عصابة علم الجنوب في مناسبة ثورة 14 أكتوبر

علي هيثم الميسري
الاثنين ، ١٤ اكتوبر ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٠ مساءً

منذُ إعلان تأسيس المجلس الإنتقالي في العام 2017م ومن ثم تأسيس ملييشياته حتى اليوم وقعت جرائم كثيرة تحت علم دولة ج ي د ش من جرائم سرقة وتـَقـَطـُّع وسطو مسلح والبسط على الأراضي ، أضف إلى ذلك تلك نقاط الجبايات على كافة أنواع البضائع بين محافظة عدن وباقي المحافظات الجنوبية ، ناهيك عن جرائم القتل تحت مسمى الحرب على الإرهاب بما فيها الإختطافات والإخفاءات القسرية لأبناء عدن وأبين وشبوة بخلاف الجرائم المتنوعة ، أما اليوم فقد وقعت جريمة إبتزاز تحت مظلة قانونية أو لـِنقـُل ظاهرها قانونية وباطنها إبتزاز واضح وصريح وبإسم علم دولة الجنوب البائدة وبذريعة عنوة الإحتفال بذكرى ثورة 14 أكتوبر المجيدة مع العلم إني شاهدتها بأم عيني .. وإليكم الحكاية .

 

     بينما كنت خارجاً من إحدى صرافات إحدى مديريات محافظة عدن تقودني قدماي لإحدى الصيدليات إذ بي أسمع صوتاً يناديني فإلتـَفـَتُّ لأجد صديقي بائع القات في قارعة الطريق فذهبت إليه وبادرني بقوله : هل تعلم بأن اللجان المجتمعية تلف على المحلات التجارية وتخبر أصحابها بضرورة رفع علم الجنوب على محلاتهم ومن لا يرفع العلم يـُلزَم بدفع غرامة مالية مقدارها 50 ألف ريال ، فقلت له مستنكراً لا أظن الخبر صحيح  فقال لي وفي شفتاه ترتسم إبتسامة صفراء لتعرف حقيقة الأمر إذهب لمحل العسل فلا زالوا فيه .. والإبتسامة الصفراء تعني بأنه يريد أن يضحك لمعرفته بي أني مشاكساً وأمقت الظلم ويعرف أيضاً بأني سأصنع مشكلة ، فذهبت مسرعاً وهرولت لدخول المحل لأجد شخصان كبيران في السن وصاحب المحل يقول لهما هكذا أنتما تسيئان للإنتقالي . 

 

     وكعادتي في هذه المواقف حشرت نفسي سريعاً فقلت لهم ماهي الحكاية يا أخوة فقال لي صاحب المحل هذين الشخصين يقولان بأنهما من اللجان المجتمعية يطلبان مني رفع العلم وإلا سيأتيني طقم الإنتقالي ويقبض عليَّ ومن ثم سأدفع غرامة 50 ألف ريال ، فقلت له بنبرة حادة يعلوها الغضب لا تدفع فإلتفت لي أحدهما وقال لي بهذه اللهجة أنت أولاً أسكت فأنت تقول على ( قائدنا الفلاني ) ورفع يده إلى فمه وعمل من أصبعيه السبابة والإبهام دائرة مع إرتفاع الأصابع الوسطى والخنصر والبنصر للأعلى وأخرج صوتاً ( يـَصعـُب عليَّ كتابته ) فإنفعلت وقلت له نعم أنا قلت ولا زلت أقول أن ( قائدكم ) وقلدته بنفس حركته ، ولم أكتفي بذلك بل قلت له إتقوا الله أنا الآن خرجت من الصرافة والريال السعودي ب 522 ريال يمني وأنتم تبتزون الناس بإسم علم الجنوب ، فلم يلبث أن خرج مسرعاً وذهب فقلت لصاحب المحل لا ترفع العلم فهؤلاء لصوص لعلمي مسبقاً بأن لديهم أعلام يبيعونها فقد أخبرني صاحبي الوغد ذو الإبتسامة الصفراء أن هؤلاء اللصوص المبتزين لديهم أعلام يبيعونها وكأن هناك جهة حكومية مسؤوليها عبارة عن عصابة لصوص هي من تقف خلف إجراء إلزامية رفع العلم .

