اليمنيون بين مشروع الخلاص وعبودية العِجْل والتيه

د. عبده مغلس
الجمعة ، ١٢ مايو ٢٠٢٣ الساعة ١٠:١٢ مساءً

ميز الله الإنسان وكرمه بالاستخلاف، القائم على الحرية والمعرفة، وأدوات ذلك العقل والحواس، وتعليم الأسماء، وكل هذا وصفه الله بالتسوية ونفخة الروح وتعليم الاسماء لأدم، وعندما يجحد الإنسان بقول الله وآياته أو يرفضها، مع أنها قوية البرهان، والحجة، والإبصار، يكون في مرحلة السقوط الإنساني، فيها يُعَطّل الإنسان، حواسه، وفؤاده، وعقله، وبهذا التعطيل يُعَطّل المعرفة، فيتم سقوطه من علو الاستخلاف، لضلالة الغفلة، التي هي أدنى من ضلالة الانعام، كما وصف الله. هناك لحظة زمنية فارقة، بين علو الاستخلاف، وسقوط الغفلة، لحظة وعي بها يُصنع الإنسان والأمم، أو بها يتم سقوط الإنسان والأمم، ويكون الدخول حينها حتمي في صحراء التيه، نموذج ذلك  في قصص القرآن قوم موسى فقد أنقذهم الله من البلاء العظيم، باستحياء النساء وذبح الأبناء، وأيد الله تحريرهم من طغيان الفرعون،  بإرسال رسولين موسى وهارون، بتسع آيات بينات من العصا لانفلاق البحر، بصائر عاشوها وأبصروها، لكنهم رفضوها، ولم  يستطيعوا الخلاص من العبودية وقبول الحرية، فقد عطلوا عقولهم وحواسهم، وأُشرب في قلوبهم العجل فعبدوه، وتركوا عقولهم وبَيِّنات رسلهم، فأوقفوا دورة ودائرة الاستخلاف، لبناء دولتهم ووطنهم، والحصول على حريتهم وكرامتهم، فكان حكم الله عليهم العيش في التيه  بصحراء عبودية العجل، وخرجوا بهذا الفعل من رحمة الله ومن صناعة التاريخ، وخسروا الدين والدنيا والأخرة، نموذج قوم موسى نموذج إنساني يتكرر عبر التاريخ، ولكل تكرار عِجْلِه وقومه، فهل يكرر التاريخ دورته معنا اليمنيين، وندخل صحراء التيه والضياع، فمن لطف الله بنا تهيئته لطريق الخلاص لليمن، الدولة والوطن والشعب، ببناء مشروع وطن اتحادي، ومواطنة واحدة متساوية، وهذا هو مشروع الخلاص والحرية والكرامة لكل اليمنيين، إني أخاف على قومي من الوقوع في عبودية عجول العصبيات بكل مسمياتها المختلفة، العنصرية الهاشمية، والمذهبية، والمناطقية، والحزبية، والقبلية، ويحق علينا حكم الله، بالتيه في صحراء القتل والقتال، ونخسر اليمن الوطن والدولة والشعب، ونخسر الدين والدنيا والأخرة. جمعتكم وعي بخطر عبودية العجل، وتمسك بمشروع الحرية والخلاص، والوقوف مع اليمن، بشرعيته  ومشروعه، وتحالفه، فهذا البديل الوحيد لعدم دخولنا صحراء التيه والتمزق والاقتتال.

 

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي