الأمة العربية ومشاريع تقسيمها وتقاسمها

د. عبده مغلس
الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٤ مساءً

 

أعز الله أمتنا العربية بالعروبة والإسلام، هما جناحا الأمة للتحليق، في سماء العزة والكرامة والنهوض، فبهما تنهض الأمة العربية، وتمارس دورها في الشهادة والإعمار والحضارة، وبهما خرجت من التيه والجاهلية، فسادت الدنيا وحملت مشعل الحضارة الإنسانية، والأخوة الإنسانية، والأخوة الإيمانية، والرحمة للعالمين.

 

 

 

لكن الأعداء الكارهين للأمة ودورها، ولرسالة الدين الذي حملته، هدفوا لفصلها عن العروبة والدين، لمنعها من التحليق، من خلال مشاريع تعددت مسمياتها واختلفت، وهدفها واحد، فصل الأمة عن عروبتها ودينها، وإعادتها إلى ما كانت عليه، أمة منقسمة تحرس مصالح العجم، وتعيش حروب داحس والغبراء، فهل ينجح الفرس والروم بتحويلنا لغساسنة ومناذرة مجدداً ؟

 

 

هذا سؤال يرسم إرهاصات المشهد لحالنا، فالمتابع لحال الأمة يجدها تعيش اسوأ مراحل حياتها، غيبة لمشاريع النهضة الكبرى، تمزق وتخلف، وحروب طاحنة تعصف بها داخل شعوبها ومجتمعاتها، ومع بعضها، تقودها العصبيات، المذهبية، والقبلية، والمناطقية، تطلق العنان لكراهيتها، وسيوفها، لتقتل في الأمة، وتمزق نسيج مجتمعاتها وشعوبها، وتقتل في عقولنا ونفوسنا الأخوة الإيمانية، والأخوة الوطنية، والأخوة العربية، والأخوة الإنسانية، هي عصبيات تقتل بعضها البعض، تفسد في الأرض وتسفك الدماء، أدخلت الأمة في نفق مظلم وتيه أظلم.

 

 

 

كنا "غساسنة ومناذرة "حراس للعجم، رومهم وفرسهم، ونتقاتل على فرسي رهان "داحس والغبراء" فأعزنا الله بدينه "الإسلام" فاسقطنا إمبراطوريتي الروم والفرس، وأصبحنا شهداء على الناس، فتركنا دين الله "الإسلام" وتمسكنا بدين الناس، فعدنا كما كنا، عصبيات تقتل بعضها البعض، تفسد في الأرض وتسفك الدماء، وهذا ما نعيشه اليوم، بعضنا تحول لحراسة مصالح الفرس والروم، وبعضنا يقاتل البعض الأخر.

 

 

 

نحن نعيش زمن التيه والخذلان والإنتكاسات، هي دورة التاريخ في حياة الأمم، حين تفقد بوصلة مشاريعها العظمى، ونور هدايتها، لقد فقدنا دين الله "الإسلام" مشروع نهضتنا ووحدتنا الوحيد، وفقدنا نوره وهديه، فتهنا في ظلام الجهل والتجهيل، فأشرعنا سيوف المذهبية، والعصبية، والقبلية، والمناطقية، لنقاتل بعضنا ونقتل، وعدنا كما كنا حراس للعجم فرسهم ورومهم، وعدنا لقتال داحس والغبراء.

 

 

 

مشاريع العجم تتقاسمنا وتُقَسّمُنا، إيران تحتل أربع دول عربية، بعواصمها وشعوبها، وتحولها ابنائها لجيوش تهاجم بها بقية الدول العربية، وتهدد أمنها القومي وبحارها، تمددت إيران كما تمددت إسرائيل، مشروعان يحملان الكراهية والبغضاء للعروبة والإسلام، يسعيان للإنتقام من هذا الدين وحملته للعالم، ويتبادلان الأدوار بينهما، لحربنا وقتلنا وتمزيقنا، لتحويلنا، إلى مناذرة وغساسنة من جديد، فهل نتعض بما يحدث ونستفيق من الغيبة والغفلة. 

 

 

 

قصص التاريخ عبر للناس، سطرها الله في معظم كتاب وحي دينه، شواهد بينات، عبراً وبصائر، لمن يقرأه ويعتبر، لكنا هجرناه لكتب الناس، فكان مصيرنا هذا الضنك الذي نعيشه، وهذا المصير الذي يدفعونا إليه، لنعود سيرتنا الأولى، غساسنة ومناذرة، نعيش داحس والغبراء.

هناك ضوء في الأفق لإرادة قادمة واعدة، تأتي من المملكة ومصر، إليهما نتطلع، وعليهما نأمل، ومنهما ننتظر بشائر الخلاص.

 

 

فالأمة بحاجة لاستعادة مشروعها العروبي الإسلامي، لتستعيد مسار مشروعها بعروبتها ودينها الحق، فلا مخرج لنا غيره، فهو مشروع خلاص الناس كل الناس.

 

 

جمعتكم أمل بمشروع العروبة والإسلام لنستعيد دورنا ونهضتنا ونسقط مشاريع تقسيمنا وتقاسمنا.

د عبده سعيد المغلس

١٩-٤-٢٠٢٤

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي