أثر السنوات والهم الذي لا يغيب!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
السبت ، ٠٥ أغسطس ٢٠٢٣ الساعة ٠٦:١٥ مساءً

 

لو جلست احكي لشباب اليوم كيف كان جيلنا، فسوف اقول كان حالنا مثلكم شباب لا ينظر للسنوات ولا اثارها في وجوهنا ولا لارقامها حتى. شباب يحلم بالوحدة العربية، وتحرير فلسطين، ونشر الاسلام في أنحاء المعمورة، ولم يفكر اي شخص منا عربي او يمني او عراقي او سوري او ليبي بتقديم لجوء في الغرب او الشرق او البحث عن عمل هناك بشكل عام. وكل منا كان يريد يعود إلى الوطن بعد الاغتراب قبل أن تظهر أثر السنوات عليه. وكان طلاب ليبيا والعراق اغنياء من حيث المنح ويعيشون كأمراء في الغرب والشرق، وكان الطلاب العرب هم الاكثر في الابتعاث هنا، وكان نادر جدا ان نجد طلاب من الهند او باكستان او الصين، كون كانوا دول فقيرة اقلها في ميزان الابتعاث. واليوم في قاعة المحاضرة عندي فيها  ٦٠ الى ٧٠ شخص في برنامج واحد ماجستير من الهند والصين وباكستان تقريبا و ٢ عرب والشباب العربي من ليبيا والعراق واليمن وغيرها في الحدود يبحث عن منفذ للغرب . وكان كل الانشطة الثقافية والسياسية لنا هنا في الغرب تدور حول الوطن العربي بشكل عام والقضية الفلسطينية والتراويج له ولها. وكان جيلنا في الداخل اليمني ان خرج الى شوارع صنعاء فيجد الاجانب والافواج السياحية في كل مكان ولم نسمع عن اختطاف سائح او استهدافه. وكانت رحلات اليمنية الى فرانكفورت ٣ في الأسبوع، والطيران الالماني مرتين من فرانكفورت في الأسبوع والفرنسي والهولندي وغير ذلك.  وكانت الفيزا لبريطانيا نأخذها بيومين وكذلك المانيا وغيرها. 

وكان عندنا عمال باعداد لابأس بها في اليمن من الهند والصين وهولندا وكوريا الجنوبيه واثيوبيا وبريطانيا في اليمن. وايضا على ايامنا كان هناك مدرسون من المملكة واغلب الكادر التعليمي من مصر والسودان والعراق وسوريا وباكستان، اي والله كانت الناس تهاجر للعمل في اليمن. وكانت القروض للبناء سهل وايضا للزراعة والكل ينظر للمستقبل. 

  وبسبب الارتجال وتمدد الجهل بمرافق الدولة وعدم ادراك مصلحة المجتمع لم نصنع مشروع دولة يستمر ولم نزرع بمفاصل الدولة الا ثقافة هدم ورجال هدم بشكل غير مباشر، وعدنا بمشاريع اليوم الى مشاريع الماضي وعصور العهد الطباشيري كما يتحدث احد الاخوة، وتم تعميم الجهل بشكل مباشر او غير مباشر بخطاب مناطقي وديني وسلالي واوجدنا لذلك بيئة باهمال التعليم. ولذا اليوم انظر الى سنوات حياتي واجد اننا داخل بئر برهوت، وهناك من يدافع ويبرر ويتخندق مع مشاريع الماضي. تحولنا لأجيال تنازلنا على كل احلامنا، ونحلم فقط كيف نأمن لقمة العيش والبنزين، واما الكهرباء فقد صارت من المستحيلات الاربعة، وحتى احلامنا لم نعد ننظر لها لانه لم يعد معنا وقت الا نحلم بلقمة العيش فقط، ونصف راتب كل كم شهر، ومن تجاوز عمره ٥٠ سنة صار ينتظر ملك الموت بسبب العناية الصحية فيتساقط الجميع مثل اوراق الخريف امامنا. ايضا عندما اجد الان ابناء اليمن وكفاءاتها يقدمون لجوء في الغرب وهم على مشارف العقد ال ٥  او ٦  من عمرهم، احزن لذلك فلايوجد انسان يريد ان يترك وطنه في اخر عمره ويبحث عن مستقبل في عالم مجهول. 

ورغم ذلك نستطيع ان نتدارك الوضع ونخفف حدة السقوط اكثر ، ولكل مشكلة هناك حل ان رغبنا بذلك، لكن لازلنا نفتعل الفهم ونصنع الوهم ولا نريد العلاج ان نتجه اليه كقيادات اولا. اليوم ليس هناك وقت امام المتعلم والنخب والكفاءات وكل فئات الشعب الخيرة ان تراقب وتعمل نفسها انها في منطقة معتمة او تنتظر، ماذا سوف يحصل؟ فالمراقبة والتساهل وعدم معالجة المشاكل وقتها هو ما اوصلنا الى هذا الوضع. واذا كان ما نشاهد اليوم هو نتيجة مازرعناه بالامس، فماذا سوف نحصد غدا، ونحن لم نزرع شيء غير الانتظار والمراقبة؟ 

اليوم شعوب العالم تنافس بالمعرفة والتعليم وتصنع بابنائها وبناتها  معجزة تنموية لاجيال قادمة ونحن نهدم الاحتمالات ان يكن هناك حتى بصيص امل. وكما قلت في البداية اخفقنا في الماضي لبناء دولة، ولايجب ان نستمر باستخدام نفس الفكر والمنهج،  والأدوات، وننتظر شيء اخر او معجزة.

مرت علينا السنوات وصار إثار السنوات والعمر ترسم ملامحنا وتجاعيد السنوات، ونحن لازلنا نسعى أن نوصل لكم اين العالم يتحرك  من خرم  الابرة. وعن قناعتي أننا سوف نظل الجيل الوحيد  الذي لازال مرتبط باليمن، أما ابنائنا وبناتنا فهم يسمون وطن المهجر موطن إلى الأبد، ولا ينظر أحد منهم باتجاه اليمن مثلنا.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي