السلم والمصالحة الوطنية .. خيار إستراتيجي

رفيقة الكهالي
الاربعاء ، ٢٣ أغسطس ٢٠١٧ الساعة ٠٤:٣٢ مساءً
بعد دراسة علمية لعدد من الحروب الأهلية ( الأسباب والنتائج والمعالجات ) كالحروب الأمريكية والروسية والحروب الكولومبية والليبيرية والجزائرية وغيرها من الحروب البينية ، التي تفجرت لأسباب عديدة ، وكانت ضمن حركة الشعوب لمقاومة الإستبداد والظلم والقمع والإستئثار بالسلطة والثروة والحقوق، مقاومة مسلحة بعد إستنفاذ طرق النضال والثورات السلمية ، وبعد فرض الأنظمة للقتال كخيار واقعي، لا مناص من مواجهته بالدفاع المشروع عن النفس والأرض والهوية والمشروع .. 
 
 
وبعد النظر في مآلات الأمور على الواقع ، وبخاصة في موضوع التكلفة الكبيرة لتلك الحرب ، وتزايد أعداد الضحايا من المقاتلين والمدنيين ، وتوسع الكارثة الإنسانية والمجاعة وإنتشار الأمراض والأوبئة ، وما رافق ذلك من عمليات سطو منظم لأيرادات الدولة ومواردها ، وسرقة للإغاثات الإنسانية ، وأنقطاع للرواتب ، وتدهور مريع في الخدمات ، مع طول فترة الحرب وتقلص فرص الحسم العسكري لأحد الأطراف على الآخر، بالرغم من معارك تكسير العظام المتواصلة  والفظيعة ، 
ومع إنجرار بعض القوى وهرولتها نحو التفريط بالتراب اليمني ومقدراته وشرعيته، الأمر الذي دق ناقوس الخطر من السقوط في براثن الإحتلال الخارجي لأراضينا بعد أن تجاوز البعض منا مرحلة الإرتهان لهذا الخارج والإستنصار به ، الى مرحلة التماهي والترحيب به، مما ينبى بخطر أكبر وأعمق على كل المستويات، وهو أمر غير مقبول لأي من المتصارعين بالداخل ، وأقصد هنا القوى السياسية الرئيسية كالمؤتمر الشعبي العام  بجناحيه ، وحزب التجمع اليمني للإصلاح ، وبقية القوى السياسية والإجتماعية والثورية . 
 . 
كل هذه الأمور وغيرها :
 
 
حتمت علينا الرجوع وإعادة التفكير ، للبحث عن  طريقة توقف هذه الحرب العبثية ، وتحقن دماء اليمنيين ، وتداوي الجراح ، وتعمل على لم الشمل  وتعزيز الوئام والسلام ، وتعجيل التشافي الوطني ، والتأسيس لسلام ومصالحة وطنية تتجاوز الماضي وتستشرف المستقبل ، وتبنى وطن للأجيال القادمة ، كخيار إستراتيجي لابد منه ،،،، 
 
 
وإنطلاقًاً من المسؤولية  التي على عاتقنا ، فإننا نطرح اليوم بين أيدي الشعب اليمني وقواه الحية مشروع ميثاق تحت عنوان ( ميثاق السلم والمصالحة الوطنية )، يتضمن مجموعة من الأفكار المطروحة للنقاش والحذف والإضافة ، وهو رؤية للحل من وجهة نظرنا، حفزت خروجها للعلن الحراك الحاصل في العاصمة صنعاء ، وتنامي دعوات التصالح ، والمؤشرات الإيجابية التي قدمها حزب المؤتمر الشعبي العام وهو يمهد للإحتفال بالذكرى الخامسة والثلاثين لتأسيسه . 
 
 
يتضمن الميثاق عدة بنود سنجملها كالتالي على شكل نقاط  : 
تكون المصالحة الناشدة للسلام وإعادة اللحمة الوطنية ، بين جميع أبناء الشعب اليمني بإختلاف توجهاتهم ومناطقهم وبدون إستثناء لأحد .
يشكل كيان سياسي خاص بموضوع المصالحة الوطنية من كافة الأطراف المتقاتلة ، يخرج بميثاق مصالحة وطنية تطرح على الشعب للإستفتاء عليها لتنال المشروعية  الشعبية ، والإلزام  القانوني ، وتركز على موضوع إطلاق العفو العام ، والإعتذار العام ، والعدالة التصالحية ، والتعويض ، والجزاءات  لمن ينقلب ويتنصل من إلتزاماته . 
يتضمن الميثاق إتفاق بعودة الأمور الى ما قبل تاريخ 21/ سبتمبر/2014م، وهي المرحلة التي سبقت إجتياح صنعاء ، بالعمل على ضرورة عودة رئيس الجمهورية التوافقي ونائبه وحكومته الى العاصمة صنعاء والبدء بالترتيب لمرحلة إنتقالية جديدة لمدة سنتين على الأكثر .
 
 
يتم البناء على مبادرة مجلس نواب صنعاء وبخاصة بند رفع العقوبات عن الرئيس السابق علي عبدالله صالح وأسرته ومن وردت اسمائهم من بقية الجهات، مقابل ضمان عدم مشاركة  الرئيس السابق وأسرته في الحكم مجددا ، مع إحتفاظه برئاسة حزب المؤتمر وحق الحزب في التمثيل الإداري بالدولة  وفق تفاهمات تفرزها القوى السياسية فيما بينها .
 
 
يتم إيقاف العمليات العسكرية  من كل الأطراف ، بما فيها العمليات العسكرية  لقوات التحالف العربي مع أنسحاب القوات والميليشيات المسلحة  من المحافظات ، ويرفع الحصار عن محافظة تعز وغيرها من المحافظات ، كما يرفع حظر التحالف العربي عن المطارات والموانئ اليمنية  .
يسلم السلاح الى مجلس دفاع يشكل بمشاركة الأطراف المتصارعة ، وبرئاسة رئيس الجمهورية ، ويتم فيه التوافق على برنامج لإعادة هيكلة الجيش ودمج كل التشكيلات المسلحة وبناء عقيدتها الوطنية التي لا تعلن الولاء الإ لله والشعب والوطن ، مع توفير ضمانات لإبقاء الجيش خارج العملية السياسية وتجاذباتها ، وبعيداً عن الإنتماءات الأسرية  والعشائرية  والسلالية ، وبعيداً عن المذهبية والمناطقية ، وما ينطبق على الجيش ينطبق على الجهاز الأمني بشتى تفرعاته ، من إعادة بناء وتشكيل وإنتشار الأمن على أساس وطني مهني بحت. 
 
 
تشكيل حكومة وحدة وطنية ، تعمل على تطبيع الأوضاع العامة بالبلد ، وتعمل على التجهيز لإستفتاء على مسودة الدستور ، والإعداد لإنتخابات محلية وبرلمانية ورئاسية ، مع ضرورة إستيعاب والأخذ بعين الإعتبار النقاط التي أختلف حولها ، وإيجاد آليات معينة لمراجعتها والتحاور الجمعي بشأنها .. 
 
يبقى النظام السياسي التعددي الجمهوري اللامركزي الحالي للدولة كما هو مؤقتاً ، مع توسيع صلاحيات الحكم المحلي ، حتى يتوافق اليمانيون على صيغة مرضية لنظام الدولة  بمزيد من الحوار والتفاهم والدراسة .
 
يتم إستيعاب الضحايا من كل الأطراف في برامج وآليات للعدالة الإنتقالية ، بالتعويض العادل ، والمعالجة للجرحى ، وكفالة أسر الشهداء والجرحى كفالات محترمة ، مع جبر ضرر بقية المتضررين مادياً ونفسياً. مع ضمان إحتفاظ الضحايا بالحق الفردي في المطالبة بالعدالة واللجوء للقضاء حتى لا يعتتقد أننا نؤسس للإفلات الجبري من العقاب ... 
 
 
إطلاق المعتقلين ،والمخفيين قسريا ، مع إغلاق السجون الخاصة والخارجة عن القانون سواءا التابعة لطرفي الصراع أو للأطراف الأقليمية داخل البلد .
 
 تشكل الجماعات والحركات الشعبية  ( جماعة  أنصار الله الحوثية – ثوار فبراير - الحراك الجنوبي بتنوعاته – الجماعات السلفية ) أحزاباً سياسية ، وتنخرط في العملية السياسية الديمقراطية ، وتتمتع بكافة الحقوق في المشاركة  في إدارة البلد وتولى المناصب العليا والمشاركة في القرار والسلطة الثروة وتحمل المسؤولية نحو الشعب والوطن . 
 
 تقوم الحكومة بمهمتها الرئيسية في حفظ ثروات البلد وضبط موارد الدولة وإيراداتها، وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة والقضاء ، وتسليم المرتبات ، وترتيب الوضع الإغاثي والصحي والخدمي على رأس الأولويات وعلى نحو عاجل .
 
البدء الفعلي في عمليات إعادة الإعمار لما دمرته الحرب وتفعيل مؤسسات وأجهزة الدولة ، والبدء ببرنامج إنعاشي للتنمية والإستثمار بعد ترتيب البيت الداخلى، وضمان إستقراره.
 
 
هذه رؤية تؤسس لمصالحة وطنية ، برأيي لن تنقذ البلد فقط ، وإنما ستدخل أصحابها من أبواب التاريخ الواسعة ، وستكون لها نتائجها الإيجابية ليست فقط على بلادنا وإنما الأقليم  والممرات والعلاقات الدولية ، ونحن قادرون كيمنيين على صناعة الغد الباسم لنا ولأحفادنا ، 
 
هذه قناعة وأعتقد يوافقني فيها الكثير ، ومن شذ شذ في النار .. نعم للسلم ، نعم للسلام ، نعم للإستقرار،  نعم لترك السلاح ، نعم للعمل السياسي ،نعم للبناء ، نعم للمصالحة الوطنية ، وكل عام والجميع بخير .
الحجر الصحفي في زمن الحوثي