أمريكا والصهيونية...من يدير الآخر؟

د. محمد شداد
السبت ، ١٣ يناير ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٥٤ مساءً

بينما تسرح  أمريكا وتمرح في العالم وتبسط ذراعيها عليه بقواتها وقواعدها العسكرية وأساطيلها المنتشرة في محيطات العالم وبحاره و في عواصم الدول وصحاريها، وينظر اليها العالم كدولة مستقلة كاملة السيادة، غيرانها في الواقع مستلبة القرار وناقصة السيادة، لأنها  كأرض وشعب أسيرة للصهيونية العالمية ومرتهنة لدى  العصابات الرأسمالية وشركات النهب العالمي..

أمريكا التي تسوّق نفسها كراعية للديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة ليست اكثر من صورة زائفة وأكذوبةً كبرى حيث تخضع لسطوة الصهيونية العالمية التي تقيد رؤسائها ونخبتها السياسية والأقتصادية والفكرية وتسوقهم من أعناقهم لخدمة اجنداتها الشيطانية..

أمريكا التي يستحلب مرشحوها للرئاسة الصهيونية ويرضعوا رضاها قبل أن يعلنوا عن ترشحهم وصياغة برامجهم الانتخابية، يتوسلون اليد الحانية من اللوبي الصهيوني، وتسوق حملاتهم  الانتخابية الجماهير إلى صناديق الإقتراع معصوبي الأعين، أسيري الأرواح ليس لديهم خيار آخر سوى اختيار أحد الشياطين المرشحين المدفوع بهم من الصهيونية،  كي يختاروه رئيسًا ليحقق أحلامهم ويرفع عن كواهلهم طواحين المادية والبرجماتية البشعة..

لم تتعلم أمريكا من هزائمها المتلاحقة أمام العالم بسبب الصهينة! ولم يدرك الشعب الأمريكي مدى خيبات رؤسائهم و ساستهم من الحرب الكورية عام 1950م ، التي أكلت 250 الف جندي أمريكي و700 الف جندي من حلفائها وخرجت تجر  أذيال الخيبة والخزي والعار..

 إلى الحرب الفتنامية " 1950م-1973م" والتي قُدِّر عدد الجنود والمدنيين الفيتناميين الذين قتلوا من 966000 إلى 3812000. كما تشير سجلات عام 2017 الحالية إلى أن الصراع أدى إلى مقتل 58318 أمريكيًا حرباً اعتبرها غالبية الشعب الأمريكي حرب غير أخلاقية وغير مبررة، ضد شعب في أقاصي الشرق ليس له تأثير على مصالحها تدخلت في الحرب التي هَشَمَ الشعب الفتنامي أنفها وخرجت بهزيمة   كما خرجت من الحرب الكورية، عارية البدن يرى سؤاتها العالم إلا المغفلين، ومعصوبي الأعين من الأمريكان وباقي العالم المغشوش بمبدأ  امبراطورية القوة التي تُرهب ولا تخاف..

لم يتعلم الشعب الأمريكي من تدخل حكوماتهم بالشأن العراقي وصنع المكايد وصناعة الأفخاخ كي يوقع بالعراق، في حرب الخليج. ابتدعوا فِرية السلاح النووي، قاوم العراق وأُهرق الدم الأمريكي وكسرت هيبة البعبع الخادم لأمن الأسرائيل، وتمكن اللصوص من ثروات العراق وتشريد شعبه وتدمير جيشه وكل قواه، تصعلكت أمريكا ما استطاعت غير أنها واجهت مقاومة شرسة خرت أمامها ساجدة ذليلة..

 ظهر أياد علاوي ومعظم المعارضين لنظام صدام حسين يتحسرون عليه وصفوه بأسد العراق وأن اسمه كان يصنع لهم القيمة وهم في الجبهة الأخرى يقاتلون مع إيران ضد بلادهم..

عرف الشعب العراقي شيعته، وسنته، عربه، وأكراده، حقيقة الهدف من الحرب الأمريكية الصهيونية ضد بلادهم لكن بعد فوات الآوان، هدف كان في ظاهره التخلص من نظام صدام حسين والباطن تدمير العراق دولةً وجيش، قالها إياد علاوي الخصم الأكبر لصدام حسين وأردف تحسرنا على الرئيس السبع العراقي الشجاع حسب وصفه وأعلن حسرته واعتذاره..

دخلت أمريكا أفغانستان إثر أحداث 11 سبتمبر، جيشت ضد الأفغان وهي تبرق وترعد وتنشر إرهابها عبر مبدأ "من لم يكن معنا فهو ضدنا". وصفها العالم بالأسد الجريح.  وإذا بالأسد الذي عضدته أربعين دولة مسيحية خرج بعد عشرين سنة من أفغانستان مبتور الذيل، مسمول العينين، مهزوم النفس، سيء السمعة، تاركاً خلفه بلداً ممزق وشعباً منتصر وإرادة أفغانية بعد عقدان من الحرب أكثر قوة ومنعة..

تُشرِّق أمريكا وتُغرِّب وتسحب أوروبا العجوز خلفها وتحشر أنفها في كل شأن عالمي وهي ترزح تحت أبشع احتلال للعصابات الصهيونية تعري أخلاقها وتخدش حيائها أينما أتجهت في حروبها وحلت..

 وليست أوكرانيا التي كانت أرضاً للمعامل البيولوجية الأمريكية لنشر الأمراض والأوبئة ونشر الفيضانات وإسقاط الأمطار الحمضية وتدمير الزراعة وتلوث المناخ في العالم ببعيدة عن حربها القذرة ضد جمهورية روسيا الاتحادية، صهاينة أمريكا يبيدوا الشعب الفلسطيني وترتكب بهم ومعهم جرائم الإبادة الجماعية المحرمة دولياً..

 وتبكي على أطفال أوكرانيا وفواجع الحرب وأهوالها على سكانها ذوي البشرة الصفراء والعيون الخضر، إنه النفاق والسقوط الاخلاقي المريع، والقهر والاحتلال الاستيطاني لفلسطين من 75 سنة..

 أرادت لروسيا التفكيك بتهديد أمنها من حدودها  كما أخافت باقي شعوب العالم ودمرتهم، غير أنها اصطدمت بصخرة ستالين، البلد الذي ثرواته الزراعية والنفطية والغازية والمعدنية وقوتها النووية لا تُقهر. خافتها في السر وهي تُخيف في العلن واللص وإن بدا قوياً يرتعد في السر..

 انقطع النفط والغاز الروسي زهيد الثمن على أروبا، انطفأت أفران الغاز في ألمانيا وزادادت الضرائب وانتشرت فيها فوضى التظاهرات الاحتجاجية على سوء المعيشة، نتيجة انسياقها وراء أمريكا ودعمها لعصابات القتل ضد فلسطين، وهي التي اكتوت بنيران الحروب والقهر والاغتصاب والجوع والخوف في حروبها العالمية الأولى والثانية، لأن الهومو والعمى الصهيوني الأمريكي أعماها وشل تفكيرها و كبلها وقيد خطاها.. 

 

في ظاهرةٍ غريبة لم تحدث في تاريخ البشرية، دولة سليبة الأرادة تحتل أوروبا بأمبراطورياتها الاستعمارية القذرة "فرنسا ، بريطانيا، ألمانيا"، تهُزْ دول الشرق تحاول كسر التنين الصيني والدب الروسي لصالح دولة غازية في فلسطين إسمها إسرائيل تقود الكل. لقائط مجتمعات العالم وبواقي نفايات الدول الأروبية والشرقية. تعبث بالعالم، تقود أمريكا الأسد الخائب الكسير..

 

 يُهرج في  مسرحية العصابة الحوثية ويستدر رضاها حتى لا تتوسع رقعة الصراع الاسرائيلي العربي الفلسطيني وحتى لا تقع في مستنقع اليمن. تدرك يقينًا أنه ما حاولت قوة مهاجمة أرض قحطان أولو البأس والقوة إلا وغرقت فيه وإن تصدرت العصابة الحوثية المشهد فهي مشهد في أرض اليمن ليس إلا، وإن ركب مخدوعيها أحفاد الملوك والحضارة الحميرية البحر معذورون لأنهم خُدِعوا، وتأسرهم قيم العروبة والإسلام..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي