بمجرد أن أُعلِنَ عن خطاب مرتقب لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي بعد إجتماعه مع هيئة مستشاريه وهيئة رئاسة مجلس النواب وبعض مسؤولي الدولة إلا والجميع بقي مترقباً لمعرفة ما سيحتويه الخطاب ، والبعض إستعجل وأوَّل مسبقاً عن ماسيقوله فخامته وما الجديد في جعبته وخصوصاً بعد أحداث سقطرى وأخبار إيقاف الحرب في أبين للعودة إلى تنفيذ إتفاق الرياض .
الكثير من الإعلاميين والنشطاء السياسيين أختلفت آراءهم فأدلوا بدلوهم وكتبوا وقالوا ومدحوا وذموا في فخامة رئيس الجمهورية كُلٍّ بطريقته الخاصه وما يكنه في صدره تجاه فخامته ، وأنا سأذهب بعيداً بطريقتي وأقول : أولاً بمجرد ظهور الرئيس بصحته وعافيته دحض كل إشاعات البؤساء المغرضين بأنه توفي أو أنه يعاني من مرض ويصارع الموت ، وأن من يدير الدولة هو مدير مكتبه الدكتور عبدالله العليمي بمعية نجل فخامته جلال هادي والسفير السعودي لدى اليمن .
ثانياً : أن فخامته كما قيل لا يمتلك من قراره شيء وأنه مرتهن وقراره منزوع حيناً يقولون لدى حزب الإصلاح ونائبه علي محسن وحيناً آخر لدى القيادة السعودية وممثلها السفير السعودي ومنهم من قال أنه يعيش تحت الإقامة الجبرية ، ومن يتمعن في خطاب الرئيس سيجد أن كل الأقاويل والإشاعات آنفة الذكر عارية عن الصحة وليس لها وجود إلا في أنفسهم المريضة وعلى الأخص أذناب دويلة الشر وهم أتباع الإنتقالي والعفافيش بقياداتهم وناشطيهم وقطيعهم فلو كان مرتهن بقراره لما توقفت الحرب بعد صدور أوامره للجيش الوطني في أبين .
ثالثاً : إنتظر الكثيرون لا سيما المحبين لوطنهم بأن فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي سيتخذ موقفاً حازماً تجاه دويلة الشر ومليشياتها في الجنوب ، بالنسبة لدويلة الشر أولاً سيعلن بأنها دولة محتلة وسيقوم بإنهاء دورها وطردها من اليمن أما مليشياتها سيتخذ قرار بمواصلة معارك الجيش الوطني ضدهم في أبين والدخول للعاصمة عدن وإنهائهم عن بكرة أبيهم ، وهؤلاء سنلتمس العذر لهم لأنهم محبين لوطنهم ويتألمون لما حصل لوطنهم وخصوصاً بعد سقوط أميرة جزر العالم سقطرى الحبيبة بأيديهم ، وفي حقيقة الأمر كنت أنا أتوق لهذا الفعل وكنت أتلهف لهذا اليوم الذي أسمع فيه بأن فخامة الرئيس قد أعلن عن طرد دويلة الشر بل وكنت أنادي بقطع العلاقات الدبلوماسية معها ، ولكنني بعد أن سمعت خطاب فخامته وتمعنت فيه وبحثت في سطوره وثناياه أيقنت بأن فخامته أهان هذه الدويلة الوليدة وحافظ على كبرياء اليمن وسمعتها بشعبها العريق .
فيما يخص عن عدم ذكر إحتلال دويلة الشر لجزيرة سقطرى فيرضى من كان ينتظر هذا القرار في خطاب الرئيس أقول لهؤلاء : ما بالكم يا قوم ماذا سيقول عنا الُعربان والعجم ؟ أترضونَ أن يقولوا أن بلد اليمن المولود منذُ آلاف السنين وبتاريخه المتجذر إحتلت دويلة وليدة حديثة العهد لم تحتفل بعد بيوبيلها الذهبي جزيرة من جزره ؟ أترضون أن سمعتنا تفوح في أنوف من هم دوننا أصالة وعراقة وتاريخ ويصفوننا بأننا أصل العرب ويقولون من لم يكُن يمني فليس بعربي ؟ .
أما فيما يخص عن من كان ينادي بإستمرارية الحرب في أبين وعدم العودة لإتفاق الرياض أقول لمن تذمروا بعد أن تحطمت أحلامهم بقرار فخامة الرئيس بإيقاف معارك أبين والعودة إلى تنفيذ إتفاق الرياض : لا تيأسوا ولا تبتئسوا ففخامة الرئيس يمتلك سياسة النفس الطويل فيمد حبل السلم ويرخيه فإن إمتثل الطرف الآخر للحق وجنح للسلم وعاد عن غيه يكون بذلك حقق مقولة كفى المؤمنين شر القتال ، وإن شد الحبل وقطعه فمعنى ذلك وباللهجة العامية ستكون سرحته سرحة كلب ، وخلاصة ذلك يكون قد وضعهم فخامته في زاوية ضيقة تحت مسمى الفرصة الأخيرة كما جاءت في خطابه حينما دعا أبناؤه في المجلس الإنتقالي لترك السلاح وإيقاف نزيف الدم والعودة لتنفيذ إتفاق الرياض وتفويت الفرصة على المتربصين .
دبلوماسية الرئيس كانت بحدة الخطاب الناعم أو بنعومة الخطاب الحاد .. سموه كيفما شئتم وخصوصاً عندما دعا ما يسمى المجلس الإنتقالي بأبناؤه على الرغم من أنهم مليشيات وأدوات رخيصة لقوى خارجية تتربص باليمن شراً على الأقل في نظرنا نحن كمواطنين ، ورفعوا السلاح في وجه الدولة إلا أنه دعاهم بأبناؤه ، لا أخفيكم القول أعرف زعيم عصابة كان رئيساً هدد مواطنيه وقال سنواجههم التحدي بالتحدي وسنواجههم بالقناصات بس إنه مسكين قتلوه ثعابينه ورموه بالثلاجة .
وأيضاً في دبلوماسية الرئيس بأنه لم يذكر دويلة الشر بإسمها لا من قريب ولا من بعيد حتى لا يرفع لها شأن وهي وضيعة وهذا بحد ذاته إهانة واضحة لها كوضوح الشمس في رابعة النهار وبدبلوماسية أيضاً ، بل لمح لها حينما قال : أن ما يبعث الأسف ويحز في النفس هو مشاهدة تلك المدرعات والعتاد والمركبات العسكرية وهي تقتحم مؤسسات الدولة وتروع الآمنين في جزيرة سقطرى المسالمة في حين أنها كانت ينبغي أن تكون في عقبة ثرة وجبال الحشا وصرواح ونهم والبيضاء وقاع الحوبان هناك حيث معركتنا الكبيرة وعدونا الحقيقي ، وأضن حتى من كانت به بلاهة سيعرف أن فخامته يقصد بذلك دويلة الإمارات وكأنه يقول لها جئنا بك لتساعدينا في مصيبتنا فذهبتي لتحتلي جزرنا .
في جعبتي الكثير حول ما جاء في خطاب فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي ولضيق المساحة سأكتفي بنقطة أخيرة مهمة وهي : قد لا يعلم الكثير بل أكيد لا يعلمون بأن فخامته يتعرض لضغوط إن وقعت على جبل لهدته وجعلته ترابا ، ولكنه تحمل وواجهها بصلابة وقوة وبأس وبصمت وهذه الضغوط ليتخلى فخامته عن الثوابت الوطنية التي لا يزال متمسكاً بها بكل ما يملك من قوة وأهمها الحفاظ على وحدة اليمن وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني ، ولو عدنا لخطاباته السابقة سنجدها بأنها لا تخلو من ذكر هذه الثوابت ليرسل رسالة للجميع بأنه لن يتخلى عن هذه الثوابت الوطنية حتى لو كلفه ذلك حياته وآخرها كان ذكرها في خطاب الأمس ، ولكن ماذا نقول لقوم صم بكم عمي لا يفقهون نجدهم يهاجمونه على الدوام في الوقت الذي يواجه فخامته لأعتى حرب نفسية ليتخلى عن هذه الثوابت الوطنية لعودة اليمن لنظامها المركزي السابق .
علي هيثم الميسري
-->