لماذا سبتمبر؟

د. محمد شداد
الاربعاء ، ١٣ سبتمبر ٢٠٢٣ الساعة ٠٥:٠١ مساءً

للأمم أعياد ومحطات وطنية تقف عندها تحتفي بصناعتها وبصُنَّاعها، وتحتفل بها وتستلهم منها زادها ووقودها، تقف على شرفاتها لترى المستقبل وترسم الخطط الاستراتيجية للبناء والتنمية، وإسعاد الناس ورسم الابتسامة على وجوههم، عندما كان يحتفى الزعيم الحمدي  بستمبر كان له صداه ورونقه، في المدن الرئيسية الثلاث صنعاء تعز والحديدة، كانت الناس تدخر نقودها لهذا اليوم وتلبس الجديد، تتدفق الجماهير من النواحى والقرى إلى الميادين كي تستعرض وتستمع لخطاب الرئيس الجمهوري الخالص..

كان لسبتمبر شمسه في شماله والجنوب كان المحطة الأولى الطلقةُ الأولى لتحرير الأمة اليمنية من نير الاستعمار واحتلال الإمامة وحكم السلالة، كان للجنوب دوره الطاغي في إسناد الثورة بصدق وكان للرأس المال الوطني دوره الأبرز ولرجال الأعمال العُملة الأولى في السند والصرف والإسناد، كما كان للشمال أيضًا دوره في إسناد ثورة الرابع عشر من أكتوبر بعد تحطيم قيود الإمامة وكسر حدودها الجغرافية والسياسة والعرقية والقبيلية، تدفق المناضلون من كل القرى والمدن المتاخمة للجنوب وتحولت ساحاتها لميادين للتدريب والدعم والإسناد السريع، امتزجت الدماء اليمنية كلها على قمم الجبال من صعدة شمالًا حتى مشارف المهرة جنوبًا..

لم يكن سبتمبر ذلك الحدث العابر كي يغفله الناس، كان انفجارًا بركانيًا دام غليانه قرون، ودام التخطيط له عقود، كان نتاجًا لثورة الشعر والفلسفة وانحناء الأعناق أما سيَّاف الإمامة ولهيب الجلود أمام جلاديها في سجونها البعيدة والموحشة..

استفزت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر الروح والوطنية عند سكان أهل الأرض، سبأ حمير وأحفاده وعززت الشعور بالانتماء الوطني، وكما حركت ثورة النبي محمد عليه الصلاة والسلام الروح الإيمانية عند العرب ضد الخرافة والعبودية والشركيات والجهل والظلم، وكسر أغلال الطغيان والمسيدة، جاءت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر على نفس النهج وسارت بنفس الطريق جاءت محررةً ومنظمة لحياة الإنسان اليمني ومعيدة له الروح الحضارية الأصيلة استعادت ما نهبه لصوص الإمامة وحشمهم وخدمهم عبر السنين..

كان طميم الذي أحرق مارد الثورة وقتل محرريه من الظلم بداخلها مغزوًا بجهل الإمامة، الذي قتل على عبد المغني كان عقله مغيبًا في دهاليز الإمامة، الرصاص النذل الذي اغتال الزبيري أطلقه شيطان بصورة إنسان نفخت الإمامة الشيطانية روحها فيه، الذين اغتالوا عبدارقيب عبدالوهاب ورقصوا على جثته مسخت عقولهم الإمامة ولم يعرفوا للحرية والكرامة معنى..

هي ثورة الثورات ثورة السادس والعشرين من سبتمبر هي وحدها من كسرت كل تلك القيود والأغلال وغسلت بأونيها عقول اليمنيين وصححت مفاهيمهم، وأعادتهم إلى الطريق القويم، أكَّلَتهم حشاشة قلبها ووضعتهم بعين عنايتها وأزاحت غيوم الزمان السود من سماوات بلادي وأحرقت بصواعقها كل المردة والشياطين من حولها..

يجب استعادة ثورتنا الخالدة وإعادة الاعتبار لها ولكل مناضلي وشهداء سبتمبر من تم إقصاءهم وتشريدهم بفعل الأفاعي الإمامية الكامنة في شقوق جدار الثورة، وبفعل من ليس لهم علاقة بالثورة بأهدافها بمعانيها النبيلة، أُقصِيَّ سبتمبر الشهر الفضيل، كما أُقصيَ نجومه وآباءه المؤسسون، أصحاب الشعلة الحقيقية المليئة بالدفئ الوطني..

 واختزاله في أيامٍ تاهت فيه المجاميع وأُشعلت فيه الشعل الباردة من قبل أحد الضباط في أحد الميادين، فقدت الحرارة وظل الضياء، حتمًا ستعود حرارتها ووهجها والنور التام في كل ربوع الوطن، سنغني وننشد لسبتمبر الفضيلة والقيم الخالدة، حيث لم يمت العمالقة اليمنيون شعراء وقادة ومفكرون، بل أنجبوا وتجددوا بصورٍ شتى حد قول الشاعر" كلما ولّى عن الساحات فيكِ عظيمٌ شهدت منا عظيمًا" سيضل سبتمبر عناقيد الشعر المعلقة يرسل ألحانه على إثره صدَّاحة من فيظ أنغام الأولي الساحرة، وتعود الأزهار فواحة مزهوة عطرة، يقـــبل الشهيد أنداءها في أخراه فيرتوي من جنةٍ طاهره.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي