خدعوك فقالو "احلم على قدرك"، بينما راحوا يتطاولون في بنيان أحلامهم متجاوزين بها عنان السماء.
لقد كانوا محقين تماما فيما قالوه لك، لكنك كنت مخطئا بشدة عندما قبلت أن يوهموك بأن قَدْرَ المرء هو اسم عائلته، وثروة أسرته، ومستوى تعليمه، ونوعية تخصصه، وقوة جسده، ومحفظة خبراته ومهاراته وجداراته ..
بينما الحقيقة هي أن قدرك ليس ذلك ولا شيئا منه مطلقا، بل قدرك في كونك إنسانا نفخ الله فيك من روحه، ووضع فيك سره، ومنحك من قوته وقدرته المطلقة ما يؤهلك لأن تكون سيد الأرض ومستعمرها والخليفة فيها، فمنحك سلطانا يمكنك ان تزيل به الجبال، وتخرق الأرض، وتنفذ به من أقطار السماوات.
لقد كرمك ربك كانسان لا كفلان، فزرع فيك الشغف والالهام، وميزك بالارادة والعقل، ومنحك المعرفة والفهم والإدراك والفكر، وزين لك الشهوات وغرس في فطرتك حب الحياة والتعلق بها، لتتمكن بذلك كله من أن تحلم وتتطلع بطمعك وجزعك، وبجشعك وهلعك كإنسان، فتصنع اسمك واسم عائلتك، وتبني ثروتك وثروة اسرتك، لا أن تتكيء وتتكل عليها، ولكن لتتعلم وتعمل وتمتلك خبراتك ومعارفك ومهاراتك وجداراتك لتكافح وتدافع وتصارع من أجل أن تبقى وتنمو وتتفرد وتضع بصمتك الخاصة بك في الحياة.
لقد منحك ربك كإنسان المشيئة والإذن لتغير قَدْرَك بسكون الدال، وقَدَرَك بفتحها، ومنحك الأسباب المشروعة لتفر كما قال الفاروق من قدر الله إلى قدر الله، ولتغير مساراتك العلمية والمهنية والحياتية، وترسم خططك ومشاريعك، وتشق طرقك ودروبك، وتبدع في صناعة ادواتك بدء من عربة الخيل، وانتهاء بسفينة الفضاء والطبق الطائر، لتصل بها لأحلامك المستحيلة، ورؤاك البعيدة.
لذلك، تذكر دوما، أن تحلم على قدرك كانسان لا كفلان، كسيد وخليفة، كمستعمر لا يتوقف، لايتردد، لايجبن، لا يتراخى، لا يتراجع، لايضعف، لا ينهزم، لا ينكسر، لا يستسلم، لا يقبل بنصف حلم، ولا بنصف كرامة ونصف حرية ونصف حياة. ,,, والله المستعان,,,
-->