جيل التيك توك يحاكم جيل صناع الحضارة!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
الخميس ، ١٤ سبتمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٨:٣٩ مساءً

 

هنا اجد انتقاد من الكثير لحضارتنا الاسلامية بشكل مستر، ولذا سوف أحاول اوضح لابنائي وبناتي كيف انظر لحضارتنا لاسيما وأنا أعيش في الغرب من عقود عدة. فالحضارة بشكل عام كانت اسلامية او اوروبية او ما كانت، هي نتاج تفاعل ثلاثة عوامل، انسان، وجغرافيا اي ارض، ووقت لاخلاف حول ذلك. ننظر كيف كانت هذه العوامل قبل الحدث واثناء الحدث. نراقب استمرارها ونكامل الامور والاحداث خلال الزمن كم قرن اين الاثر. لا ننظر للتفاصيل كون لا نعلم هل هي تدليس لتشويه ذلك ام حقيقة، أي ليس هناك حقيقة مطلقة لما وثق إلى يومنا، ولا تاخذ في المجمل الا كحدث نرفضه لنتعلم ونصلح لكن لانقف أمامه ولا يعمم. 

فالانسان العربي القديم في الصحراء مثلا لم يكن له قيمة بمفهوم الاثر، اي مجرد شخص لن تتاثر بقية البشر ان اختفى او ظل، فليس له اي انتاج عسكري او فكري او تاريخي او اخلاقي او قانوني يمكن ان يظل لقرون. انسان يعيش دون قواعد الا ما يعرفه هو في محيطه المحصور او المتنقل. كان قاطع طريق كريم بما يسرقه عن غيره بحجة غارة. و هنا لو كنت في زمانهم، كان مثلا يمكن يكون وضعك عبد للبيع او سيد او شخص عادي تستند الى عشيرة او اسرة. اما اذا كنت امرأة فليس هناك قيمة تذكر لك في صحراء غير قيمة الصدفة، اي في اي غارة ممكن تتحولي الى جارية تدحرج من قدر الى قدر مجهول لمن يدفع. 

علاقات المجتمع كانت اسرية، اي العبد عبد والسيد سيد وهناك طبقات لا يمكن ترتفع فيها او ترتقي، اي نظام اجتماعي عنصري و بدائي ومعقد لا يوجد ما يبعث الامل ان تتغير جينات وتركيبات تلك البيئة ولا يكون للضعفاء كرامة. اما من ناحية الارض او الجغرافيا فهي كما تعرفها مجرد قبائل يأكل بعضهم بعض في صحراء. والان لو اغمضت عينك وانت تدرك ذلك وفتحتها بعد ٢٠ سنة من البعثة النبوية مثلا سوف تسمع عن ثورة جاء  بها محمد  رسول الله سوف تغير حياة البشر والى الأبد، سوف اسمع عن عقد اجتماعي جديد ليس اساسه الاسرة وانما الفكرة، عقد اجتماعي طرح المساواة امام الكل. سوف تسمع عن ميلاد دولة عن ثورة حدثت في المفاهيم وعن حقوق وعن دستور وعن جيش وقائد يرسل رسائل لملوك الارض جبابرتها ويطلب منهم الدخول فيما يقول، كان رسالة ربانية لك، او فكرة بشرية لا نناقش ذلك الان، وفي نفس الصحراء اي نفس الجغرافيا.

عندما مات مؤسس هذه الدولة -عليه أفضل الصلاة والتسليم- ولنقول بمفهوم  العلم والتاريخ لم يورثها لاهله، وكان اتباعه اكثر شورى، وانتصرت الفكرة على العشيرة والاسرة والقبيلة، وبعد اقل من ٦٠ سنة كانت هذه الدولة قد غيرت الانسان والارض، اي الجغرافيا والوقت وجعلتهم يتفاعلون بشكل سريع متناسق. فوصلت هذه الدولة الى الصين والى اوروبا ووسط افريقيا  في اقل من ١٠٠ عام. ولم تكون انتفاشة فراشة وانما ظلت لعصور تسير امم بنظام دولة ورعاية اجتماعية لم يعرفه البشر من قبل. حصل تجاوز او اخطأ كبيرة او صغيرة فهم بشر مثل بقية الحضارات ونحن نتحدث بشكل تكاملي تام وبقانون العصر والحضارة . حضارتهم لم يغلوقها على انفسهم، وانما صهروا فيها الكل كان بشر او لغة او فكر. الفكر الفلسفي الاغريقي مع الفارسي والهندي تم غربلته بقالب عربي اسلامي كان اساس لمن بعدهم في مرحلة النهضة في اوروبا.

وحتى ان نظرت لما بين يدنا من معارف فهي ارتكزت على ما قدموه هم لنا، كان ذلك في الاحياء او الطب او الفلسفة او الجبر و الهندسة والادب. وكمثال لذلك تتحدث اليوم عن الذكاء الاصطناعي ونحن نعرف ان اساس الفكر هو الخوارزم، ونتحدث عن الطب و نعرف ابن سيناء والرازي، والكيمياء ابن حيان، والفلسفة ابن رشد، و البصريات ابن الهيثم، والاجتماع ابن خلدون وغيرهم الكثير، واذا نظرنا الى علم التشغيل الذاتي أي الأوتومات والإنسان الآلي فقد كان ابن الجزري هو أبو علم الأوتومات والآلات للميكانيكا وصناعات الربوت. 

واعطيك مثال عندما وصلت الحملة الصليبة لبيت المقدس كان العلم والمعرفة العربية بقدرتها تقيس بعد القمر عن الارض و يقومون بعمليات جراحية بينما في الغرب يقرأون الطلاسم على المريض وغير ذلك اما عن المدن وما تركوه فا اذهب الى اسبانيا، لن تجد الاسبان الا يرتكزوا في تسويقهم للتاريخ على اثار ابائنا. و من هذا المختصر نقول ان الحضارة الاسلامية بقياس تفاعل هذه العوامل الثلاثة مع بعضها وعلى العنصر الاخلاقي وتكوين أشكال النشاط العام وتوفر امكانيات الفن التطبيقي لكل نوع من أنواع الصناعة وتواجد البناء العمراني وتوسعه انها حقيقة مطلقة لا نقاش حولها وانها جذر مهم في التاريخ البشري تدرس في الغرب في مناهجهم المدرسية وان مؤسس هذه الحضارة بالمفهوم البشري هو رقم واحد في التاريخ ببقاء تأثيره وما حدث الى اليوم، والى الان طرحت الامر لك بعيد عن الدين، وانما بسياق مفهوم الحضارة البشرية وبمنطق محايد. فمن تكون انت لتنتقد وتزدري عصور لها خصوصيتها وضروفها وصراعها في السلم البشري ولم يتم توثيقها إلا من المنتصر، غير انك اقلها بالمفهوم الحضاري مجرد صفر دون معنى ولااثر وفي الانتقاد والتحليل يجب ان يكون الانسان عادل كونه يريد يصلح خلل وسلوك لا يهدم و يعك. 

فننظر للموضوع من باب العدل في الطرح ونتصور انه واحد منهم اي ابائنا يتحدث معنا بعد ان سمعك وانت تتهكم بما عملوا وبما صنعوا قبل قرون من الان، اي بحضارته بمكونتها المختلفة، سوف يطرح سؤال، ما الذي يجعل انسان من الاحفاد يكون غير عادل في نقده لبيته ولمجتمعه وحضارته؟ فان رجعنا ٧٠٠ سنة، فسوف يقول ابائنا انتم الاحفاد عرة البشر، ماذا صنعتم غير الاكل والشرب و النوم والرقص والغناء والفسبكة  وكثرة الهدرة ؟. وبدل ان تتعلموا مثل بقية الشعوب وتقاتلوا الجهل والامية والشعوذة والسلالية بينكم شغلتم حالكم بامور الماضي ولا تدركوها. وبدل ان تتعلموا بصمت وتصلحوا انفسكم و تتعلموا مهن تصلحوا حالكم وتكفوا حالكم  تثرثرون على الطالع والنازل انتقاد على الحضارة الاسلامية بشكلها الشامل وبتفاهات لا تبني، كمن ينتقد أمه لماذا خلفته. 

