خذلان على هيئة بشر

بشرى عبدالله الحميدي
الأحد ، ١٩ مارس ٢٠٢٣ الساعة ١١:٥٨ مساءً

 

على سرير أبيض موحش موصول بأجهزة التنفس كان يصارع الموت بحثاً عن نجاة ، صحيح أن روحه فارقته في ذلك اليوم الذي  خفت فيه نبض قلبه ، لكنه كان يبحث عن بصيص أمل ، ليس حباً في الحياة وإنما لتكون أيام أختبار يتكشف فيها معادن الرجال ومواقفهم لكنه الخذلان حين يأتي على هيئة "أشخاص" هنا تكشفت المعادن وشاهت  الوجوه وساد الصمت ولم يعد مفيد منهم بالمفيد. 

فاضت روح " مفيد " وفاضت معه قيم الإنسانية ولم تكن شعارات النبل والعطاء التي يتشدق بها البعض إلا محض افتراء وكذب وتدليس يتغنون بها على أمل أن يكتسون وشاح البذل ليكونوا في نظر الآخرين السباقون في العطاء وهم عورات الروح حفات البذل مغلولي الجود والكرم رغم ما يدخرونه من نقود وسلطة.

رحل " مفيد " وقد ترك لنا درساً في الحياة مفاده لا شيء للإنسان غير نفسه وروحه التي يمتلكها ، ولا  عشم بحكومة أو سلطة أو جاه أو قائد مهما تعاظمت سلطته وزادت نفوذه فجميعهم في الخذلان سوا وما وجودهم الا هباءً منثورا يذهب عند أول هبة ريح ، تجدهم عند الحاجة كالهشيم المتطاير مؤذي أكثر من نفعه ،كالعصف المأكول    مجرد دمى يرقصون وفق مزاج معين ومع أشخاص من طراز معين ،يجيدون التملق فيهم ومعهم ويتبادلون المنافع لهذا تجدهم  غير معنيين بآلام وآمال البسطاء وإن كان حفنة من دواء فمجمل القول عندهم "ما الفائدة التي سنجينها وما التربح" ؟

رحل "مفيد " ذلك النابض بالحياة والفرح، رائع الأخلاق عفيف النفس  ، رحل بين صرخة ولهفة وبين غصة ودمعة بين وجع وألم منهمر وبقيتم أنتم تلاحققكم اللعنات وتتربص بكم الحياة فما الأيام إلا دول , رحم الله "مفيد " وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان ، إنا لله وإنا إليه راجعون .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي