

فهلَّا قرأ مسؤلي اليوم نضالات ضباط الثورة الصغار وأقيالها إبان ثورتي 14 اكتوبر وثورة 26 من سبتمبر والقتال من على جبال شمسان وردفان ونقم وعيبان ومعركة حصار السبعين يومًا لصنعاء وصبرهم وصمودهم بعد هروب الكبار بحثًا كأقرانهم اليوم عن فرش رخية وبيوتٍ آمنة في تعز والحديدة والقاهرة؟

 

 فهلَّا احتشموا وقرأوا فقط لأخذ دروس الشرف النضالي واتخاذ العبرة الوطنية والموعضة القيمية والأخلاقية أو تركوها لغيرهم وأيقنوا أن التاريخ لا يرحم أحد؟ فهلَّا استحم مصطفى النعمان بحياض الجمهورية وسلم بمبدأ حدِّية المواقف وتوقف بعد أن أُكرم بمنصب نائب وزير الخارجية عن الرقص على حبال الوسطية وترك وصية أبيه بالمهادنة إلى حين؟!

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي