إلا الترقيع؟!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠٥ ابريل ٢٠٢٣ الساعة ٠٢:٤٦ مساءً

يبدوا هناك اجتماعاً قريباً يُحضر له بأن يُعقد  بالرياض خلال الأيام القليلة القادمة، ولذلك ترى من تعوّد على الاستفادة من هذه (اللمات) في مقدمة الصفوف، وإن تأخر فلديه لوبي هناك يضع اسمه في أي موقع يريده!؛ غير أن  الساعين لانعقاد الاجتماع،  قد أقروا بحقيقة لا انفكاك عنها، وهي  أن  الرئيس هادي هو بوصلة الشرعية، ولا يزال رئيسا وهو صاحب نقل صلاحياته وهو من يستطيع تعديلها أو إلغائها، عاد الرئيس هادي  إلى الصدارة، لأنه الشرعية الوحيدة المتبقية من الدولة اليمنية التي وضعتها المليشيات تحت اقدامها ،  وحتى  أن الحوثين الميليشاويين إن وافقوا على المشاورات وقبلوا بها، فقط  ليكسبوا شرعية من شرعية الرئيس هادي، كما سبقهم بذلك آخرون.. المحصلة أن الرئيس هادي هو الرئيس الشرعي فانقلب عليه من انقلب،  وتمرد عليه من تمرد، وتلكأ في الانضمام إليه من تلكأ.. العودة للأصل شيء جميل وفيه حتماً حلّ، فلا  يعمل به إلا العارفون،  أما الغافلون فلا؟!؛ أقول أن  ذاكرة النسيان عند اليمنين متأصلة فقد كان كثيرون نسوا أو تناسوا الرئيس هادي لولا احياء الاجتماع المرتقب بالرياض أو بمكة كما يُقال، ذلك،  لأن الذكرة مثقوبة!  .. غير أنني ليس مشككاً بل متأكداً من  أن الحوثة  لن يجنحوا للسلام حتى ولو قُدّر أن يحضروا إلى الرياض ويلتقطوا صوراً للذكرى و يجلسوا على كراسي، ويوقعوا كما هي العادة عند اجتماع اليمنيين، فلن يقبلوا بغير الاستفراد بالسلطة واستعباد الشعب اليمني!؛  جمِّعوا الألوان،  والمذاهب، والاحزاب، والمناطق، والأصحاب، وما شئتم، فبتجميعهم لن تحل المشكلة اليمنية، بل ما تنهجوه من احتواء واسترضاء وترضية  قد يفتح الشهية لتشكيلات جديدة ولقوى لم تكن موجودة، تتشكل وتسلح، طالما الدولة غائبة وضعيفة وأضعف من فصيل ميلشياي يمتلك المال والسلاح والتغطية الخارجية له سياسياً، وحقاً  عندما تكون الدولة  غائبة سنجد انفسنا غداً مضطرين للجلوس مع ما يستجد من تشكيلات، واستيعابها واحتوائها، إلى متى سنبقى على هذا الحال؟!؛  ألم يكن الحوثي عقب مؤتمر الحوار الوطني الشامل مكوّن عادي و أضعف مما هو عليه الحال؟!؛ فكيف سيقبل مثلا بتنفيذ مخرجاته باعتباره مرجع من المرجعيات! اخرجوا من المربع وفكروا بأفق أوسع وابحثوا عن حلّ للمشكلات في الأقاليم أو في غيره من المختلف عليه؟!؛ ثم ألم يكن الزبيدي بعد إقالته من منصب محافظ محافظة عدن وهو شخص أقيل لسبب ما أو حتى من غير سبب؟!؛ فهل كان يحق له تشكيل مجلس ويتمرد على الدولة ويطالب بمشروع منفصل عنها؟!؛ ثم ما نسبته من تمثيل الجنوبين حتى يصبح الممثل الشرعي والوحيد؟! تبحث المسائل بواقعية!؛ سؤال عريض طويل  هل من غيّر من وظيفته لأي سبب يسمح له بتشكيل مجلس وتسليح وارتباطات خارجية؟ لماذا أصبح حلّ المشكلات بشكل سطحي عرضي غير معمق،  وتعالج النتائج بالطريفة التي يظن المسؤولين والجيران أنها غير مكلفة، فيقومون باحتواء المتمردين او الرافضين او المزعبقين، واحيانا قد يضطرون لتمرير بعض الاشياء التي لا يرتضيها معظم اليمنيين!؛ فلو كان الرئيس الشرعي استجاب له الجيش اليمني أو الحرس الجمهوري تحديداّ وفي عمران بالذات لانتهى التفكير بالانقلاب اصلاّ،  وإذا كان قد أوقف الرئيس هادي  تحركات الزبيدي في المهد لانتهى الأمر!؛ والأمر ذاته مع العميد طارق كان بجانب الحوثين يقاتل هو عمه والحرس الخاص والجمهوري، كان في نحالف، فقام الرئيس صالح بانتفاضة ضدهم بعد اختلافه معهم، لكنها  أودت بالنهاية بحياته، ومن بعد ذلك وليس-قبله-،  عملت الشرعية والتحالف والانتقالي  على استيعاب واستقبال كل منتسبي العميد صالح ومُكّن من الساحل وأصبح قوة لا يستهان بها ووجب استيعابه واحتوائه!؛ وهكذا يقال أن هناك مفاجئة في الاجتماع القادم، أي قد يتم ترتيب وضع السفير احمد علي صالح في قوام الشرعية، الرجل للإنصاف  لم يتمرد ظاهريا أو يعلن عن تشكيلا له، و لم يعلن رفضه للشرعية علانية، فإذا كان استيعابه سيعيد الحرس الجمهوري المقاتل ضد الشعب اليمني في صفوف الحوثي؛ فأهلاً به، وارحبي يا جنازة فوق الأموات !؛ .. إن سياسية الترقيع والترضية بمناصب الدولة لهذا أو ذاك، بعضهم نائم ثمان سنوات ولم نشاهده ولم يبحث في أي مشكلة يمنية، ولم يُسهم بحلول ومقترحات ولا حتى بتعليقات،  ويعين بمناصب جديدة وهو  زغيره أتين من مؤسسة كانت فاشلة، فلماذا تكافئون من لم يسهم بإنقاذ مؤسسات ثبت فشلها؟!؛ و لماذا الساكت الصامت هو المحبب في تعيناتكم؟!؛  ولماذا تحاولون استرضاء الساخط مرتفع الصوت ضدكم ايضاً؟!؛..هذه سياسة فاشلة لا تجلب لليمن إلا مزيداً من الضرر والمعاناة! .. الآن باختصار يحتاج منكم وممن يشرفون عليكم من إخوتنا العرب إلى استيعاب أن الترقيع غير مجدي، وأن الدولة تحتاج لقوة القوة، وأن قوة الدولة تحتاج لقواعد صارمة تعمل بموجبها؛ منها الدستور واي شيء خارجه، لابد من اعلان دستوري ضابط للعمل بموجبه، مجلس قيادة رئاسي يعمل تحت لافتة تفويض صلاحيات،  وأكيد مقيد بما فوض فيه، وينبغي عند الخروج على روح الدستور أن يُشرعن، وشىرعنته ليس كما جرى في مشاورات الرياض حيث كنا هناك، وكل الاسماء والتشكيلات وحتى الاعلان الرئاسي ذاته جاء  من المطبخ الخلفي، وياليت المطبخ الخلفي يدرك واقع اليمن على حقيقته وتعقيداته، فهو كما المنظمات الدولية يتعامل مع من يصل إليه ويتفاعل معه؟!؛ .. فإذا ما خرجتم عن الدستور في هذا الوضع اليمني المزري، فيحتاج الامر  للشرعنة فقط، هنا تنضبط الأمور،  كذلك فكروا بالبرنامج الجامع المتفق عليه.. بعدها عينّوا من شئتم فلا فرق، طالما سيلتزمون وسينفذون  برنامج متفق عليه.. بغير ذلك، استمروا في الترقيع، استمروا، ورقعوا لكم رقعوا؛ ولن يتغير من الأمر شيء!؛ فنرجو من الجميع التعفف عن الترقيع والمحسوبية، والترضية!؛  .. وصوماً مقبولاً ..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي