تضحيات اليمن..والخداع الأمركي الشعي

د. محمد شداد
الخميس ، ٢١ ديسمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٤:١٩ مساءً

لليمنيين تاريخ لا حدود له من التضحيات في سبيل ترسيخ دعائم الدولة الإسلامية ابتداء من معركة بدر وانتهاء بمعركة بلاط الشهداء على حدود فرنسا بقيادة القائد اليمني الشهير عبدارحمن الغافقي، من قبل أن يخلق حسين الرسي والحوثي والشيعة الذين لم يُعرف لهم أثر في مثل تلك القضايا..

أُهرقت دماء اليمنيين في الحدود العراقية الإيرانية في سبيل الدفاع عن العروبة، دفاعاً عن بوابة الشرق العربي من دهماء الفرس، وتجدها دماءً ورسم على الحدود السورية الفلسطينية دفاعاً عن شرف الأمة، في حرب 1973م  حينما تطوع الطيار اليمني الملازم أول طيار عمر غيلان الشرجبي من شرجب، تعز، خلال حرب أكتوبر 1973م للخدمة في سلاح الجو العربي السوري، وبعد مقتله خلد السوريون اسمه ببناء نصب تذكاري له في أحد أكبر شوارع العاصمة دمشق..

 

أما الحروب العربية الفلسطينية  ضد الاحتلال الصهيوني فلأبطال اليمن معها ألف قصة وحكاية، من حروب 1948م وحتى اليوم تراهم في غزة ويخوضون المعارك جنباً إلى جمب مع الغزاويين المغاوير، وبالتأكيد ليسو شيعة إيرانيين ولا من أذنابها. وهناك تناسٍ متعمد وإنكار لدماء أول شهيد يمني قُتل دفاعاً عن جزيرة طمب الكبرى الإماراتية عند احتلال إيران لها في 30 نوفمبر عام 1971م بضوء أخضر من بريطانيا مقابل تخليها عن دعوى أحقيتها بجزيرة البحرين..

وبينما العالم يخرج مطلقاً صرخاته في السماء أوقفوا الحرب على غزة وينادي بالحرية لفلسطين هناك من يتجر بالدماء الغزاوية والأرواح الطائرة تحت عرش الرحمن بخسة وغياب من ضمير... هناك من يهتف بحرية فلسطين وهو يخبئ بين جوانحة نوايا استمرار القهر لشعب طالما دافع وتعاطف وساهم في الدفاع عن قضايا أمته تحديداً فلسطين..

ويأتي من يتجر اليوم بالقضية الفلسطينية على حساب تاريخ اليمن النضالي المشرِّف لليمنيين لحساب أمانيه وطموحاته في سبيل شحت الاعتراف الأمريكي والغربي بحكم غاصب كأمر واقع صفيق، فرضته ضروف التناحر بين أطراف الصف الجمهوري فتسلل منها كي يعيد اليمن إلى ما قبل التاريخ.. منهجية إيران في إدارة أزماتها وملفاتها السياسية وعلاقاتها الخارجية معروفة، أمةٌ نعترف لها بالتفوق في هذا الجانب على العرب بمرارة وحتى على خصومها في الغرب..

إيران التي تذبح عدوها بطقنة ناعمة، إيران النَفَسْ البشري الطويل الذي يعمل الواحد منهم من عشرين إلى ثلاثين وحتى الأربعين عاماً حتى ينتج سجادة واحدة، إيران التي لم تصنع قنبلة يدوية فأخذها بيد وأشارت بالأخرى إلى القنبلة اليديوية الأمريكية وقالت " شو الفرق"  كما فعل الراحل صدام حسين، إيران صنعت ترسانة أسلحة صاروخية وطيران مسير صدرته لدول عظمى كروسيا والصين وقد تمتلك الأسلحة النووية دون أن يُطلق عليها صاورخ من قبل الغرب الذي دمر العراق على إثر شعارات جوفاء وصناعة أسلحة خفيفة.. يتسامرون مع الصهيونية سراً إيهاماً للعرب أنهم على عداوة يعلنون الحرب بينهم نهاراً، تقتل أمريكا قاسم سليماني وتبرق إيران وترعد نهاراً، وليلاً تتصل بترامب إنِّا سنقوم بما يحفظ ماء الوجه سنقوم برشقة صاروخية على حدود القاعدة الأمريكية في العراق (والمعذرة على الإزعاج). الطبيب علي أكبر ولايتي وزير خارجية إيران لما يربو على عشرين عاماً والمدرس في كلية الطب كان بمثابة هنري كيسينجر أمريكا في الكياسة والدهاء أدار ملف العلاقات الخارجية والدملوماسية الإيرانية في أحلك ضروفها إبان الحرب العراقية الايرنية وإلى أواخر تسعينات القرن الماضي فكان أسطورة في السيلسة الدهاء.. ذكرني بالطبيب أبو بكر القربي الذي دمر آخر اتفاقية كانت قد صيغت بين حزبي المؤتمر الإصلاح  لتفادي الكارثة الحوثية التحالفية الأخيرة، ذكرني بفارق الحكمة والغباء من رجلان كلاهما طبيب وكلاهما درس في الغرب غير أن ما تحتويه الجماجم مختلف..

وكما أصبحت إيران مصدرة للسلاح باتت منظرة للدهاء في تفادي الحروب المدمرة على أراضيها وتصديرها لبلدان البلهاء، يُصرِّح المندوب الإيراني في الأمم المتحدة أن إيران لن تتدخل في الحرب مع غزة ويحذر من توسع رقعتها بعيداً عن أرضها، هناك في لبنان سوريا واليمن حيث أذرعتها تختفي وتحارب عنها بالنيابة ولا يهمها ما قد يلحق بهم من دمار..

تفادت لبنان المنهكة المواجهة واختفت صواويخ حسنها المعمم، لانها متهالكة ولم يعد بمقدورها تحمل حرب ساعة مع بني صهيون، صدَّرت إيران أسلحتها وخبراءها إلى سواحل اليمن كي يشغلوا الملاحة البحرية على باب المندب وفي السواحل اليمنية تمنينا لو أنها صدقت نواياهم وكان ما فوق الطاولة على خلاف ما تحتها..ما تجريه أمريكا من تلميع للحركات الشيعية عبر دعمها الخفي في حروبها وعبر بطولات غزة كي تقبلها الشعوب المذبوحة لم يعد خافي على أحد..

ختاماً: المفاوضات والاتصالات التي تجري بين الحوثيين برعاية إيرانية مع الأمريكان في عُمان على إثر تهديد الملاحة الدولية على السواحل اليمنية ومحاربة إسرائيل ولإيصال "السكر الطحين والزيت" لقطاع غزرة، فيها من العهر السياسي اللأخلاقي ما يهدم ذرى الأخلاق الدينية والإنسانية معاً، وكما بدأت سطور المقال ستنتهي، مشيرًا إلى أن ما يجري من معارك وهمية واستغلال لقضية فلسطين ما هي إلا تخدير لأعصاب عوام اليمنيين من ناحية وشحت الاعتراف الامريكي الصهيوني بحكم الإمامة العائدة من ناحية أخرى ولفسلطين الحرية ولأهلها الصابرين النصر بعيداً عن مسرحيات الكوميديا الشيعية الساخرة..  

الحجر الصحفي في زمن الحوثي