مرّ عام على المشاورات اليمنية .. فماذا حدث؟!

د. علي العسلي
الاثنين ، ٠٣ ابريل ٢٠٢٣ الساعة ١١:١٢ مساءً

لقد مرّ عام منذ انعقاد المشاورات اليمنية في الرياض، وتحل الذكرى الأولى لإنشاء مجلس القيادة الرئاسي  بعد أيام، بعد عام  لم نجد تحوّلات عميقة ولا إصلاحات ولا تغييرات ولا واحد في المائة مما كان يتوقعه معظم الطيبون!؛ في تفاصيل هذا العام المتوفي؛ تحول الأمل الى إحباط،  وتحوّل الاستبشار بمولود  الدولة الجديدة  التي قوامها العدل والمساواة والمواطنة المتساوية إلى مولود اصابه الكساح عقب الولادة مباشر ويحتاج لمن يساعده، لا لأن يساعد هو الأخرين مع كل آسف، هذه المرارة في التعبير لها ما يبررها!؛فلقد كنا رافعين سقف التوقعات في مجلس القيادة الرئاسي بشخوصه المعروفين والمؤثرين والفاعلين، كان التوقع أن ينجزوا الشيء  الكثير، لكن دعونا نستعرض أهم الاشياء في العام المنصرم لنرى كيف تحوّل الحلم إلى كابوس، وكيف تحوّل التحرير إلى استجداء الصلح مع الحوثي، وكيف تحوّل انتظار لحظة دخول  العاصمة صنعاء إلى يا الله تثبيت الواقع الحالي!؛   عام مضى دون  تحقيق الاستحقاقات المطلوبة من قبل مجلس القيادة الرئاسي، غير  أننا مجبرين أن نلزم انفسنا بأمل القشة، و نحتفل بمرور عام على أمل أن الأتي أفضل، وبهذه المناسبة نناشد المعنيين سرعة تنفيذ ما قبلوا وتعهدوا به!؛  .. فماذا حدث في  العام المنصرم؟!؛ لا شك أن هناك  نجاحات محدودة جداً يمكن عدّها وحصرها، ومن عدم نفعها وأهميتها يمكن إهمالها إذا شئتم؟!؛ ومن ذلكم نذكر على سبيل المثال؛ عدم طبع عملة جديدة، يمكن اهمال هذا الإجراء لأن العملة اليمنية لم تشهد استقراراً؛ و فوارق الصرف بقت كبيرة، ولا يزال الريال اليمني في أدنى قيمته تجاه العملات الأخرى؛  ويمكن القول كذلك أنه جرى إلى  حد ما إعمال القانون وتفعيل القضاء، ومع ذلك لايزال صدور أحكام  القصاص في المجرمين الذين اغتالوا شخصيات بوزن الشهيد الحمّادي وغيره بعيد التحقُق؛ وجرى حضور لافت خارجياً وفي المحافل الدولية، ورغم ذلك لا يزال الحوثي هو الفائز بمواقف واموال  المنظمات الدولية، إذ يحظى باستمرار بتدفق مليارات الدولارات إليه، وهو من جانبه يوظفها في إثراء مناصريه، وفي حربه  الشعواء  على الشعب اليمني؛ كذلك جرت هدن هشة يمكن تسميتها " استراحة التقاط الانفاس والاستعداد لما هو آت"،  واستفاد منها الحوثي دون غيره، لأن قوى الشرعية لم ترتب صفوفها وأوضاعها بعد، ومما لا شك فيه أن الحوثي  يستعد لجولة من الصراع ليقول من خلالها  أنه ليس مرتبط بإيران ولا له علاقة بالاتفاق السعودي الايراني.. وكان المفروض بحسب المخرجين أن ينتهي العام الأول للمشاورات اليمنية- اليمنية الأولى بإدخال الحوثي في الركب  واحتوائه في مشاورات يمنية-يمنية ثانية، ولا تزال المحاولة مستمرة؛ فالمخرجين الدوليين عجزوا وأرادوا أن ينتهي الحال باليمن بالتوصيف على أنه شأن داخلي وحرب أهلية، مما يعني انسحاب الفاعلين الإقليمين والدوليين  من المشهد اليمني وما يترتب عليه من اعادة الاعمار وخلافه، يريدون انهاء الحرب،  الكابوس الذي ارهقهم، وهذا حتماً سينعكس على الشعب اليمني بؤساً ومعاناة أكثر.. وهنا أريد أن بعث تذكير حب  للأشفاء في المملكة فأترجاهم ألا يستجيبوا للضغط الامريكي البريطاني بترك اليمن، فهو أمنهم القومي قبل أن يكون فيه مصلحة يمنية.. أن  الاكتفاء بتوصيف المشكلة القائمة في اليمن على أنها  حرباً أهلية غير دقيق البتة.. فإذا ما تركت اليمن للسباع تنهشها، فيعلم الله كم ستأخذ من مدّة  حتى تنتهي، حتى أن الحوثين أعجبوا بتوصيف  الحرب باليمن داخلية لغرض في نفوسهم!؛ وهذا ما بدأ يلوح به بعض قادتهم،  عندما قالوا أن الحرب القائمة  ليست مع السعودية أو مع التحالف وانما مع السلطة  الشرعية التي لم تستطع احكام سيطرتها على المحافظات المغتصبة من قبلهم بحسب زعمهم!؛ أما الإخفاقات فهي كثيرة ولكن أهمها؛ عدم تنفيذ الاستحقاقات التي بموجبها تم اعلان نقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي لإدارة الدولة واستكمال المرحلة الانتقالية في السابع من ابريل عام 2022 ؛  فلم يحدث اصلاح وتغيير،  بل حدث أن كل عضو من مجلس القيادة الرئاسي رتبّ أوضاع اصحابه،  ولم يتم توسيع المشاركة في ادارة الدولة وبتنا أقرب لتمكين أهم مسؤولي الدولة العميقة في أهم مراكز صنع القرار دون إشراك الأخرين !؛ كذاك فإن إنهاء التوتر لم يحدث، وهو  لا يزال على كافة الصعد وبخاصة سياسياً وامنياً، بل ازداد، ولم تصان الوحدة اليمنية  ولا السيادة ولا الاستقلال المذكورين في روح اعلان الرئيس هاي لنقل السلطة ، بل أنه نتيجة للمماحكة بين اعضاء مجلس القيادة الرئاسي والتعامل القاسي المتعالي من البعض ضد البعض الأخر اصبحنا نرى في تهامة وتعز نموذج أو نواة تشكيل دولة مكتملة، ولم نرى المسؤولية الجماعية من قبل مجلس القيادة الرئاسي، بل رأينا طيلة هذا العام خلافات وخروج على نص الاعلان والتجاوز على كل الاختصاصات، بل كأن كل واحد صار رئيس بذاته يفتتح مشاريع  ويصرف رواتب ومكافئات  !؛ كذلك لم يتم تحقيق تكامل القوات المسلحة تحت هيكل قيادة وطنية موحدة في إطار سيادة القانون، ولم يتم إنهاء الانقسام في القوات المسلحة ومعالجة أسبابه، ولم توضع عقيدة وطنية لمنتسبي الجيش والأجهزة الأمنية؛ ولم يتم تعزيز المساواة بين المواطنين في كافة الحقوق والواجبات وتحقيق الشراكة الواسعة؛  ولم نرى كذلك روح  التوافق في القرارات، ولا في ادارة الدولة، ولم يستقر المجلس بالعاصمة المؤقتة عدن، فلو أجملنا كل مكوثه فيها قد لا يتجاوز أسابيع!؛ ولم يتم اقرار القواعد المنظمة لأعمال مجلس القيادة الرئاسي بعد خمسة عشر يوما من تقديم الفريق القانوني توصيته!؛ تخيلوا ان مجلس يعمل من دون قواعد تحكمه! ولم يتم اصلاحات عاجلة للاقتصاد وحتى الوديعة اخذت سنة بين الوعد والايفاء بها؛ وحتى التفاوض بموجب اعلان نقل السلطة من قبل لرئيس هادي، الذي ألزام مجلس القيادة حصراً في التفاوض  مع الحوثي لم ولن يتم؛ فالحوثة يتفاوضون مع اطراف اخرى، وقد يكون  ايضا مع بعض اطراف الشرعية سراً، فمن يدري؟!!؛ ومن الاخفاقات كذلك عدم حماية الموارد السيادية وما كان يدفع من رواتب للموظفين العام الماضي، فبسبب استهداف الحوثي للمنشأت وعجز الشرعية والتحالف على حمايتها،   هاهم الموظفين والنازحين منهم في الذكرى الاولى لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي من دون رواتب ولشهور!؛  على العموم النجاح بسيط،  والاخفاقات كبيرة،  والانجازات التي انجزت متمثلة بالقواعد المنظمة لعمل مجلس القيادة الرئاسي،  وتلك الوثائق الثلاث التي اقرت من قبل هيئة التشاور التي انعقدت حضوريا قبل مدة ولمدة اسبوعين، والتي لا تزال رئاسة هيئة التشاور تتكتم على مضمون تلك الوثائق،  حيث أقرت الهيئة: وثيقة "الإطار العام للرؤية السياسية لعملية السلام الشاملة"، ووثيقة "مبادئ المصالحة بين القوى والمكونات السياسية الشرعية "، والنظام الداخلي للهيئة.. ولا شك أن فيه ترتيب أوضاع اعضائها.. هذه الوثائق التي بذل فيها جهد كبير لإنجازها، اضافة الى ما قامت به اللجنة الامنية،  كل هذه الانجازات قد تتبخر،  حيث لم يصدر بها قرارات وقوانين  ولم تنفذ، وبالنتيجة وكأنها لم تنجز.. .. ذكّرنا بأهم النقاط في الذكرى الأولى لتشكيل مجلس القيادة الرئاسي  لعلها توقظ ضميرهم،  بحيث ينفذ كل فيهم ما عليه، وما وافق عليه وتعهد بتنفيذه أو ارجاع الأمانة لمن فوضها والاستقالة أخرج وأشرف لأن ما ورد في اعلان نقل السلطة امر بسيط وغير مستحيل تنفيذه.. نتمنى ألا يأتي العام القادم ونحن نكرر نفس هذه النقاط وندور في حلقة مفرغة.. تهانينا لمجلس القيادة الرئاسي بمرور عام على تشكيله.. شدوا حيلكم، فالكل يراقبكم ويرصد أنفاسكم، وانتم في محك حقيقي لا ديكوري!

الحجر الصحفي في زمن الحوثي