 

     خرجت ساخطاً من المحل ولكم أن تتخيلوا الجمهور الذي كان أمامي وإذ بي أرى صاحبي الوغد المقوتي وهو يضحك فيبدو أنه رآني وأنا أشارع وأقارع اللصوص ودخلت الصيدلية التي كانت مغلقة عندما قصدتها في أول الأمر ، فبادرت الصيدلاني وقلت له اليوم الحقنة الخامسة وشـَرَعَ بتجهيزها وغرسها في يدي وبدأ يضغط عليها رويداً ومن ثم يقف وهكذا دواليك حتى يتسرب العلاج كاملاً في الوريد ، وفي هذه الأثناء دخل اللصان المدعيان بأنهما من اللجان المجتمعية فشاهدني صاحب دائرة السبابة والإبهام والحقنة مغروسة بيدي فقال لي مواسياً سلامات ما تشوف شر ، ولاحظت الأدب في ملامحه ونبرة صوته فبادلته بكلمتين أُلـَطـِّف بها الشحناء بيننا فقلت له سلمك الله وعافاك وأردفت قائلاً يا سلام بالفعل الكلمة الطيبة صدقة وفي ذات الوقت ألمز صاحبه الذي كان متجهماً متغطرساً ، ويبدو أن الزمن القصير الذي غابه الإثنان أخبره رفيقه بأنني مـُعارضاً لمشروعهم الإنفصالي ولطالما جادلت الإنفصاليين بإستحالة عودة دولة الجنوب ، وقال ذلك المتغطرس نحن أشـِدّاء وستعود الدولة فباغتـَّهُ بقولي كونوا أشـِدَّاء على الكفار رُحماء بينكم نسبة للآية القرانية ، وفي ذلك الوقت كان صاحب دائرة السبابة والإبهام قد أنهى تعليماته وتهديده ووعيده للصيدلاني الآخر .. وهكذا أنتهت الحكاية .

 

     يتبقى لي أن أذكر بعض التساؤلات والملاحظات التي تجول في خاطري ولعلها تـُحدِث صدأ ولا تتكرر هذه الجريمة مجدداً فمناسبة 30 نوفمبر يوم جلاء المستعمر البريطاني من عدن على الأبواب : 1 عند خروجي من محل الصرافة لم أشاهد العلم مرفوعاً في المحل وكذلك لاحظت بقية محلات الصرافة لم يرفعوا العلم لأنهم جنوبيين وكذلك باقي المحلات الأخرى التابعة للمواطنين الجنوبيين ، وبما أن الأخوة الشماليين مسالمين ويخافون خبث وإجرام السلطة في عدن رأيت غالبيتهم مرفوعة الأعلام في محلاتهم مـُكرهين .. وهنا نضع علامة سؤال ، 2 لابد من معرفة الجهة التي أصدرت هذه الأوامر لا سيما أن اللجان المجتمعية من مهماتها هي الإصلاح بين الناس والمصادقة والختم على بعض الحالات والمعاملات التي تتطلب تعريفها للجهات الرسمية ، وهنا قد يبدو أن تلك اللجان المجتمعية كبش فداء للعصابة الحقيقية التي سـَتـُدِر لها عشرات الملايين يعني حالها حال نقاط الجبايات الغير قانونية في النقاط .

 

     أما ثالثاً لماذا بدأ  هذا الإجراء من هذه السنة ولم نراه سابقاً ؟ وهل خيال المآتة الوضيع محافظ محافظة عدن على علم وإطلاع مما يحصل أو لنقـُل هل هذه الأوامر صدرت من مكتبه ؟ وإن كانت صادرة من مكتبه أين ستورد كل تلك المبالغ وتحت أي بند سيتم إيرادها ؟  4 مع يقيني أن هناك عصابة تتبع الإنتقالي رأت أن البلد يعيش في فوضى وفي ألا دولة فآثرت أن تحذو حذو عصابات مليشيات الإنتقالي في اللصوصية ولكن بطريقتها فلجأت لهذه الإحترافية في الإبتزاز لتجمع لها المال ، وهنا بالتأكيد سيصل خبر الجريمة هذه للمعنيين بالأمر والسؤال هل سيتم محاسبتهم ومعاقبتهم أم سيـُغلـَق الملف ولا من شاف ولا من دري ؟ والخاطرة الأخيرة ويتخللها سؤال : أنا رأيت بأم عيني واقعة في هذه الجريمة في مديرية واحدة وتحريت عن باقي المديريات هل بها نفس جريمة الإبتزاز وفي حقيقة الأمر لم أتحصل على أي معلومة .. فهل يا ترى باقي مديريات المحافظة عدن يتواجد فيها عصابة علم الجنوب ؟ .. هذا ما سنعرفه في تالي الأيام .

-->
الحجر الصحفي في زمن الحوثي