ما حقيقة مسجد أهل الكهف بجبل صبر؟

توفيق السامعي
الجمعة ، ١٥ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٤ مساءً

 

تتداول وسائل الإعلام معلومات سطحية وغير حقيقية عن مسجد اهل الكهف في أعالي جبل صبر من محافظة تعز، ولتصحيح هذه المعلومات احببت ان أشارككم فيها وتوثيقها لتكون مرجعية لوسائل الإعلام.

جامع "أهل الكهف" في جبل صبر من الجوامع الأثرية القديمة لمحافظة تعز، يتم تداول معلومات إعلامية خاطئة بحقه حول: من هو بانيه؟ ومتى بني؟ وما علاقته بقصة أهل الكهف الوارد ذكرهم في سورة الكهف؟

 

هذا المسجد

 

 هو مسجد ومدرسة علمية للدولة الرسولية، بني بالنمط المعماري المتواضع للدولة الرسولية، كغيره من المساجد والمدارس الجامعة في أرياف محافظة تعز.

كانت المدارس الرسولية تقام على ركيزتين إنشائيتين وعلميتين؛ المسجد والمدرسة؛ المسجد للصلاة والعبادة والارتباط الروحي بالدين، والمدرسة للجانب العلمي بمختلف العلوم.

وكان يتبع المدرسة أروقة الحلقات، وكذلك مساكن الطلاب والمعلمين، يدخل فيها الطالب من فئة الأيتام المدرسة من عهد الكُتّاب، مروراً بالمراحل الابتدائية ثم الإعادة وصولاً إلى مرحلة الإجازة العلمية ثم المشيخية التي يتخرج بعدها الطالب مجازاً بالعلوم، وبعضهم لا يجاز بصنف من العلوم حتى يؤلف كتاباً في تخصصه.

 

باني المسجد

 

أما بانيه ومنشئه فهي الملكة جهة دار الدملؤة المسمى نبيلة، بنت الملك المظفر يوسف بن عمر بن علي رسول، بعد وفاة أبيها نهاية القرن السابع الهجري. ومن يراجع الوقفية الغسانية سيجد اسم هذه المدرسة مدوناً فيها بكل معلوماته. 

 

بناء المدارس الرسولية

 

كان من عادات رجال ونساء بني رسول، وكذلك حاشيتهم من وزراء ومماليك وقضاة ومشايخ علم، التسابق والتنافس على بناء المدارس العلمية الوقفية التي تنشر العلم في اليمن، وكانت بمثابة مدارس جامعة تدرس مختلف العلوم والمذاهب، وتقوم على ثنائية المسجد والمدرسة، وتضم الأيتام إلى هذه المدارس مع كفالة تامة للطالب والمدرس حتى يتخرجون من المشيخة العلمية.

انتشرت المدارس بكثرة في مدينة وريف تعز، وكذلك في مدينة زبيد وما حولها، حتى إنه في زمن الأشرف الثاني إسماعيل حصر المدارس في عهده فزادت عن 240 مدرسة في تعز وزبيد، ناهيك عن مدارس عدن ولحج وإب. أشهرها على الإطلاق ثلاث مدارس باقية إلى اليوم في مدينة تعز وهي المدرسة المظفرية التي بناها الملك المظفر يوسف بن عمر، والمدرسة المعتبية التي بنتها جهة الدين معتب زوج الملك الأشرف إسماعيل، والمدرسة الأشرفية الكبرى التي بناها الملك الأشرف إسماعيل بعد مدرسة زوجته المعتبة بثلاث سنين.

 

علاقة المسجد بأهل الكهف

 

ليس صحيحاً أن المسجد يعود لأهل الكهف المذكورين في سورة الكهف من القرآن الكريم؛ لأنه لا تنطبق عليه الأوصاف الجغرافية ولا التاريخية للقصة برمتها، ولا النمط المعماري له.

المسجد معلوم قبلته أنها تتجه إلى مكة المكرمة التي هي قبلة المسلمين، وهي كانت القبلة الثانية للإسلام بعد القبلة الأولى التي كانت بيت المقدس.

أما قصة مسجد أهل الكهف فكانت معلومة أنها في القرن الثاني الميلادي، أو نهاية القرن الأول الميلادي، ومعلومة قصتها للجميع أن الفتية كانوا مؤمنين بدين المسيح عليه السلام قبل أن تنتشر المسيحية وقبل أن تتحول إلى ديانة رسمية للدولة الرومانية البيزنطية التي قاومت هذا الدين في البداية وكان الناس يتخفون بدينهم وعبادتهم هرباً من بطش الرومان الوثنيين وكذلك اليهود الذين كانوا قد تغلغلوا في الدولة الرومانية وضيقوا على المسيحيين.

 

علاقة الشيخ أحمدبن علوان بالمسجد

 

ما يتم تداوله أيضاً من معلومات أن الشيخ الصوفي أحمد بن علوان -رحمة الله عليه- زاد في بناية المسجد فهو غير صحيح البتة أيضاً؛ لأن المسجد بني في نهاية عهد الملك المظفر وبداية عهد الملكين الأشرف الأول الكبير عمر بن المظفر وأخيه الملك المؤيد، بينما كان الشيخ أحمد بن علوان معاصراً لعهد الملك المؤسس عمر بن علي رسول وقبل أن يتولى الملك المظفر الملك، وربما عاصر الصدر الأول من دولة الملك المظفر. والشيخ أحمد بن علوان هو الذي خاطب الملك عمر بن علي رسول، يحثه على العدل بالرعية، بقوله:

ياثالث العُمَرين إفعل كفعلهما وليتفق فيه منك السر والعلنُ

واستبقِ عدلاً يقول الناظرون له نعم المليكُ ونعمَ البلدةُ اليمنُ

عارٌ عليكَ قصوراتٌ مشيدةٌ وللرعية دورٌ كلها دِمَنُ

وهو يقصد بالعمرين السابقين عمر بن الخطاب وعمر بن عبدالعزيز.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي