حقد الغرب...في بلاد العرب..

د. محمد شداد
الثلاثاء ، ٣١ اكتوبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٦:٣١ مساءً

لم تكن صناعة إسرائيل في الشرق الأوسط تلبيةً لتعاليم الديانة اليهودية وما أورده التوراة وأكذوبة أرض الميعاد، لأن العلماء الأصوليون للديانة اليهودية يبصقون في وجه كل تلك المقولات ويعتبرون قيام دولة إسرائيل الصهيونية كُفرٌ بالله ومعصيةً لأوامره، وما قادة الحركة الصهيونية إلا ملحدون كفرة لا علاقة لهم بالديانة اليهودية.

 عملت الدول الاستعمارية على بناء قاعدة عسكرية متقدمة في الشرق الأوسط تحديداً في فلسطين لشطر العالم العربي إلى نصفين كخنجرٍ غُرس في قلب الامة يشرب دماها ويحمي مصالح الدول الدول التي تبنت فكرة الصهيونية ودعمها بكل الطرق السياسية، الاقتصادية والعسكرية المباشرة وغير المباشرة..

لم تقم الحركة الصهونية ببناء الكيان الصهيوني تلبية للحقوق اليهودية ولتحقيق حلم العودة إلى أرض الميعاد كما روجتها وسائل الإعلام الصهيونية والغربية، وإنما لغرضٍ كشفته وبانت سوءته الأحقاد الغربية على دول كانت تحت نفوذها ووصايتها تنهب ثرواتها تجرف ثقافتها وأصيل بناها،  حتى انفجرت الثورات العربية والتحررية في أسيا وأفريقيا تحديداً، بدعمٍ غير محدود من المد القومي واليساري الروسي حينها في إطار الحروب البينية الباردة..

لم تتخيل فرنسا أنها ستُقتلع من أرض الجزائر التي كانت قد أعدتها امتداداً لأراضيها ومصالحها ووطنت اثنان مليون ونصف من سكانها في قلب الجزائر وجنَّست جُل الشعب الجزائري وجنَّدت منه مائة وخمسون ألف جزائري يعملون في جيوشها ويساعدونها على قمع الثورة الجزائرية ذاتها.

 فكيف لها أن تستسيغ خروجها منها ومن صحرائها الواسعة التي اعتبرتها حقلاً واسعاً  لتجاربها النووية التي لا زالت أثارها تحصد أبرياء الجزائر وتشوه مواليدهم حتى الساعة، غير أنها اقتُلعت ومعها أسنانها وضروسها بعد أن امتدت عمليات الثورة الجزائرية إلى قلب باريس التي أوجعتهم وأرغم شعبها ديجول فرنسا ودولته على الإنسحاب منها وجر أذيال الهزيمة والفشل..

خرجت من سوريا والمغرب وتونس وبقيَ حقدها المشع تجاه الشرق الأوسط يشده الحنين والعودة عن طريق دعم السرطان الصهيوني..في بلاد الخصوبة والثروات وأرض الله ودياناته السماوية الثلاث..

لم تكن بريطانيا أقل منها ذُلاً وانكسار عندما أُجبرت على الإنسحاب ومغادرة اليمن والعراق ومصر وعُمان ومن ساحلها الممتد إلى أرض الكويت، أرغمتها رصاصات الثوار وكفاح الشعوب بكل الطرق خرجت من الهند الكبرى باكستان والهند وبنجلادش، بعد أن أسست فيها لخرائط وملفات صراع عرقية ودينية مستدامة وتركت كشمير المسلمة تئن تحت السيطرة الهندية كونها مسلِمة الديانة حتى اليوم، ولا يعتبر رئيس الوزراء الهندي المتعصب "مودي" إلا صدًا مقيتًا فانساق يناصر الغرب واسرائيل كرهًا في الإسلام والمسلمين. 

ولم يعد لفرنسا وبريطانيا التي بنت للأفعى جحرٌ في فلسطين إلا سُم أحشائها تنفثه عبرها كمعبر تنشره على باقي دول الشرق الأوسط، أما إيطاليا وألمانيا واليابان نُزعت أسنانها وكُسرت أسنة رماحها واصبحن  عقب الحرب العالمية الثانية رهائن سياسيًا واقتصاديًا بيد أمريكا ولم يعد لديهن سوى اللهث وراء أمريكا تجرجرهن خلفها يصوطن لصالح ما تقرره شرقاً وغرب..

انسحبت دول أوروبا عسكريًا من الشرق الأوسط والجزيرة العربية وشمال أفريقيا وبقيت مهيمنة من تحت الطاولة، بعد استغاثت تلك الدول بأمريكا لإيقاف آلة هتلر العسكرية الجبارة أغاثتها لكنها انثنت بعدها على ما تبقى لها من نفوذ في الدول المتحررة  لتحل محل كل تلك الدول أجمع  كأمريكا العظمى كقطب  غربي يمثل كتلة الغرب كله لإيقاف المد السياري السوفيتي اليساري حينها ..

حلت أمريكا محل تلك الدول وتبنت الحركة الصهيونية بعد بريطانيا في فلسطين ووضعت كل ثقلها لتكون اليد الطولى لإذلال دول المنطقة وتأديب المارقين عليها، تجاوزت كل الخطوط الأخلاقية والسياسية والدبلوماسية والحقوقية، ألقت بكل القوانين الدولية المتعلقة بالسلم والأمن العالميين، وحرية الشعوب وحقها في مقاومة الاستعمار جانباً، عند تعرض كيان الصهاينة للخطر تتجاوز كل القوانين المتعلقة بحقوق الإنسان في كل حروبها مع الدول العربية والإسلامية..

 لم تجف الدماء العراقية جراء ما فعلته أمريكا وأذنابها بعد، ولم تعد قادرة على لملمة أشلائها بعد غرقها في النزاعات المذهبية والعرقية والسياسية جاء بوش الإبن بعد كل ذلك ليعتذر ويعلن بكل وقاحة أن دعوى امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل التي كانت الذريعة قال  كانت خطأ منهم وخطئية بحق الشعب العراقي الجريح..

لم تشعر الدول الاستعمارية بالخجل من أفعالها ضد دول العالم الثالث بما فيها دول الشرق الأوسط من جرائم، ولم يردعها الضمير الإنساني وصحوة شعوبها، بل لا زالت في غيها سادرة، تحيط دول الحقد بغزة تقودها أمريكا وتُسخر كل أجهزتها الاستخباراتية وأقمارها الصناعية وما استجد من آلتها العسكرية والصناعية، لسان حالها أن الانتقام لذُل هزائمها أما الحركات التحررية لازال يحز في أحشائها ويُدمر نياط قلوبها، وما تلك الهبة لكسر حماس إلا نوعًا من أنواع الانتقام الفاحش، تدفع ثمنه فلسطين أطفالًا ونساء وبنى تحتية واجتماعية طيلة 75 سنة عمر الكفاح والاحتلال، لم يرُقها أن هناك أناس قالوا لها ولوكيلها الغاشم في المنطقة لا، وأهانوا وليدها وحطموا أسطورة الجيش الذي لا يقهر ومرغوا أنفها بالطين..

ستنتصر فلسطين طالما وكل ضمائر العالم الحر معها، لم تصعد كقضية إلى عنان السماء ولم تسمع بها شعوب العالم وتتعاطف مها كما سمعت بها وتعاطفت معها اليوم، ثمن الحرية باهض وعلى الشعوب التي تئن تحت الطغيان الشيعي السلالي الامبريالي والصهيوني أن تتهيأ وتعد العدة لأن طريق النضال محفوف بالمكاره والمصاعب وتكالب الأعداء، واصطفاف الشياطين على كل الصُعيد واحد؛ لحماية مصالحهم ولو فنيت الشعوب من على وجه الأرض وبقى جوفها وما به من ثروات لإشباع هوسها المادي المقيت..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي