وردت مفردة #الشغف في القرآن الكريم مرة واحدة على لسان نسوة في المدينة لوصف شدة تعلق وعشق وانجذاب امرأة العزيز ليوسف عليه السلام (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِى ٱلْمَدِينَةِ ٱمْرَأَتُ ٱلْعَزِيزِ تُرَٰوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ، قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا)
يعرف الشغف بأزه حالة تعلق وإنجذاب شديد يخالط شغاف القلب، ولهفة شوق وتوق تتملك المرء وتسيطر عليه، كما يأتي الشغف بمعنى الدافع والرغبة التي تحفز وتوجه اهتمام المرء وأفكاره وترسم تصوراته وتتحكم بها. وبهذا المعنى عرفت معاجم اللغة الشغف وبذات المعنى عرفه أيضا موقع ويكبيديا بأنه ( شعور بالحماس الشديد أو رغبة لا تُقاوم تجاه شخص أو شيء ما. يمكن أن يكون الشغف اهتمامًا متلهفًا أو إعجابًا بفكرة أو مُقترح أو دعوى ما، أو تمتعًا حماسيًا باهتمام أو نشاط ما، ويصل إلى حد الانجذاب الشديد والإثارة والعاطفة تجاه شخص ما).
فالشغف في حياتنا هو الوقود الدافع الذي لابد منه، والطاقة النفاثة التي لا غنى للمرء عنها، والباعث الأكبر والأقوى على الحماس والفاعلية والتفاعل الذي قد يصل لدرجة التضحية والبذل والتفاني من أجل عقيدة أو رسالة، أو قضية أو فكرة ، أو رؤية عامة أو خاصة، شخصية، مؤسسية، وظيفية، مجتمعية، كما قد يكون الشغف بحلم، أو غاية ، أو هدف، أو فوز ونجاح، وقد يكون شغفا بمؤسسة، علامة تجارية؟ منتج؟ أوظيفة، وقد يكون بشخص، عائلة، مكان، أو زمان، وقد يكون شغف بذكرى، عادة، هواية، أو بأي شيء مادي أو معنوي أو روحي في الحياة.
ولأن المقام والحديث هنا عن الشغف وقيادة التحولات، فلا بأس أن أستحضر معكم وأشارككم، ما قاله لي المدرب وخبير الاستراتيجيات والقيادة الدكتور مجدي إسماعيل في برنامج أكاديمية القيادة بالقاهرة 2019م "أنت شخص لديك شغف، مضيفا بأن النجاحات الكبيرة، والتحولات العظيمة لا تقوم ولا يقودها الا أفراد لديهم مثل هذا الشغف" فوجدت في تلكم الكلمات القليلة الالهام والتحفيز أكثر من الثناء والمدح، وكأنني اكتشفت ذاتي ونقطة قوتي وعنصر الإلهام في حياتي لأول مرة، بل كانت بمثابة إضاءه مشرقة لفتت نظري لأهمية وقيمة الشغف في حياتنا; كأفراد، ومؤسسات، ومجتمعات، ومنحتني الدافع والشغف لأركز كثيرا على تنمية واستثمار قوة الشغف الخاص والعام في حياتي.
لذلكم، أقولها لكم بصدق: امتلكوا شغفكم، اعتنوا بشغفكم، واستثمروا فيه كثيرا، فهو طاقتكم المتجددة للوصول اولا، وبلوغ الغاية سريعا، والعيش في المستقبل باكرا، لان الشغف والشغف فقط هو وحده من يصنع الايمان، ويلهب الحماس، ويشحذ الهمم، ويدفع على التعلم والعمل والمبادرة والمغامرة، ويساعد على امتلاك المهارات والجدارت وتحصيل الأسباب.
اجعلوا علاقتكم بالحياة والاشياء والوظيفة والبيئة والمؤسسة والعائلة والمجتمع والقضايا العامة قائمة على الشغف الكامل، فإذا عزمتم فتوكلوا على الله، ولا تصغوا لأصوات الفشل في داخلكم ولا من حولكم التي تحدثكم عن ضعفكم، عن جهلكم، عن حداثة تجربتكم، عن عجزكم، عن قصوركم ونقاط ضعفكم، كما لا تلتفتوا لأفكاركم العتيقة وثقافتكم المجتمعية المتأصلة التي تثبط عزائمكم وتفت عضد أرادتكم وتطفيء جذوة شغفكم وتقف بينكم وبين أحلامكم ورحلتكم نحن المستقبل.
-->