الحقد الطائفي

د. محمد شداد
الثلاثاء ، ١٤ يناير ٢٠٢٥ الساعة ١٢:٢٩ مساءً

 

لم تُمارس الطائفية في حق شعب من الشعوب إلا أتت على بنيانه من أساسه، والطائفي بحسب بعض القواميس هو الشخص الذي يتِّبع أو يوالي بشكل مقيت طائفة معينة، بمعنى آخر هو الذي يرفض حقوق الطوائف الأخرى ويغبنها حقها، أو ينتهب حقوق الشعب ليعطي طائفته كل الحقوق التي ليست لها، تعاليا على باقي عموم الناس، طائفية وتعصب بأغطية دينية أو مذهبية..

 

وبذلك تنتهب الحركة الحوثية موارد الشعب اليمني لصالح طائفة معينة، تحت شعار الدفاع عنه وتحتله باسم حمايته، إبداع فقط في قلب الحقائق وتزوير المفاهيم..

تُظهر نفسها في أطرٍ دينية وأخلاقية متباينة لتغطية ممارساتها العنصرية الاستعلائية، وبرغم التحولات الفكرية الثقافية والعلمية التي مرت بالحضارة اليمنية التي استقاها الشعب اليمني من معينها وأعاد إنتاجها بطرق عليمة حديثة، لازالت الطائفة الهاشمية مصرة على استمرارها في غواية واستغلال طيبة الشعب اليمني إلى ما لا نهاية.. 

 

إشكالية كبيرة لازالت محط أعين ملؤها الغرابة من أناس سيعتبرون أنفسهم أوصياء وذي حق إلهي في الوسط اليمني الصاخب المليء بحمَلَة الشهادت والمعارف والعلوم، نوابغ في كل مجال، وهم دونهم معارفًا قدرات، مهارات وعلوم، بل يشكل ذلك لهم حسرات لأنهم لايريدون إلا شعبًا جاهلاً حتى ينطلي عليهم وهم الخرافات..

 

لأنها لا زالت حتى اليوم تستقرئ تاريخ أسلافها المظلم البائد في القرون الأُول، وتسعى لتطبيقه على شعبٍ تخلَّص من رباق الظلم وبات معظمهم يعتبرون أنفسهم ساسة ونصفهم قادة والقليل منهم أنبياء..

 

عجزت ظروف الثورة العلمية والمعرفة العالمية تغير عقلياتهم، مناعة عنصرية ضد الفهم واستيعاب حقائق التاريخ المعاصر، حتى من درس منهم ونشأ في دول ديموقراطية ومنحتهم الجنسيات والحقوق السياسية والإنسانية والعدل والمساواة، كي يصبحوا كائنات سوية، لم يغيرهم كل ذلك..

بل ما إن شعروا بقدوم عاصفة الفوضى السلالية والعرقية المقيته حتى هبوا لاهثين عائدين من كل بلاد، وناعقين على كل قناة يُسندون التمييز العرقي العنصري، واختطاف الحقوق الإنسانية يصبغون خطابهم بمسميات شكلية براقة، بل شاركوا في الدفاع عن سجون القهر والتعذيب في مناطق احتلالهم وينادون بصفاقةٍ غير معهودة بالعودة إلى شكل الحكم الفردي الإمامي المطلق.. 

 

لم يدرك كُلُ أولئك أن قيودهم قد حطمتها أول طلقة من طلقات مدفعية النخبة الشبابية الثائرة، إبان ثورة السادس والعشرين من سبتمبر وأن الوهم قد زال، والغشاوة التي غطت أعين الشعب قرون قد طهرتها فعال الثائرين الباحثين عن الحرية والانعتاق..

 

وأن غيلتهم الإخيرة ما كانت إلا نتاج لفخٍ صنعته بعض القوى الداخلية والخارجية كي تستدرجهم يخرجوا من جحورهم، ويكشفوا عن قبح وجوههم ليصبحوا في مواجهة مصيرية مع الشعب اليمني، ليسقطهم كليةً دون عودة..

تطبيقًأ للنظرية السياسية التي تفيد بأنه ما واجهت عصابة أو نظام حكم شعبًا من الشعوب إلا سقط، لن تسعفهم الظروف الداخلية والاقليمية التي خدمتهم لتطيل عمرهم سنوات أخر، هي نفسها حققت شروط سقوطها وقريبًا ستتلاشا كليةً كالهشيم.. 

 

وما عاناه الشعب اليمني من الكراهية الباثولوجية المرضية لهؤلاء الناس كان موحش، على خلاف ما يجب أن يكونوا كيميين، لانهم لا يريدون لليمني الخير والعيش بكرامة، يتمتع بما حباه الله من أرض خصيبة وثروات متعددة بحار وشواطئ وجزر فيها من الخير ما يغنيها تمامًا عن ما في أيدي الغير..كراهية نمَّاها حب التميُز، وأنه لا يجب أن يعيش الناس كأناس باحترام إلا هم..

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي