خيار بوتين والغرب ولي العهد السعودي!!

د. عبدالحي علي قاسم
الجمعة ، ١٦ يونيو ٢٠٢٣ الساعة ٠٨:٤٧ مساءً

  أمام مشهد الحرب القائمة في أوكرانيا، والرعب الذي تخيم معطياته مع كل انتكاسة تراجع لجيش بوتين، وزحزحته البطيئة من شرق وجنوب شرق أوكرانيا، يعول على ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان ما لا يعول على سواه في دخول غمار المعترك، كوسيط موثوق ومحايد، ومحل ثقة طرفي النزاع الملتهب. فالسعودية ليست مثقلة بحسابات، أو استثمارات عقيمة لشطرنج الصراع الدائر في شرق أوروبا، ليست تركيا أردوغان، التي تتجاذب مع أوروبا، وتضع رجل في روسيا وأخرى في الناتو، وتحاول الاستثمار في مائدة أمد الصراع، والاستفادة من مزايا حصار بوتين طاقويا وتجاريا، وثقل مرجح وضاغط في الناتو يقبل من يشاء ويعلق من يشاء.   كذلك الحال مع الصين غير الموثوقة  أمريكيا وغربيا في حل مرضي لنضال الشعب الأوكراني، وخسائره الفادحة، وتورطها في دعم روسيا بوتين بالعتاد والخبرات وتبادل المنافع لتعزيز صمود روسيا من أي انكسار صداه سيكون في بكين. إذا، الحل المعقول، وفي المتناول برأيي سعودي بامتياز وآمل أن زيارة ولي العهد لفرنسا تحمل في طموح أجندتها جس إمكانية مساعي سعودية لحل الصراع بين روسيا وأوكرانيا، واللاعب ولي العهد سمو الأمير بن سلمان محمد. الزمان والمكان، ومعطيات فرصة تسوية الصراع ممكنة، وغير قابلة للتأخير. ولي العهد بحضوره القوي، وشخصيته الكارزمية بروح مبادرته الشجاعة، عدا عن القبول الذي يحضى به، والمكانة التي يتوسطها لدى سيد الكرملين، وتقاسمه مع هذا الأخير الكثير من التفاهمات، والتناغم في سوق الطاقة والشركة الواعدة، كفيلة بأن تحضى بمكانة إفساح هامش من الحل، لوساطة تقنع زيلنسكي ورفاقه الداعمين بمعادلة تسوية لا ضرر ولا ضرار، يقودها وسيط أقرب للحياد منه لترجيح أيا من كفتي الصراع.     ولي العهد السعودي، هو المؤهل الوحيد للعب دور الوساطة بدون حسابات معقدة، بل وأكثر وسيط برافعة  اقتصدية وسياسية داعمة لإنجاح الوساطة، خصوصا وأن طرفي المعركة يبحثا عن حل مقبول لوقف نزيف المعارك.         ولي العهد السعودي الوحيد، والملائم أن يجلس مع بوتين المحشور في زاوية خيارات صعبة وخطيرة، فروسيا الان تتراجع رغم سيطرتها الجوية، فكيف يكون حالها مع دخول الأف 16 الأمريكية محل المعركة، لا شك أن ثمة هزيمة تلوح في أجواء موسكو بوتين. ليس أمام بوتين سوى خيارين: الأول، أن تمنح ولي العهد لعب دور الوسيط، بهامش حل يساعد في جلوس طرفي النزاع على طاولة حل حقيقي، لتجنب أهم أزمة عالمية تلوح مخاطرها المرعبة في أفق الصراع بين القوى العظمى، مقابل تطوير مصالح روسيا مع المملكة ورفع الحصار عنها. وفي ذات السياق، وفي ضوء أن عرض المشكلة بطن الحل، أتوقع أن تنطلق وساطة ولي العهد على اساس أن تنسحب روسيا من المناطق التي احتلتها منذ بدأ الحرب في 24/ 2/ 2022، مع بقاء القرم تحت السيطرة والسيادة الروسية، على أن تبقى أوكرانيا بلد خارج مظلة الناتو، وحرية أوكرانيا الانضمام للاتحاد الأوروبي، بشرط أن تكون هناك ضمانات أمنية أوروبية سعودية أمريكيةوتركية في حال تعرض أوكرانيا لأي اعتداء مستقبلي من الاتحاد الروسي. الخيار الآخر،  وهو الأخطر على روسيا والعالم، فروسيا تتراجع وهي ذاهبة نحو هزيمة إستراتيجية محققة، ولن توقف هذه الهزيمة لا الطائرات المسيرة الإيرانية، ولا الدعم الصيني، ولن تسعف حتى صواريخ كاليبر في وقف مد التحرير الأوكراني، لأن الأوكران مصممين على تحرير أراضيهم، بمعنوية قتالية لن تنفع معها قوة وكثافة نيران قيصر روسيا، ومسنودة بدعم غربي عسكري لا حدود لفاتورته، وهو ما سوف يقود إما لابتلاع بوتين لهزيمة قاسية، وانسحاب مذل ينال من هيبة روسيا الدولية، بما يعري بوتين أمام الرأي العام الروسي، ويمهد لسقوطه المدوي، وتصدع الاتحاد الروسي على وقع الهزيمة وتداعياتها،  أو الانتحار الجماعي لروسيا والدول العظمى، بدخول حرب نووية تكتيكية، ولا مفر من توسع خطرها، والوصول لحرب نووية كبرى تدمر الحضارة، وتنهي مشهد الرفاهية والمتعة، وتطفئ نشوة الأضواء وبهرجة الحياة.     فرصة لبوتين أخيرة سرعان ما تضيع مع أي تمترس خلف معطيات غير واقعية، كما هو دور سيقدم السعودية ممثلة بولي العهد، كدولة ذات ثقل سياسي، وحاملة لميزان التجاذب الدولي الخطير، ووازن مهم ترجع إليه القوى العظمى في حل الخلافات المعقدة لا سيما في حالة دولية تدخل نفق حرب باردة اقتصادية، واحتكاكات عسكرية مخيفة، كما هو الحال بين روسيا وأوكرانيا، والوضع المتوتر في بحر الصين وجوارها المعادي لعرض عضلاتها.   منح ولي العهد امتياز تسوية سلمية لأخطر بؤرة صراع عالمية ونجاحها، هي وسام نجاح عالمي تدفع بولي العهد، كقائد عالمي يشار له بالأهمية نجح في ما اخفق فيه الجميع، روسيا بوتين سوف تكسب، لخروجها بأقل الخسائر إذا ما قورنت بكوارث مستقبلية مروعة وخطيرة على وحدة الأتحاد الروسي، ومصالحه الإستراتيجية. في نفس الوقت تضع بن سلمان في موقع متقدم أكثر غربيا، وتبدد تلك الصورة  التي صنعها الإعلام الغربي عن ولي العهد على خلفية كثيرا منةنقاط الاختلاف سياسيا وإنسانيا.

الحجر الصحفي في زمن الحوثي