يقترب القطاع المصرفي اليمني في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي من حافة الانهيار والإفلاس، في ظل استمرار أزمة السيولة النقدية الخانقة، وسياسات الميليشيا المالية التي انعكست سلبًا على الاقتصاد الوطني بشكل عام، وأضرّت بالقطاع المصرفي على نحو خاص.
وعلى مدار الأسبوع الماضي، شهدت صنعاء احتجاجات غير معهودة أمام البنوك التجارية الخاصة، شارك فيها عشرات اليمنيين المودعين؛ للمطالبة بالإفراج عن ودائعهم، بعد توقف البنوك عن المبالغ المالية المحدودة التي كانت تُصرف للمودعين كأقساط.
نتيجة طبيعية
وقال الخبير الاقتصادي محمد الجماعي، لـ"إرم نيوز"، إن الأزمة التي يعيشها القطاع المصرفي في صنعاء تأتي نتيجةً طبيعية لسنوات من السياسات التي تفرضها ميليشيا الحوثي، في محاولة لإثبات قدرتها على إدارة المشهد الاقتصادي.
وأكد أن الحوثيين احتجزوا في العام 2016 ودائع البنوك في مركزي صنعاء، وألزموها بسحب إيداعاتها من فروعها في المحافظات ونقلها إلى صنعاء، إضافة إلى اتخاذهم "عددا من الإجراءات القاسية، منها فرض سعر قسري لقيمة العملة.
تبع ذلك، بحسب الخبير الاقتصادي، إجراءات أخرى لإثبات صواب قراراتها، وقد وصفتها بيانات الغرفة التجارية والاتحاد العام للغرف التجارية بأنها تخالف "قوانين الأرض والسماء".
وأشار إلى قوانين "غير شرعية أصدرها الحوثيون استنادًا إلى البرلمان المنتهية شرعيته في صنعاء، كقانون تحريم الربا؛ للالتفاف على مطالبات البنوك بفوائد الودائع لدى البنك المركزي في صنعاء، الذي صرح لاحقًا بعدم وجود سيولة لديه، وعرض إعادة بعض الودائع لكن بالتقسيط وبسعر مصارفة العملة في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
وبيّن الجماعي أن هذه السياسات التي تفتقر لأدنى اتصال بوضع الاقتصاد أو حركة الأسواق، أدخلت القطاع المصرفي في صنعاء بمعارك قضائية على الودائع مع العملاء والمودعين، الذين كانوا غالبًا ينتصرون بأحكام قضائية ضد تلك البنوك.
ودعا البنوك إلى استغلال الفرصة والاستجابة لقرار محافظ المركزي اليمني في عدن "للهروب من واقع صنعاء ولو بخسائر كبيرة"، معتبرا أن ذلك الأمر "أفضل من انهيارها كليًا أو دخولها ضمن قائمة غسيل الأموال ودعم الإرهاب، خاصة بعد تصنيف أمريكا ميليشيا الحوثي جماعة إرهابية".
وكان البنك المركزي اليمني في عدن قد أمهل البنوك، مطلع أبريل/نيسان الماضي، 60 يومًا لنقل مراكزها الرئيسة من صنعاء إلى عدن الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا؛ "نتيجة لما تتعرض له من إجراءات غير قانونية تعرضها لمخاطر تجميد حساباتها وإيقاف التعامل معها خارجيًا".
مخاطر جسيمة
وعلى إثر الصراع السياسي الذي يشهده اليمن منذ قرابة 10 أعوام، امتد الانقسام إلى القطاع المصرفي، وسط سياستين نقديتين مختلفتين، وبنكين مركزيين منفصلين، أحدهما يحظى بالاعتراف الدولي.
وحذّر المحلل الاقتصادي وفيق صالح من "مخاطر جسيمة" تحيط بالقطاع المصرفي، بعد تعرّض البنوك التجارية والإسلامية إلى إجراءات حوثية ممنهجة، تهدف إلى تدميرها والدفع بها إلى مرحلة الإفلاس الكامل.
وقال صالح، في تصريح صحفي، إن ممارسات الحوثيين بدأت بنهب الاحتياطي النقدي في البنك المركزي اليمني بصنعاء، المقدر بنحو 5 مليارات دولار، ثم الاستيلاء على استثمارات البنوك في أذون الخزانة بمركزي صنعاء.
وبيّن أن ذلك "جعل العديد من البنوك عاجزة فعليًا عن دفع ودائع وائتمانات المودعين والعملاء وكبار التجار، كون هذه البنوك كانت تستثمر الودائع في البنك المركزي بصنعاء، منذ ما قبل الانقلاب الحوثي، إلى جانب القيود التي مارسها الحوثيون على هذه البنوك، والتي وصلت إلى فرض جبايات مالية طائلة، واقتحام مقارها الرئيسة في صنعاء".
وأكد صالح أن تمرير الحوثيين ما يسمى بـ"قانون منع الفائدة" شرعن نهب ودائع العملاء، وأفقد القطاع البنكي أهم وظائفه المالية والمصرفية، وحوّل البنوك إلى كيانات صغيرة تشبه الدكاكين.
من إرم نيوز