السبت ، ٢٠ مايو ٢٠٢٣
الساعة ٠٦:٢٩ مساءً
#ثقافة_النقد_بين_الإساءة_والتقديس
- توزع الناس في نقد العمل الفني الأخير لفنان اليمن الكبير #أيوب_طارش_عبسي (المشوار الأعظم) بين طرفي الغلو; الغلو في نقد العمل وصاحبه حد التجريح والإساءة والطعن في الرجل وتاريخه، والغلو في التقديس حد التنمر على منتقديه، في حين أن المفترض والطبيعي هو أن النقد ظاهرة صحية، وحراك ثقافي لابد منه، ورافد داعم للتجارب الفنية والإبداعية والعلمية عموما.
- فالنقد بهذا المفهوم هو وظيفة النقاد والمشتغليين في المجال، ويجب أن يكون ملتزما، علميا، موضوعيا، منصفا، بناء، يقصد به النقد والتصويب، دقيقا في طرحه، منحصرا في موضوعه، لاعلاقة له بغيره من جوانب أخرى، ولا بحياة الشخص وجرحه وتعديله، غير أن ذلك لايمنع الجمهور أيضا من التعبير عن أرائهم وأنطباعاتهم وتحديد خيارات تفاعلهم مع العمل من حيث قبوله أو رفضه، سواء أكان هذا القبول والرفض عائد للعمل ككل؟ أو لجزئية في أحد مكوناته الفنية والموضوعية؟ (الموضوع، الكلمات، اللحن، الاخراج ...)
- لكن، وفي كلتا الحالتين، يجب أن يكون نقد المختصين وتعبير الجمهور عن أرائهم موضوعيا ومحترما، إذ ليس من المنطقي والعدل نسف وتسفيه عمل فني كبير كهذا لمجرد وجود جزئية أو أكثر لا تناسبك ولا تروق لك، أو لم تأت بقدر توقعاتك وانتظاراتك، بل حتى مع عدم قناعتك ورفضك للعمل الفني برمته فإن ذلك لا يعطيك الحق أبدا للحكم على الرجل وفنه مطلقا، أو اتخاذ هذه القناعة "التي تحتمل الخطأ أكثر من الصواب" كشاهد لتقييم مجتزأ، والتشكيك في تجربة فنية رائدة امتدت لأكثر من نصف قرن، خضعت خلاله للكثير من النقد والتقييم وحظيت في المقابل بالمزيد من الاهتمام والاحتفاء والاجماع على تميزها سواء أكان على مستوى عمالقة النقد والفن؟ أم كان على مستوى الجمهور في أجياله المختلفة؟.
- وقبل هذا وذاك، فليس من المقبول ولا المسوغ لأحد أن يكون نقده واعتراضه على عمل فني واحد أو حتى على التجربة برمتها مبررا للتجريح والغمز واللمز والتطاول علي الرجل أو الانتقاص من دوره و الحكم عليه بضحالة الثقافة ومحدودية المعرفة، دون مستند علمي وتقييم موضوعي، فذلك ليس من النقد في شيء، كما أنه ليس من النقد ولا من التعبير عن الرأي الخوض في معتقدات وقناعات الرجل وفكره، ونصب محاكم التفتيش له، في إطار مناقشة وتقييم عمل فني وطني بحت، بل المضحك في الأمر "وشر البلية مايضحك" أن يستدعي بعضهم أعمالا وشواهد طوتها السنين لينتقد أغنية جديدة لها ظروفها المختلفة، أو ليحاكم بها معتقدات الرجل ويفتش عن مذهبه وقناعاته.
- في المقابل، فإن من حق #محبي_أيوب ومتابعيه الاعتراض على النقد الموجه له أو للعمل، ليس لكونه نقدا، أو لأنه فقط أيوب الذي يحبونه ويجلونه، أو لرمزيته الوطنية السائرة والمتحذرة في الضمير الجمعي للشعب، ولكن لقناعتهم بالعمل، ولعدم اتفاقهم مع النقد الموجه له و لان الاعتراض على العمل غير علمي ولا موضوعي، وفي جميع الأحوال فينبغي أن يكون الاعتراص على النقد وأصحابه بعيدا عن التشخيص واللمز و التجريح والاساءة وخلط الحابل بالنايل، أو تسفيه وتفسيق وتخوين منتقديه واتهامهم في وطنيتهم، مادام نقدهم موضوعيا محترما وبناء.
- وبصفة عامة، وبعيدا عن #أيوب_طارش وعمله الأخير والجدل الدائر حوله، فإن نقد وتقييم أي عمل او محتوى وأي شخصية عامة أمر مكفول للجميع لا يملك أحد حكره او منعه او تسفيه وتخوين من يقوم به أو يتنمر عليه، مثلما أن الاعتراض على النقد ورفضه أيضا مكفول للجميع ولا يصح اعتباره دليلا على تقديس الأشخاص ولكن يجب أن يلتزم كلا من النقد والنقد المضاد بشقيه النقد العلمي من أهله، وانطباعات الجمهور وأرائهم بالحد الأدنى من الموضوعية وقيم وأخلاقيات النقد والتعبير عن الرأي بعيدا عن التعصب والتنمر، والتحيز والتجريح والاساءة وتجاوز موضوع النقد والنقاش إلى غيره من حياة وشخصية صاحبه.
والله المستعان
-->