وجه الحوثية القبيح

منصور الزيلعي
الأحد ، ١٩ سبتمبر ٢٠٢١ الساعة ٠٧:١٦ مساءً

ما أقسى اللحظات التي ينتظر المظلوم منك نصرته، فلم تجد لذلك سبيلا إلا العبرات والآهات ووسائل التواصل الاجتماعي لتعبّر عن حزنك وأساك، وتحت اسم مستعار، خوفا مما قد يطالك في حال ما إذا اكتشفوا أمرك وعرفوك، إن كنت في مناطق سيطرة مليشيات الحوثي..

كم هو محزن ومبكٍ أن توثق بالصوت والصورة جريمة إعدام تسعة من أبناء الحبيبة الجريحة تهامة، في ظل صمت مريب من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية، يستدعي العجب.

الكثير، ورغم صدمتهم من هول ما شاهدوه، تفاءلوا بأن زوال هذه العصابة بات قريبا وقريبا جدا، لأن هناك من كان قد خدع بهؤلاء عند تنفيذهم القصاص في قتلة عبدالله الأغبري في صنعاء.

مشاهد اليوم أعادت الكثير إلى جادة الصواب، خاصة وهم يشاهدون أحد الجنود حاملا الطفل عبدالعزيز علي محمد الأسود قبيل دقائق من تنفيذ الإعدم، وجعلتهم يستحضرون الجرائم والإعدامات التي ارتكبت بحق الكثير من الأبريا بتهم كيدية، ومازال آخرون منتظرين مصيرهم المحتوم. يعدمون أبناء اليمن على الملأ ودون خوف أو رادع من أحد ويهتفون بالموت لأمريكا وإسرائيل ويلعنون اليهود ويهتفون بالنصر للإسلام.

وهنا نستحضر ما قالته المرأة العجوز في مديرية أرحب التي قالت وهي تشاهد الحوثيين يفجرون منزلها ويصرخون بالموت لأمريكا وإسرائيل وبالنصر لإسلام وهي تبكي: "منين جاءوا هؤلاء.. الله يجعلهم طايحين في الجبال".

ما أجبننا ونحن نرى هذه المشاهد والمظلوم يصيح "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وقاتلوه يهتفون بالنصر للإسلام.

عبدالعزيز طفل من أبناء مديرية القناوص، حين قُتل الصماد كان عمره لا يتجاوز الرابعة عشرة، تعرض للضرب والتعذيب الشديد، ما أدى إلى كسر في عموده الفقري، فهو لا يقوى على الوقوف أو الحركة، ولذلك لجأ الجندي إلى حمله، كما يظهر في الصورة..  قدموه للإعدام وهو يصيح والله بريء، والله بريء، والله بريء"، في منظر يكشف الوجه القبيح للمليشيا الإرهابية.

أما معاذ عبدالرحمن عباس الذي لفقت له الجماعة الحوثية تهمة الاشتراك بقتل الصماد، بكلمات موجزة، قال للمحكمة الاستئنافية في إحدى جلساتها: "أنتم اتهمتوني أني كنت يوم مقتل الصماد في حوش موسى مفلح في القناوص أرفع الإحداثيات، كيف حصل هذا والجميع في المنطقة يعرف أن هذا الحوش مقر للحوثيين منذ وصولهم الحديدة، ولا يستطيع أي شخص مجرد الاقتراب منه؟ ولديّ الدليل على ذلك". لكن الشعبة الجزائية لم تلتفت لكلامه، وحكمت عليه بالإعدام حدا وقصاصا وتعزيزا..

الكثيرون رأوا في تنفيذ القصاص بحق قتلة عبدالله الأغبري استثمارا من قِبل المليشيا الحوثية العنصرية واستغلال الزخم الشعبي لتمنح نفسها حق توظيف القضاء كأداة تنكيل وتنفيذ أحكام الإعدام متى شاءت، دون خوف من ردة فعل. ولا يخفى على أي ناشط ومتابع العاطفة التي يتمتع بها الشعب اليمني، إلى حد نسيان كمٍ هائل من الجرائم في لحظة معينة.

يقول المحامي والمستشار القانوني عبدالمجيد صبرة، في منشور له على صفحته "في الفيس بوك"، إن المتهمين وأقاربهم عاشوا لحظات صعبة..

وأوضح أن أخ المتهم محمد علي المشخري تواصل به، وكان المتهم محمد المشخري لازال يتحدث مع أبنائه الثمانية وزوجته، وأخيه، ويبلغهم أنه سيتم تنفيذ الحكم غدا (اليوم السبت).

يضيف صبرة "ثم تكلم معي، وقال خلاص لا يوجد أي طريق لتوقيف تنفيذ الحكم، أو تقديم إلتماس".

يتابع صبرة "فقلت له لم نتمكن من الحصول على صورة من الحكم حتى هذه اللحظة"..

وأوضح أن "محمد المشخري أحد التربويين المميّزين في منطقته، ونتيجة الأوضاع صار يعمل مع زميله المتهم محمد يحيى نوح في أحد معارض السيارات بمدينة الحديدة، وهو معرض 'عابد التاج' في شارع 'زايد'، ولم يجد المحققون ما يلفقون له من تُهم سوى الإدعاء أنه كان متواجدا بهذا الشارع كي يرصد موكب الصماد إذا مرّ، بالرغم أن تواجده في هذا المكان أمر طبيعي".  ويستطرد المحامي صبرة "يقول المتهم إنه ينام أحيانا في المعرض المتواجد في نفس الشارع، ومع العلم أن موكب الصماد لم يمر من هذا الشارع، ولن يمر أساسا منه".

وبين صبرة أن "المشخري تعرض لأشد أنواع التعذيب، حتى وصل الأمر به إلى أن قال أمام المحكمة الابتدائية: يا قاضي لو طلب المحققون أن اعترف بأني قتلت رسول الله لاعترفت.. من شدة التعذيب الذي تعرّض له، وفي الأخير قال للمحققين: اكتبوا ما شئتم وسوف نوقّع عليه".

وأوضح المحامي صبرة أنه "رغم ما كتب في تلك المحاضر من تلفيق وكذب ضده، فإن الاتصالات المقدّمة من النيابة كدليل إثبات ضد هذا المتهم قد أثبتت عدم تواجد المتهم محمد المشخري يوم الواقعة 19/4/2018م في مدينة الحديدة، وشارع زايد الذي يقع فيه أساسا مقر عمله".. مضيفا "ورغم هذا كله لم يلتفت القضاء لذلك، وحكم عليه بالإعدام حدا وقصاصا وتعزيرا". 

عبدالملك أحمد حميد -أحد التسعة الذين تم إعدامهم اليوم السبت الموافق 18/92021م- كتب وصيته لأسرته جاء فيها: "لقد ظُلمت، وحُبست، وحُوكمت، في قضية لم أفكر فيها مجرد التفكير، وسيكون تنفيذ حكم ظالما، كما قالوا يوم غدٍ السبت 18/9/2021م".

وأضاف "أفوّض أمري إلى الله في من ظلمني وزج بي في هذه القضية ظلما وعدوانا "الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور".

ودعا في وصيته: "اللهم أرني في من ظلمني عجائب قدرتك، وسرعة نقمتك، وزوال نعمتك، يا رب أنت أحكم الحاكمين".

‏ وأضاف: "أوصيكم بأولادي وبناتي وحسن تربيتهم وأوصي أبنائي وبناتي في بر أمهم".

محمد يحيى محمد نوح -أحد التسعة الذين أعدمتهم مليشيا الحوثي اليوم- من مديرية القناوص - محافظة الحديدة، ليس له أي دور في السياسة، وهو مدرس، وليس له أي منصب، ولا ينتمي لأي حزب سياسي.  اعتقل في  ٢٠١٨ ظلماً وجوراً، عُذّب، وغُيّب قسرا 6 أشهر، تعرّض خلالها لأنواع التعذيب المادي والمعنوي. ناشدت أسرته -قبل إعدامه- كل منظمات العالم التدخل لإيقاف هذه المذبحة، لكن -للأسف الشديد- لم تلق مناشدتهم آذانا صاغية، وكأن ميزان التدخلات قد اختل، وحسب مواصفات معيّنة.

وبعد حفلة الدّماء هذه، التي استبقت بها مليشيا الإجرام احتفالها ب21 سبتمر، اليوم الذي أُرجع فيه اليمنيون قرونا من الزمان إلى الوراء، ماذا يمكن للناشطين والحقوقيين والسياسيين والأبطال أن يفعلوا لمواجهة هذه العصابة الإجرامية، وحتى لا تتكرر هذه المشاهد مرّة أخرى؟ الحل بسيط، يكمن في توحيد صفوف الجمهوريين الأحرار تحت قيادة وطنية واحدة، والبدء بمعركة التحرير.. وأجزم يقينا، شهور وسنحتفل بالتحرير والنصر في ميدان التحرير..

الحجر الصحفي في زمن الحوثي