الحضارة اليمنية والأئمة

سهير السمان
الاربعاء ، ٢٢ سبتمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٢:٤٥ مساءً

دخلت الإمامة اليمن قبل أكثر من ألف عام، حاولت طمس تاريخ اليمن الحضاري، وتشويه الإنسان اليمني، الذي عمر وشيد بقاع أرضه، وغنى للطبيعة، وصنع وغزل، واخترع الالآت الموسيقية، فكانت اليمن بلدا حضاريا فاعلا إلى جانب الحضارات الإنسانية الأخرى، ولكن اليمنيين لم يكونوا ليرضخوا لحكم الأئمة الدخلاء على أرضهم، باسم الله أو النسب المتصل بالنبي الخاتم، هذه الصفة التي تم اختراعها لفرض أحقية حكم آل البيت صفة تم استدعائها من آية قرآنية لا علاقة لها بالسلطة أو الحكم.

 

 بينما الحقيقة المعروفة والتي لا يختلف عليها أحد أن الدين قد جاء ليزيل النظام الطبقي، والفروق الطبقية والاجتماعية القائمة على التمييز العنصري، ونَصر الأسود والضعيف والفقير، وأشركهم في الحكم والحياة، إلى أن عادت العصبية القبلية بعد موت النبي، ونشبت المعارك من أجل السلطة، واستحدث كل فريق منهجا طعّمه بأحاديث منتحلة وتفسير للآيات يتماشى مع فكر كل فريق، وظلت المعارك والحروب حتى بين صحابة النبي، فكان كل فريق يحتكم بالآيات والفتوى، وضاع جوهر الدين الحقيقي الذي يقوم على أن (لا فرق بين عربي أو أعجمي إلا بالتقوى، وكلكم سواسية، وأمركم شورى بينكم، وكلكم لآدم).

وحين دخل يحيى الرسي وحاول حكم اليمن باسم سلالة علي بن أبي طالب، انتفضت جميع القبائل اليمنية وقاومته، إلى أن مات وهو محاصر في صعدة، وحين تولى ابنه الناصر الحكم، قام بتحريم التفاخر بحضارة ما قبل الإسلام، واعتبرها كفرا، بعد أن واجه مدا من شعراء اليمن المتفاخرين بأنسابهم الحميرية، وحضارتهم وملوكهم، وشن أبو الحسن الهمداني والقبائل ضده حربا، إلى أن مات كمدا لمقتل أخوه. 

وهنا تفرغ الهمداني لتأليف كتابه الأكليل الذي وثق فيه اليمن بتضاريسه ومناخه وقبائله والزراعة وخطوط التجارة ... 

فكان عملا ضخما يثبت أن اليمن بلد حضارة، لا يقبل دخلاء يعيشون على السلب والنهب. لا يعمرون ولا ينتجون ولا يراعون أحوال الناس، لم يكن ليرضى اليمنيون حكما سلاليا طائفيا، لأنه بلد قائم على التنوع والتعدد في طبيعته وتكويناته.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي