جيدو شتاينبرغ الألماني مقاربته للواقع اليمني كانت مسطحة وانطباعية حدسها غير واقعي

د. عبدالحي علي قاسم
الجمعة ، ٢٦ مارس ٢٠٢١ الساعة ٠٢:٣٨ مساءً

ظهر أخيرا شتاينبرغ في المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية والمتخصص في شئون الشرق الأوسط بتوقع تحليلي أكثر ما يمكن وصفه بأنه سطحي بنيت معطياته على قراءة انطباعية بسيطة شكلية، تفتقر لحدس عميق يواكب تطورات المشهد الجنوبي وتفاعلاته، عدا عن صورة جماعة إرهابية نازية تختطف بعض المناطق الشمالية بالحديد والعنف.

جمع جيدوا مادة معطياته من مصادر ميديا تسوق لمشروع التقسيم، أكثر من كونها وسائل إعلام مهنية، تضع مفردات الواقع محل التحليل بموضوعية صرفة. والاستماع والجلوس لآراء وكتابات عقليات تقع في مآسير مشاريع ضيقة وتجزيئية، عدا عن اقترابه التأريخي للدولة اليمنية والوحدة التي جاءت على أنقاض يمنين، لم يقرأ صورة المشهد بحيثيات تفاعلاته، ومستجداته المعتملة في مشهد الرأي العام وتوجهاته الجديدة الواقعية، فاقتراب الواقع أحيانا أكثر نجاعة في بناء التوقعات لا المثاليات، والتاريخ الذي لا يعيد نفسه كما هو شأن الدولة الألمانية، ولن يكون أيضا يمنيا.     

 الأكثر كارثية في القراءة أن شتاينبرغ أنه خضع في بنائه التحليلي لطروحات رؤيتين تضليليتين، فهمها للواقع اليمني كما يجب أن يكون لا كما هو كائن.

اليمن كما هو كائن بغالبية قناعاته، تحول بنسبة كبيرة نحو اللاقناعة بطروحات مشاريع التجزئة، التي فقدت بريق خداعها، بانتهاجها مشروع عنف قروي فتح وأثخن في جروح الماضي، مما زاد تعقيدا في المشهد الجنوبي، وغذا انقسامه، وفتك في واقع ثقة التعايش والشركة في الإطار الجنوبي الواحد، وأصبحت المناطق الشرقية، وهي الأوسع جغرافيا وثقلا أكثر محاكاة وقربا وثقة للجوف ومأرب منها إلى مثلث دعم الانفصال، الذي هو الآخر أقرب في مناصريه إلى المحطم تماما في حلمه الانفصالي، والذي تبخر بفعل عجرفة، وتخبط، وتبعية المجلس الانتقالي لدولة فقط محط أهتمامها، وتركيز نشاط أدواتها  الوصول إلى مواقع إستراتيجية كعدن، وباب المندب، وبلحاف، وسقطرى وغيرها لوضع يد احتلالها محل التنفيذ.

    في الجنوب تبدد مشهد الفعل الإنفصالي تماما، وفي الشمال لن تسعف أدوات شتينبارغ الباحث المسطح في غوص تفاصيل وعي وقناعات المجتمع الثائر بصمت تجاه كل مظالم العصابة الإرهابية النازية تجاه مجمل الحياة والمجتمع، كل ما في الواقع باختصار، أن عصابة عنف ساهمت جملة من المعطيات الداخلية والخارجية في تسمين آلة الموت التي بحوزتها لقمع وإرهاب فاعلية المجتمع السياسي والحزبي، وشبكة التفاعلات فيه، وتوجيه ما تبقى من طاقة الجهد المجتمعي، ومخزونه البشري المتضور جوعا وحاجة نحو محارق حرب عبثية لا تسخر سطوة إرهابها إلا كأداة مساومة وورقة تفاوض إيرانية لخدمة برامجها التدميرية في المنطقة، ومسار مشروعها النووي الأكثر خطرا على المنطقة والعالم، وتناور بأدواتها العبثية للوصول إلى أهدافها التوسعية الاحتلالية للمنطقة العربية.

هل يدرك هل يعي شتاينبرغ؟؟؟؟

هل يدرك جيدو الباحث التي انفردت الدوتشا فله في قراءته التحليلية، بأن العصابة الحوثية ليست أكثر من حركة أقلية أرهابية سلالية منبوذة في الثقافة المجتمعية اليمنية الواسعة،  أسهمت ظروف استثنائية كبيرة في توسعها الإنقلابي، في ضوء معطيات حراك ثوري غير مرغوب إقليميا، ناهيك عن فتح الرئيس السابق صالح لابواب قوة الدولة والمؤسسات العسكرية لليد الحوثية تستعملها انتقاما من خصومه الثوريين، ودعم أثرى الدول الخليجية الإمارات لتلك الكارثة الإنقلابية.

الشمال يسير باتجاه انفجارات مجتمعية نتيجة قوة الضغط الذي تمارسه الجماعة النازية الحوثية، ما يحتاجه اليمن فقط هو رفع يد الدعم والتدليل الدولي الأمريكي والأوروبي لهذه العصابة التي تزايد بالموت لأمريكا وأوروبا التان ترعيا مشروع إرهابها، وتسارع في انقاذ وجودها كلما تعرضت صفوفها للانهيار والهزيمة.

أخيرا، اتوجه لشتينبارغ بجملة توصيات موضوعيه تسعفه في فك طلاسم الواقع اليمني، ومعترك تجاذباته، التي لا يبدوا التكهن بشأنها بكل تلك السطحية، والتصور الانطباعي الركيك وغير المتماسك، وهي أن يستمع لمنطق المعطيات من كل جنبات صورة المشهد، وقواه المتصارعة، وأهمها وجهة نظر الدولة الشرعية، لا فقط أن ينصت لعقلية الرؤية العصاباتية العامرة بالشطط التحليلي والسياسي.

شتينبارغ معني بفهم ودراسة مسار الدعم والتوجه الإقليمي لطبيعة المشهد اليمني القادم ومصالحه المنقسمة، على مشاريع تتصارع وتتجاذب قوة مصالحه.

 الاقتراب من معطيات المزاج الإجتماعي والسياسي السائد، وتأثيره في التخندقات الجغرافية المستقبلية. حتى يتسنى لشتينبارغ توقعات أكثر واقعية وعمق. وأخيرا أحيل الباحث لعنواني الذي يجده في المركز الديمقراطي العربي الألماني لتصحيح فهمه السطحي لمعطيات الشأن اليمني إن كانت لديه الرغبة في الاستفاده أكثر في الشأن اليمني.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي