مسيرة الهدم والدمار الإمامية من الجزار وحتى الحوثي (الحلقة التاسعة والأخيرة)

توفيق السامعي
الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٠٠ مساءً

 

 تواصل جرائم التدمير الحوثية

في ٢٠٠٤م بعد مقتل حسين الحوثي بعدة أيام، أثناء انتهاء الحرب الأولى، قام أمين عام المجلس المحلي بحجة "فهد دهشوش" باحتضان الطفل أحمد حسين بدر الدين الحوثي (اصغر أطفال مؤسس الجماعة) مع أسرته ورعايتهم رعاية كريمة.

وفي عام ٢٠١٨م أقدمت مليشيا الحوثي على تفجير منزل فهد دهشوش بحجة وتشريد أطفاله، وهذا الطفل (أحمد حسين الحوثي) الذي غدا قيادياً حوثياً اليوم استولى على كل ممتلكات منزل فهد دهشوش، ورد الإحسان بالإساءة والغدر. ومن يصنع المعروف في غير أهله يجازى بما جازى مجير أم عامر

ولم يكن الغدر فقط بخصومهم أو من وقف معهم واحتضنهم وآواهم، بل إنهم غدروا بابن عمهم عبدالرحمن العماد في منطقة الرضمة من يريم الذي آوى عائلة حسين الحوثي بعد مقتله في صعدة، وقد وجهت شقيقات عبدالرحمن العماد، وهو عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، رسالة مؤثرة لآل الحوثي (مع تحفظنا على بعض ألفاظها) إلا أنها من الأهمية بمكان تكشف منهج الغدر الذي يتسم به المشروع الإمامي والإمامة الجديدة المتمثلة بالحوثية، هذا نصها:

من بنات وحفيدات يحي حسن العماد

إلى بنات وحفيدات بدر الدين الحوثي ..

ذكرتنا الحرة أمة الخالق بنت يحيى حسن العماد بالحرة زينب الصغرى بنت الإمام علي وكيف لم تراع لهما حرمة من أشباه الرجال.

لم يعل شأن آل بيت النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لشرف نسبهم أو لجاههم و سلطانهم، ولكن لكريم أخلاقهم وحسن تعاملهم مع العدو قبل الصديق،

ولم يلحق العار بالظلمة من بني أمية لانعدام سلطانهم أو جاههم أو قلة أموالهم وعددهم وعتادهم، لكنه الظلم وانتهاك الحرمات.

كنا نحن بنات وحفيدات آل العماد صابرات ومحتسبات لما كان يحدث لآبائنا وإخواننا من قهر وظلم وإقصاء وسجن بسبب أن بيت كبيرنا (الذي فجرتم منزل والده) كان مأوى للحرائر من بنات وحفيدات والدكن بدر الدين الحوثي اللائي كن ضيفات علينا، ذاك واجبنا والمنهج الذي تربينا عليه، ولسنا نادمات حتى بعد أن رأيناكم تخرجون عنوة أخت الرجل الذي أواكم ونصركم حين لم يكن لكم لا مأوى ولا نصير وتفجرون منزل والدها وأخيها!

أخته المسنة التي تناهز الثمانين من عمرها أخرجتموها وفي يدها المصحف والمسبحة وسجادة الصلاة تناجي ربها وتبكي بصمت وهي ترى منزل والدها وقد تحول إلى ركام!

خرجت من منزلها مكرهة وهي تردد "ليتني مت قبل هذا ..". مرت بقبر والدها الذي يرقد بجوار المنزل والعبرة تكاد تخنقها وهمست له في قبره بلسان الصابرة المجاهدة المحتسبة: لا تحزن يا أبي على ما صنعوه بنا، ولا تعاتبنا على معروف صنعناه لهم؛ فالله بيننا وبينهم وهو حسبنا ونعم الوكيل".     

وفي يوم 19 فبراير 2017 قام الحوثيون وأنصار الرئيس السابق صالح بتهجير أهالي قرية تبيشعة من بلاد الوافي في مديرية جبل حبشي بتعز، وستين أسرة انتقلت إلى مدينة تعز، بعد أن قاموا يتفجير تسعة بيوت وإحراق خمس أخرى بعد نهبها، وقتل أحد المواطنين هناك، واستخدام بقية البيوت في التمترس للحرب فيها لمحاولة التقدم غرباً نحو خط الضباب لقطعه وإحكام الحصار على مدينة تعز( ).

وفي الرابع من سبتمبر 2017 اقتحم مسلحون حوثيون قرية القحاف العليا من منطقة الحوبان وقاموا بتفجير منزل المواطن أحمد عبدالرحيم، على رؤوس ساكنيه أدى إلى مقتل أحمد عبدالرحيم، وطفلته سعاد (5 سنوات)، والطفل عبدالرحيم (11 عاماً).

في يوم السبت 11 نوفمبر 2017 اقتحم الحوثيون قرية العساكرة- اسبيل شرق مدينة ذمار، وقاموا بتفخيخ منزل المواطن علي ناصر العسكري وتفجيره حينما كان السكان بداخله، ما أسفر عن مقتل أحمد حسين العسكري أحد أقرباء مالك المنزل وأصيب آخر بجروح خطيرة.

في مدينة تعز أيضاً وجدت أسرة نجيب أحمد سعيد الشجاع رفات ابنها مدفوناً تحت أنقاض منزله الذي فجرته مليشيا الإرهاب الحوثي بعد 6 سنوات من مفاوضات مليشيا الحوثي من قبل أسرته للإفراج عنه بعد تفجير مليشيا الحوثي منزله شرقي المدينة المحاصرة.

قبل أن يتم العثور على رفاته طلبت المليشيا الحوثية من أسرته 20 مليون ريال يمني من أجل حريته، في أسلوب استثماري وابتزازي رخيص لنهب أهله ولم يكتفوا بتفجير منزله عليه ودفنه تحت الركام. 

الأحد 3 سبتمبر 2023 أقدمت مليشيات الحوثي، على تفجير منزل أسرة بمن فيها من رجال ونساء، من قبائل آل مهدي، في منطقة "اللجبة" في مديرية الصفراء، بمحافظة صعدة شمال شمالي اليمن، أدى إلى مقتل 4 من أسرة "ربوع" بينهم طفل فيما تم إسعاف 3 نساء وطفلين آخرين إلى المستشفى.

 

سياسة تفجير المنازل والمدارس

سياسة هدم المنازل لدى الحوثيين سياسة استئصالية ومبالغة في التنكيل باليمنيين المخالفين لهم في الرأي والعقيدة والتوجه، ورثوها عن من سبقهم من الأئمة الأقدمين والتي أسسها ابراهيم الجزار في بدايات القرن الثالث الهجري، وسار على نهجه من بعده يحيى الرسي في القرن الثالث، وما فعله هذان الباذران للإمامة في اليمن صار تشريعاً لمن بعدهم من الأئمة أو الداعين أو حركاتهم المتمردة على الدول منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.

تتمثل هذه العقوبة استئصالاً وإرهاباً وبطشاً سواء كان المدمرة بيوتهم خصوماً أو مخالفين لهم حتى مجرد في الرأي، وتمثل كذلك بسطاَ للنفوذ وتشريداً للآخر بحيث لا يقر له قرار وعدم معاودة مقاومتهم مرة أخرى.

في العصر الحديث اتخذ الاحتلال الإسرائيلي هذا النهج بحق الفلسطينيين بغرض التغيير الديموغرافي والتشريد والتنكيل والاستئصال للشعب الفلسطيني من الجذور وإحلال محله وزرع اليهود المستقدمين إلى فلسطين من شتى بقاع الأرض.

أدركت المليشيات الحوثية هذه الأبعاد فكانت ملهمة للحوثية، فاتخذت نفس النهج بحق اليمنيين المخالفين، ولئن كان الإسرائيليون يقومون بهذا النكل بحق الفلسطينيين لاختلاف النسل والعقيدة والجنس والشعب والدين واللغة وغيرها، بينما تقوم بها المليشيات الحوثية بحق إخوة لهم في الدين والأرض والنسل واللغة والرحم وكل مقومات الترابط، مما يعني أنها أشد مضاضة على المشردين والمفجرة بيوتهم، كما قال الشاعر:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند

لكنهم أثبتوا أنهم ليسوا ذوي قربى؛ بل أشد عداءً من الأعداء.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي