في الطاولة تظهر علامة التقشف!

د. علي العسلي
الاثنين ، ٣٠ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٦ مساءً

 

في الصورة التي أمامنا، يبدو أن مجلس القيادة الرئاسي اليمني يعيش حالة من التقشف الشديد، كما تعكسها الطاولة المتواضعة التي اجتمع حولها أعضاؤه.

 طاولة خالية من الزهور، العصير، الفواكه، وحتى من الماء، وهو أقل ما يمكن تقديمه في مثل هذه الاجتماعات ذات الطابع الرسمي. المشهد أشبه باجتماع قيادة منظمة مجتمعية، حيث تغيب البروتوكولات التي تبرز هيبة السلطة، وكأن الصورة تحمل رسالة ضمنية.

لكن السؤال الأهم: لمن تُوجه هذه الرسالة؟ هل هي للداخل اليمني، لإظهار التضامن مع معاناة الشعب؟ أم للمضيفين؟ أم للعالم بأسره لتوصيل صورة تعكس الواقع المأساوي؟

 

 

تحليل الصورة: رمزية التقشف

في الصورة، يظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني وسط مظهر بسيط وبعيد عن الفخامة التقليدية. هذا التقشف في التفاصيل يعطي انطباعًا مختلطًا:

• طاولة بلا رمزية: غياب الزهور والماء يعكس غياب مظاهر البذخ، لكنه قد يثير تساؤلات عن مدى الاهتمام بالرمزية التي تعزز ثقة المواطن بقيادته.

• رسالة داخلية أم خارجية؟ قد يكون الهدف إبراز البساطة والتقشف في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، لكن هذه الرسالة قد تعطي انطباعًا بالضعف أمام الداخل والخارج.

• انعكاس الواقع: الصورة قد تكون مرآة للواقع الحقيقي الذي تعيشه الشرعية والشعب، حيث الأزمة الإنسانية وشح الموارد تحاصرهما.

التقشف لا يخفف معاناة الشعب

رغم التقشف الظاهر، إلا أن الواقع لا يُظهر انعكاسًا إيجابيًا على أوضاع الشعب. ما زالت المعاناة الإنسانية تتفاقم في كل المجالات:

• تأخر الرواتب: يعاني الموظفون والجنود من تأخير الرواتب، مما يجعلهم يكافحون يوميًا لتأمين أساسيات الحياة.

• الطلاب والنازحون: تتأخر منح الطلاب في الخارج، مما يدفعهم لمواجهة ظروف قاسية. أما النازحون، فيعيشون معاناة أشد، سواء داخل البلاد أو خارجها، مع صعوبات في السكن والمعيشة والتعليم.

• الخدمات المنهارة: الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والكهرباء في المناطق المحررة ليست بأفضل حال، ما يزيد من إحباط المواطن.

• الكارثة الإنسانية: بحسب التقارير الدولية، يعيش الشعب اليمني واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية، مع انعدام الأمن الغذائي وانتشار المجاعة.

المفارقة: قوة الخصوم وضعف الشرعية

بينما تعاني الشرعية من شح الموارد، يستغل خصومها الوضع لتعزيز قوتهم:

• الجبهات المتوقفة: استفاد الحوثيون من الهُدن المتكررة لتعزيز قدراتهم العسكرية، حيث تلقوا أسلحة متطورة مثل صواريخ فرط صوتية، مما مكنهم من التصعيد والتهديد لليمن ولإقليم والعالم.

• المعاناة العسكرية: الجنود في مناطق الشرعية يواجهون تأخير الرواتب وبعض التمايز ونقصًا في المؤن والذخائر مع غياب الحوافز، ورغم ذلك تظل معنوياتهم مرتفعة.

ختامًا: نحو مستقبل أفضل

إن الصورة ليست مجرد تعبير عن التقشف، بل دعوة للتفكير والعمل الجاد لإعادة اليمن إلى مسار التنمية والاستقرار. هناك حاجة ملحة لاستراتيجية واضحة تعيد ترتيب الأولويات، وتفتح أبواب الإنتاج والاستثمار، وتحسن إدارة الموارد الداخلية بما ينعكس إيجابيًا على حياة الشعب.

رسالة الصورة يجب أن تكون دعوة للنهوض والعمل، لا شهادة على التراجع والضعف. اليمن بحاجة إلى رؤية جديدة تضع الشعب في مقدمة الاهتمامات.

 

 

 

 

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي