الزيدي بـ ٣٢ شافعي!

أ. د. فؤاد البنا
الاثنين ، ٠٦ يونيو ٢٠٢٢ الساعة ٠٥:٣٢ مساءً

كم يضيق صدري ويصاب قلمي بالصداع حينما أضطر لمناقشة مسألة ذات بُعد عصبوي، أكان طائفيا أو سلاليا أو مناطقيا أو قبليا، لكن المرء قد يأكل لحم الميتة عند الضرورة! 

ذكر الشيخ عبد الرحمن قحطان رحمه الله أنه حينما كان طالبا في مدينة جبلة كان الذي يَدرُس الفقه الزيدي يعطى الكتب مجانا من الحكومة ويعطى منحة شهرية قدرها ريالان فرنسيان (نمساويان في الحقيقة)، بجانب نصف قدح حبوب، ثم يتخرج للعمل الفوري كقاض أو حاكم في مؤسسات الدولة التي تعيش على ضرائب وزكوات المواطنين الذين ينتمي أكثرهم للمذهب الشافعي!

 أما من يدرس الفقه الشافعي، كما كان وضع الشيخ عبدالرحمن قحطان نفسه، فلم يكن يعطى سوى رُبع ثُمن القدح من الحبوب في الشهر وكأنه دجاجة، ولم يكن يُعطَ أي مال ولا كتب، ومن النادر أن يحصل على وظيفة حكومية وهي وظيفة بسيطة في الغالب!

 وكان المدرس للفقه الزيدي يأخذ خمسة أقداح قمح في الشهر وثلاثين ريالا (فرنسيا) من خزينة الدولة، في مقابل ريالين لمدرس الفقه الشافعي فقط ودون أن يعطى حتى حبة قمح واحدة! وهذا يعني أن الزيدي كان يُعطَ ٣٢ ضعف ما يعطى للشافعي وهما في مقعدين متجاورين في ذات المدرسة، هذا بجانب اختلاف التقدير والحفاوة التي يلقاها كل منهما، وبمنطق المواطنة الإمامي فإن الزيدي يساوي في قيمته أكثر من ثلاثين شافعيا! 

وللعلم فإن الإمامين يحيى وأحمد حميد الدين كانا أقل قبحا في سلاليتهما وأخف تعصبا لطائفيتهما من الحوثيين، وكانا زيديين هادويين ولم يسافرا إلى إيران أو يأخذا دورات طائفية على النمط المعاصر الذي طورته الخمينية مسنفيدة من التراث الصفوي البويهي، ولم يكونا أبدا مؤمنين بالتشيع الاثني عشري، وهنا نسأل بقلق شديد: لو تمكن الحوثيون من حكم اليمن كله من غير منازع، كيف سيفعلون بأتباع المذهب الشافعي؟!

*أستاذ الفكر السياسي  الإسلامي -جامعة تعز .

الحجر الصحفي في زمن الحوثي