ابائكم ان نظروا لكم ولنا، سوف يقولون لكم ولنا، خلفنا لكم أوطان من أقصى الأرض إلى اقصاها وضاعت منكم. خلفنا لكم علم و دستور وهيكل سياسي شامل ورغم ذلك فشلتم. من دون حضارتنا وحصارنا لفينا كان الغرب سحبوكم كالعبيد اي كالخرفان  بقانون العصر كما فعلوا مع ٤٠ مليون افريقي كما تتحدث مصادرهم. ابائكم ان نظروا لكم سوف يقولون بمقياس العلم والحضارة والمعرفة انتم في زمانكم عرة اخر الامم، اما نحن فمن حيث القوة والعلم والتأثير كنا في المقدمة بمقياس وادوات عصرنا، اصبنا أو أخطأنا لا يحاسبنا من هم افشل منا وهذا انتم. فسوف يقول ابائنا ليس من حقكم تقيسون عملنا ونجاحنا واخفاقنا بمقياس عصركم وبالذات منكم جيل الهزائم والهربة.

تركنا لكم ما تتفلسفوا به وتستدلوا على جذوركم مثل العلوم  والاثر والتأثير ، وشعوب رغبناها تؤمن بدستورنا بقناعتها رافد لكم اي لم نكن عرة او وصمة عار مثلكم، اما انتم فاجالسين تبحثون عن حجج وتثرثرون ليل ونهار في تيك توك ونوم، وانتم أفشل البشر لاتنتجون خبز يكفيكم أو تبنون ورشة عمل تحملكم، أو تفتحون بقالة تكفيكم. اصلحوا انفسكم، وانظروا الى تركيا وكوريا والصين والهند وايران فيتنام،  وعملوا مثلهم فلم ينتقدوا لا اديانهم ولا حضارتهم ولا تاريخهم وهذه واحدة.

 ركزوا على مكافحة الجهل كون الكهنوت هناك يترعر. اما النقطة الثانية مني كختام للموضوع، اليابان لم تدمر جذورها ولا ديانتها و لا معتقداتها فهم في صورة الشنتويين والبوذيين في نفس الوقت اي رسميا يمكن تحسبهم حوالي ٨٥ ٪ من السكان بوذيين وفي نفس الوقت يمكن أن تحسب اكثر من ٩٠ ٪ من الشينتو اي مجتمع لديه تراث ديني معتقدي فيه مافيه من امور لاتقاس بالعلم وكذلك الهند والصين وغيرها.

ومختصر الموضوع علينا الا نبدأ بسذاجة من افكار العصور الوسطى والصراع الديني والفلسفي  مع الكنيسة وصالونات النقاش ذلك لم يعد يهم أحد في هذا العصر وقبل ذلك لايوجد اصلا بينكم لا فولتير و لا روسو ولا هيجل ولا كانت ولا نيتشيه مثلا أي طرحكم بسيط على قدركم. علينا ان ننظر لبعضنا بعض كفقراء ومدوخين  في بيت واحد فيه ما فيه من تخلف وجهل وتسلط، نصلحه من داخله بانفسنا خطوة خطوة دون تعقيده اكثر ودون أن ينتبه لنا الغير حتى لايشغلونا بتفاهتنا أكثر ، علينا ننشر العلم والاخلاق بقدر ما نقدر  وناخذ أفضل ما عند الغرب لنستمر بجانبهم  كبقية الامم لاسيما ونحن نعيش في عالم يباع فيه أوطان وثروات دول بالبورصة وبالجملة وعالمنا الضعيف هو السلعة ونحن نهتف ونصفق ونشغل حالنا بالماضي، الذي لا يهم احد الان كيف ما كان.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي