نقط بسيطة وانتهى كلامها!!!!!

برفيسور: أيوب الحمادي
السبت ، ٠٤ مايو ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٦ صباحاً

برغم أن ابنتي في الصف العاشر وتعتبر لي طفلة تكاد لاتعرف اليمن والمنطقة العربية، انما اجدها شجاعة تحمل قيمنا واخلاقنا بغلاف يمني عربي انساني ومنطق الماني غربي. خلوقة ومؤثرة ومتحدثة لبقة تمتلك أسلوب خطابة رائع تغلف كلاهما دائما بسردية منطقية غربية. السبب يعود أنها تقراء كثير ولديها مكتبة مرتبة كل اموالها في الكتب الألمانية والانجليزية فهي تجد اللغتين كلغة أم لها. لسنوات طويلة من الصف السادس وهي رئيسة فصلها ورقم 2 في مدرستها الثانوية في مؤتمر الطلاب. دائما كلما اعود البيت تقف امامي لتسمع وجهة نظري حول شيء يشغل بالها.

قبل أيام صدعتني أنها تريد تعمل خطبة في فصلها في المدرسة الثانوية والمدرس اعطاها حريه القرار حول موضوع تختاره. أنا لا اتدخل هنا في إعطاء تفاصيل لها لأني لا أريد أن أجعلها نسخة مني وأنما يجب أن تأخذ أفضل ماتجده عندي أن اعجبها وافضل ماتجده حولها. اليوم ارسلت لي خطبتها بعد ان أخذت العلامة النهائية واترجمه كما هو حرفيا .

هنا أجد أهمية المدرسة لصناعة قدرات عند الطالب والطالبة. طبعاً كلامها مع مصادر بحثت ونسقت ورتبت افكارها وهذا في خلال 6 دقائق يجب أن تصل فكرتها. اعجبتني البداية لأنها تحدثت عن ذاتها وماتعلمته في المدرسة وفي موضوع قيمي وكيف اغلقت النهاية في موضوع حساس يصعب الحديث حوله هنا. كانت بداية خطبتها كما ترجمتها:

"... نحن أبناء أرض واحدة، ولكن هل نفعل شيئا من أجلها؟"، اقتباس من أغنية ظلت في ذهني منذ أن كنت طفلا. كانت الأغنية الأولى التي تعلمناها في حصة الموسيقى في الصف الخامس في هذه المدرسة ومنكم. ولكن عندما غنينا اللحن واستمتعنا بالإيقاعات البسيطة، ربما لم ندرك وقتها الرسالة العميقة التي تحتويها هذه الكلمات.

اليوم أود أن آخذكم في رحلة في خطابي معكم، رحلة إلى بلدان مزقها صراع عنيف دموي. بلدان كان يجب أن يعيش فيها أطفال مثلنا، ومثل أطفال هذا الكوكب، المعاناة والخوف ترافقهم كل يوم. عني أتحدث عن الصراع في الشرق الاوسط ولذلك دعونا نتعمق في واقع الصراع في الشرق الأوسط معًا.

تصاعد الصراع بسبب حادثة 7 أكتوبر 2023. في ذلك اليوم تعرضت إسرائيل لهجوم من قبل حماس. وعبر المئات من أعضائها إلى المنطقة الحدودية مع إسرائيل من قطاع غزة. وهاجمت حماس القرى والكيبوتسات القريبة من الحدود. وقتل أكثر من 250 شخصا في مهرجان موسيقي حضره نحو 3500 إسرائيلي كما ورد في الاعلام. ومع ذلك، لم يتم التحقق من هذه الأرقام بعد إلى اليوم.

هنا من المهم أن نفهم أنه لا يمكن النظر إلى يوم السابع من أكتوبر بمعزل عن غيره وأنما هناك محطات لاتعد للصراع. مما يمكن اختصاره ان الوضع في قطاع غزة اتسم منذ فترة طويلة بالفقر واليأس والعنف. ففي الأيام التي سبقت 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان هناك تصعيد في التوترات، مما سلط الضوء على معاناة سكان غزة.

على سبيل المثال، في 4 أكتوبر/تشرين الأول، تم إطلاق النار على متظاهرين فلسطينيين مسالمين أثناء احتجاجهم على حقوقهم. 5 تشرين الأول (أكتوبر)، في الضفة الغربية قتل أربعة فلسطينيين أبرياء. في 6 أكتوبر، الضفة الغربية كان هنا مستوطن إسرائيلي قتل عدة فلسطينيين وهكذا هي الحوادث اليوم التي يسقط فيها الأبرياء. لذلك، من الخطأ الادعاء بأن يوم 7 أكتوبر 2023 هو سبب الوضع الحالي أو نهاية الصراع، فالصراع متجذر بعمق في حوادث لا تعد ولا تحصى.

دعونا الآن نلقي نظرة فاحصة على العلاقة بين فلسطين وإسرائيل. فمن ناحية، لدينا فلسطين، البلد الذي عانى من الاحتلال والصراع لعقود من الزمن. فلسطين دولة بلا جيش، بلا بحرية، بلا قوة جوية. دولة بميزانية عسكرية سنوية صفر دولار. ويعيش السكان في ظروف محفوفة بالمخاطر (غير مستقرة وغير مؤكدة)، وغالباً ما لا يحصلون حتى على الموارد الأساسية مثل المياه والكهرباء والرعاية الطبية. ويعيش العديد منهم في مخيمات اللاجئين الموجودة منذ أجيال والتي لا توفر في كثير من الأحيان ظروف معيشية إنسانية.

ومن ناحية أخرى، لدينا إسرائيل، الدولة التي تمتلك أحد أقوى الجيوش في العالم. إن إسرائيل مجهزة بأحدث الأسلحة والتقنيات التي تجعل منها قوة عسكرية إقليمية ثقيلة. لدى إسرائيل جيش وبحرية وقوة جوية، وجميعها على أحدث طراز. وتبلغ ميزانية إسرائيل العسكرية مليارات الدولارات سنويا، وهي مدعومة بالدعم الأجنبي الضخم. ومن الواضح أن ميزان القوى هنا غير متكافئ للغاية. فبينما تمتلك إسرائيل جيشاً قوياً ومجهزاً تجهيزاً جيداً، فإن الفلسطينيين لا حول لهم ولا قوة تقريباً.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، تفاقم الوضع، ويعاني سكان غزة أكثر من عواقب "الإجراءات الدفاعية" التي تتخذها إسرائيل. اسمحوا لي أن أقدم لكم بعض الأرقام: منذ 7 أكتوبر. لقد قُتل 31 ألف فلسطيني، من بينهم 12300 طفل بريء، وهو أكثر من عدد الأطفال الذين قُتلوا في جميع الصراعات في السنوات الأربع الماضية. وأصيب 73 ألف شخص ويعانون من آثار طويلة المدى. لقد فقد 17000 طفل والديهم وأصبحوا الآن أيتامًا دون أي أمل في مستقبل أفضل.

هذه ليست أرقام مجردة، بل أشخاص وأطفال فقدوا أحلامهم وآمالهم. ومع ذلك، يبدو أن الكثير منا يتجاهل معاناة هؤلاء الناس. لقد أظهرنا التعاطف والتضامن أثناء الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالصراع في الشرق الأوسط، فإننا في كثير من الأحيان لا نسمع إلا الصمت.

وأنا أسأل نفسي لماذا ذلك؟ لماذا يصعب إظهار التعاطف عندما يأتي الضحايا من دولة عربية إسلامية؟ لماذا يُنظر إلى الصراع في الشرق الأوسط في كثير من الأحيان باعتباره معقداً للغاية أو بعيد المنال بحيث لا يمكن الحديث عنه؟ يتعلق الأمر بالحرب والظلم والموت. هل نقيم ضحايا الحرب على أساس لون بشرتهم ودينهم، أم لماذا يعتبر الحديث عن هذا الموضوع من المحرمات؟

ومن المهم التأكيد على أن حماس ليست ممثلة لفلسطين فحماس لاتوجد في الضفة الغربية وهناك أيضا يقتل الكثير من الفلسطنيين. هناك ينتقد العديد من الفلسطينيين حماس ويرفضون أساليبها. وكثير يقول إنهم ضحايا الصراع مثلهم مثل المدنيين الإسرائيليين.

هنا أريد أن أوضح أنني أدين أي شكل من أشكال العنف، سواء من حماس أو من إسرائيل. لكن ما تفعله إسرائيل لم يعد دفاعا. إن استخدام العنف والحرمان من الموارد الحيوية أمر غير مقبول ويجب أن يتوقف.

وأخيرا، أود أن أؤكد أن حجم المعاناة في فلسطين كبير لدرجة أنه تم توجيه اتهامات بالإبادة الجماعية من قبل إسرائيل في محكمة العدل الدولية. وهذا الاتهام خطير ويتطلب ردا دوليا عاجلا. ولا يمكننا أن نستمر في الوقوف مكتوفي الأيدي بينما يموت الأبرياء.

ولنعود إلى آخر كلمات الأغنية في حصة الموسيقى في الصف الخامس والتي تقول "وهنغير العالم تعالوا نبدأ بأنفسنا". ويذكرنا ذلك أن التغيير يبدأ بأنفسنا. فلنبدأ اليوم معًا اليوم بالعمل من أجل السلام والعدالة والتضامن. فلنطالب بوقف فوري لإطلاق النار في الصراع في الشرق الأوسط، ولنعمل من أجل مستقبل أفضل للجميع.

لأننا معًا نستطيع تغيير العالم نحو الأفضل. لذلك دعونا نكون صوتا لأولئك الذين ليس لديهم صوت لجعل رؤيتنا لعالم ينعم بالسلام حقيقة واقعة.

شكرا جزيلا لكم على اهتمامكم..." انتهى كلامها

كل التفاعلات:

١٫١ ألفحسين السهيلي، وShaza Muharram و١٫١ ألف شخصًا آخر

الحجر الصحفي في زمن الحوثي