تعز أجمل مدن الأرض

أحمد عثمان
الخميس ، ١٦ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ١٢:٥٨ مساءً

 

ربما لا يعرف قيمة تعز وتميزها إلا من زارها أو من خرج من أولادها بعيدا عنها. جوها منعش جميل ومعتدل صيفا وشتاء، فبرد الشتاء فيها عليل، أقرب للنسيم العذب، وعندما يقول ابن تعز برد، فلأنه يمارس الغنج ودلال المترفين ليس إلا حتى إذا ما رمته الاقدار الى صنعاء أو ذمار أز بغداد، أو القاهرة ومدن الصقيع في بقاع العالم، صاح بأعلى صوته: أفدي بردك واااتعز.

حرارتها في الصيف، مهما كانت، فهي دفيء لايمكن مقارنتها بالمناطق الحارة حد الإختناق داخل اليمن أو خارجه، وقد تسمع أبناءها يشكون حرارة الصيف، فإذا خرجوا مثلا إلى عدن أو الحديدة، علموا أنما هم يمارسون الغنج ، كما يمارس الطفل الدلال على أمه.

 

أما من ذهب إلى بغداد أو القاهرة أو الكويت أو ماشابه في وقت الحرارة فإنهم يصرخون: وااتعز الله يديمك.

في الصيف تمر حرارة محملة بالبرود وألوان قزح لهذا يعيش الناس بدون مكيفات، وإذا جاء المساء تسلل النسيم بسلام، تسلل العاشقين، أما إذا سقط المطر فحدث ولا حرج حيث تخرج الناس تغني مع عقاب الجبل وبلابل الوادي بمهاجل الصيف :

 

(الريح يضرب

والسحاب تجلب

والوادي شرب )

مستقبلة (جالب ) المطر والبرود القادم من الشمال يلاعب الزرع

وكأن كلمة" البرود" خاصة بتعز.

 

تعز مدينة جميلة بلا أثواب منمقة، على سقفها يسهر القمر، تنام في حضن جبل صبر الذي يتكيء على عصاه السليمانية، منذ الأزل ، حارسا يهش عنها الهوام ويغسلها بماء السماء كلما حن الرعد ودمعت السحابة على رأس العروس، وصدور الجبل العامرة مدرجاتها بالخضرة و الماء و عشب الخزام ، محجلة بعيون الماء مشقرة بالوجه الحسن.

تعز مدينة السعادة و الإعتدال هي المدينة الأجمل وجها والأعذب طقسا في العالم رغم ما تعانيه من إهمال وتكالب، فتبقى الأجمل، والاطيب بين حواضر العالم مع أنها على الفطرة الأولى بدون رتوش ولا مكياج وبعيدا عن تدخلات عالم العاج وتنميقات البلاستيك.

 

ولا يوجد اطيب من تعز سوى اهلها الطيبون، فهم معتدلون في غضبهم ورضاهم وفي ثورتهم وسكونهم، مرونتهم سهلة ممتنعة، تستعصي على الكسر ولصبرهم شموخ كجبل صبر و عمق كعمق المحيط ولثورتهم ديمومة تقطع الحجر ولصرختهم هدير كهدير الموج.

ولهمهماتهم ط دوي كدوي الرعود الماطرة ولمعان البروق الحارقة،

من استخف بها فضح، ومن استجار بها كان آمنا وأحد أبنائها ، تغنى فيها الأدباء والشعراء قديما وحديثا

وما أجمل وصف تعز على لسان اديب اليمن ابن تهامة

الاديب عبد الرحمن طيب بعكر

وهو يتغنى بتعز وتميزها بين مدن الارض قائلا :

"عندما تغضب في الظهر تهامَه

و يقوم الحر ما أقسى قيامَه

يضحك البرق هنا في (صبر)

عازفاً في سفحه لحن الغمامه

و ( تَعِزُّ ) طفلة لاهية

زانها الحسن و أعطاها وسامه

و بكفيها بطاقات الهوى

ترغم النافر أن يهوى الإقامه

فاضت الأشجار في أعطافها

فغدت عش هزار ، و حمامه

الحجر الصحفي في زمن الحوثي