الرئيس هادي والأوراق المتاحة

محمد قشمر
الثلاثاء ، ٠٨ ديسمبر ٢٠٢٠ الساعة ٠٨:١٢ مساءً

 

الوضع في اليمن يزداد سوء كوضع اقتصادي وإنساني، كما أن المشهد العسكري والسياسي يزداد تعقيداً وتدهوراً، وما زالت القيادة السياسية (الشرعية) الممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي غير قادرة على تقديم الحلول الحقيقية التي يمكن من خلاها أن تساهم في تخفيف وطأة ذلك الضغط المتنوع والمختلف على كافة الأصعدة الإنسانية والسياسية والعسكرية.

وما زال المواطن اليمني يرزح تحت وطأة ذلك الكم الهائل من الضغوط الحياتية، رغم أن هذا الضغط لم يسلم منه أياً من المواطنين في مناطق الشرعية، او المناطق المسيطر عليها من قبل الميليشيا الحوثية أوالمناطق القابعة تحت سلطة ميليشيا المجلس الانتقالي ، والكارثة العظمى أن المنظمات الدولية التي قد تسلمت المليارات من الدولارات أصبحت أعجز من أن تساهم بتقديم حلول وكأن الأمر أصبح ذو جدوى اقتصادية لها لجلب الميز من الأموال وتعزيز وجودها دون نتائج حقيقية غير البيانات والشجب واطلاق التحذيرات .

لكن ما يعلمه الجميع أن أغلب أبناء اليمن ما زالوا متمسكين بهادي كممثلٍ للشرعية أو لشرعيتهم، أو لما تبقى منها ، وقد يكون ذلك بسبب عدم إيمان اليمنيين بكل كل تلك الميليشيات أو التكتلات المختلفة التي أثبتت أنها لا تبحث عن ما يمكنه أن يساعد المواطن، بل عن ما يحقق مصالح أفراد وكيانات لا تمثل اليمن أرضاً ولا إنسانا.

ونعود لنتساءل هل فعلا هادي كرئيس أصبح عاجزاً عن تقديم شيء لليمن؟ أم أنه مازال يمتلك الكثير من الأوراق التي يمكنها أن تغير مجرى الأحداث لصالح المواطن اليمني المغلوب على امره، والذي للأسف ينتظر الفرج من خارج حدود اليمن الجغرافية؟

وما هي أسباب هذا التغافل عما يجري في اليمن وخصوصاً بعد تدهور العملة اليمنية في مناطق الشرعية على وجه الخصوص. قد اكون من الذين تحدثوا عن إمكانية أن يتحول هادي من رئيس شرعي له مكانته ومقامه كقائد قاوم الانكسار، الى رئيس قد يُتهم بالخيانة العظمى، والدستور اليمني فيه من المواد التي يمكن أن تعزز هذه الفرضية.

إلا إني أؤكد أن هادي ما زال متمسك ولو بالحد الأدنى من الثوابت الوطنية التي فرط بها الكثير من القيادات اليمنية في هذه الفترة المؤلمة من تاريخ اليمن. (رغم ان البعض من الأصدقاء المتخصصين والمحليين لهم رأيهم وهو أن هادي متمسك بشرعيته وليس بالثوابت الوطنية) ،هادي أصبح أكثر يقيناً بأنه يقاتل بعيداً ، وحيداً عن القيادات التي يجب ان تكون الى جواره تسانده وتآزره وتعينه على اتخاذ القرارات التي يجب اتخاذها في الوقت المناسب ، وبمعنى أوضح أصبحت بعض القيادات اليمنية تعمل بالاتجاه المعاكس لما يجب أن يكونوا عليه وبعكس اتجاه قائدهم ورئيسهم هادي مما يجعل العمل السياسي يمر بمنعطفات ومنحدرات خطيرة جداً على اليمن ، بل أن التخاذل القبيح من بعض القيادات السياسية اليمنية كان له كبير الأثر على سير المعارك العسكرية، وهذا يظهر جلياً في موضوع اهمال مرتبات الجنود في جبهات القتال في الوقت الذي تستلم كثير من القيادات مبالغ كبيرة وهي تعيش في عواصم عربية وغير عربية مختلفة . هذا أيضا يظهر لنا وجه آخر للمعركة التي تجري في اليمن وبصورتها القبيحة.

وأنا هنا لا أبحث عن مبررات لهادي بقدر ما أحاول أن أقدر الوضع بالشكل الذي يعينني على قراءة الواقع بالشكل الصحيح ، والنتيجة التي وصلت اليها أن هادي مازال يملك الكثير من الأوراق رغم أن المجتمع الدولي يسعى لتعرية هادي وسلبه الأوراق المؤثرة التي يمكنه من خلالها فرض واقع يمني قد لا يتماشى مع المصالح الدولية المتداخلة في اليمن وتتعارض أساساً مع مصلحة اليمن واليمنيين ، ومن أهم وسائل المجتمع الدولي لهذا الأمر هو إجبار هادي على توقيع اتفاقيات يمكن أن تسلبه شرعيته ثم تشرعن للأطراف الأخرى التي استطاعت أن تنبي جسور مصلحة مشتركة مع الدول المؤثرة في القرارات الدولية.

طبعاً من وسائل المجتمع الدولي تلك استخدام مصطلحات السلام والأمن الدوليين، ثم إدارة المعارك العسكرية والسياسية وتحويل مساراتها بالطرق التي تؤدي في النهاية الى فرض القوى التي يسهل عليهم قيادتها وتوجيهها حيثما أراد المجتمع الدولي ، والتاريخ يؤكد أن المجتمع الدولي هو من يسعى لدعم الكثير من الأنظمة الفاشلة والدكتاتورية والقمعية لأنها أنظمة تحيل الأوطان الى مجتمعات منكسرة غير قادرة على البناء ولا التطور وهذا جل ما يريده الغرب الصديق.  هادي مازال قادر على تقديم الكثير ومازالت بيده الكثير من الأوراق لكن استخدام تلك الأورق تحتاج إلى قائد عظيم (انتحاري) قادر على المواجه والمناورة وقادر أيضا على التضحية وهذا كما أظن أنا شخصياً انه غير موجود في رئيسنا هادي (حفظه الله ).  

الحجر الصحفي في زمن الحوثي