السلام لأجل نصفنا الأخر

موسى المقطري
الجمعة ، ١٢ نوفمبر ٢٠٢١ الساعة ١٢:٢٢ صباحاً

في العام 1999م نشبت الحرب الأهلية الليبيرية الثانية  فحاصرت عدة نساء القصر الرئاسي، ورفضن السماح للرئيس أو ممثليه بالخروج من قاعة الاجتماعات لأي سبب حتى يخضع الساسة لمطالبهن المتمثلة بانهاء الحرب والجلوس الى طاولة المفاوضات ، وكوّنت "ليما غبوي" اتحاداً غير مسبوق مع النساء المسلمات، وبدأت النساء تخرج في مسيرات أسبوعية بالآلاف للمطالبة بالسلام .

ولاحقاً وتحت الضغط جلست جميع الأطياف للتفاوض ، وحين توقفوا تجمهرن حول القصر الرئاسي من جديد ، ومنعن خروج أو دخول أحد وأصبحن جماعة ضغط ، فعاد المتفاوضون وتم توقيع معاهدة سلام تشكلت على إثرها حكومة انتقالية ، وانتهى شبح الحرب الذي كاد يلتهم البلد ، وحصلت "ليما" على جائزة نوبل للسلام بالمشاركة عام 2011م .

أدركت النساء وقتها أنهنّ سيكنّ أكثر الضحايا تضرراً من الحرب ، وتلك عادة الحروب في كل البلدان إذ تحصد المرأة القدر الأكبر من المعاناة التي تشمل جميع جوانب حياتها ، فالحروب تخلق وضعاً من عدم الاستقرار ، وينفلت فيه الأمن ، وترتخي قبضة الدولة ، ويختل النظام بشكل عام وتغيب سلطة القانون ، فتزداد الهشاشة للفئات الأدنى التي فقدت غطائها الحمائي المتمثل بالدولة ، وتمثل النساء هذه الفئة غالباً ، كما يزداد النزوح أو اللجوء الذي يعتبر عاملاً أساسياً للهشاشة والفقر والاضطهاد ، وتفقد نسبة كبيرة من النساء أزواجهن سواءً بالموت أو السجن ، مما يحملهنّ مسؤلية إعالة الأطفال ورعاية الأسرة مادياً ونفسياً بشكل منفرد .

في اليمن يقدّر مهتمون في مجال الإغاثة والعمل الإنساني أن العنف المرتبط بالنوع الاجتماعي ضد المرأة تصاعد منذ بداية الحرب ليصل الى قرابة 70%، وأهم مظاهره ارتفاع نسبة زواج الصغيرات، والزواج القسري،  وحرمان العديد من الفتيات والنساء من التعليم والصحة، وتوقف مشاركتهن في الوظائف المدنية ، والتعرض للتحرش أو الاعتداءت الجنسية ، والحرمان من الحقوق وعلى رأسها الميراث ، وتشكل أجواء الحرب مرتعاً خصباً لتنامي وتوسع أشكال العنف المختلفة .

في ظل هذالمساوئ التي يتعرض له نصفنا الأخر يبقى الحل الأوحد بالتأكيد هو السير باتجاه فرض السلام وإيقاف الحرب ، ومن شان ذلك أن يوفر للرجال والنساء على حدٍ سواء مناخ ملائم للحياة الكريمة ، والمشاركة في التنمية بشكل متوازن ، كما سيشكل السلام  أحد أهم الأسباب التي تحد من العنف المرتبط بالنوع الاجتماعي الذي يستهدف المرأة، والحد منه بالتأكيد سيكون رافداً من روافد التنمية في البلد ، وسبباً  لبناء مجتمع متسلح بالتعاون والتفاهم والعمل المشترك سواءً بين أطيافه ، أو بين ركنيه الرجل والمرأة.

وقبل هذا وذلك يعدُّ السلام والاستقرار والتعايش هو الوضع الطبيعي ، وتمثل الحرب حالة طارئة من الحكمة أن تنتهي بأقرب فرصة ممكنة ، وكلما أوغلت فينا أكثر كانت الضريبة أكبر على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ، وازداد تعقيد المشهد في كل مجالات الحياة ، وجهود كل قادة البلد من كل الأطياف يجب اليوم أن توجّه نحو إحلال السلام ، ثم العمل المشترك لإعادة إعمار ما خلفته الحرب من أثار حسية ومعنوية ، وخاصة التي مست نصفنا الأخر لنتمكن من السير  في قطار التنمية بشكل متوازن. معاًمناجل_السلام معاًضدالعنف

الحجر الصحفي في زمن الحوثي