ليس من السهل في هذه العجالة سرد مواقف الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية أو اختزالها في مواقف معينة فقط؛ فهي أكبر من ذلك بكثير، وما يربطنا بالمملكة هي روابط الدين والأصل والثقافة والمواقف والجوار والعلاقات والمصالح المشتركة والمصير الواحد.
ولن أخوض في مجمل العلاقات والمواقف التي قدمتها المملكة لليمن، بل سأختصرها من 2011م حيث ظهر موقف المملكة في توقيع المبادرة الخليجية في 3 أبريل 2011م حرصاً منها على إيقاف نزيف الدم اليمني اليمني، والتي انتهت بانتخابات رئاسية في فبراير 2012 تم فيها انتخاب فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيساً شرعياً لليمن. ثم تبعها مؤتمر الحوار الوطني الذي تم الانقلاب عليه وعلى مؤسسات الدولة الشرعية من قبل الحوثيين ومراكز القوى التى تأبى إلا أن يكون اليمن تحت سيطرة فئة متنفذة تستحوذ على السلطة والثروة.
ولكن فجر 26 مارس 2015 كان يوماً تاريخياً لن ينساه كل شخص في عدن ولحج وأبين والضالع وكل مدن اليمن، إنها بداية عاصفة الحزم وبداية الهجمات الجوية من قبل التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وعشر دول أخرى شريكة في التحالف. وذلك بطلب من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، واستنادا إلى قرار مجلس الأمن 2216 والقرارات ذات الصلة.
من منّا لا يتذكر سمو الأمير طيار خالد بن سلمان والطيار مريم المنصوري وهما يضربان أوكار العدو. من منّا لا يتذكر الدعم اللوجستي المقدم من التحالف لرجال المقاومة في عدن. من منكم لا يتذكر الجنود الإماراتيين الذين قاتلوا واستشهدوا في عدن ولحج وأبين. من منا لا يتذكر كتيبة الملك سلمان التي قدمت من شرورة على ظهر سفينة تحمل المقاتلين بقيادة العميد علي الحوثري. وفي 17-19 مايو 2015م احتضنت الرياض مؤتمر الرياض لدعم الشرعية بين الأطراف السياسية المختلفة، والذي يهدف إلى استعادة الشرعية. كل تلك المواقف لن تنسى، وستبقى في ذاكرة كل يمني، وستكتب بأحرف من نور لأجيالنا القادمة. كما لعبت الدبلوماسية السعودية دوراً مهماً في أروقة الأمم المتحدة ومجلس الأمن وأروقة السياسة وفي دهاليز المنظمات الدولية، للدفاع عن اليمن وشعبه.
بل إن الدعم السعودي لم يقتصر على الجانب العسكري والسياسي فقط، فقد تم إنشاء مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية وإنشاء لجنة تنمية وإعادة إعمار اليمن ومؤسسة مكافحة الألغام وغيرها من الأعمال الإنسانية لمساعدة اليمن من ويلات الحرب.
وتؤكد المملكة دوماً بأنها حقاً الشقيقة الكبرى من خلال دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى إجراء حوار بين الحكومة والمجلس الانتقالي جراء الأحداث المؤسفة في أغسطس 2019 واحتوائها حفاظاً على وحدة الصف وعدم إراقة الدماء وتوحيد الجهود تجاه العدو الرئيسي المتربص باليمن وهو قطع يد المد الفارسي في المنطقة.
وقد أثبتت قيادات المملكة حنكة سياسية ودبلوماسية في تقريب وجهات النظر وحلحلة نقاط الخلاف وتذليل كل الصعاب أمام الطرفين حتى تم التوصل ليوم 5 نوفمبر 2019 وهو يوم توقيع اتفاق الرياض التاريخي. وفي هذا المقام اسمحوا لي أن أتوجه إلى صاحب الجلالة الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وإلى ولي عهده الأمين سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد وزير الدفاع، وإلى سمو الأمير خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع، والقيادات الأمنية والسياسية والدبلوماسية في المملكة، على جهودهم في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي.
كما يسرني في هذا المقام أن أقدم شكري لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي على حكمته وسعة صدره وطول باله في تغليب مصلحة الوطن وتجاوز هذي الأزمة.
كما أشكر قيادات المجلس الانتقالي لتبلية دعوة الشقيقة الكبرى للحوار والتوافق على تجاوز هذه الأزمة والالتزام بمواصلة العمل مع التحالف في كل الجبهات حتى تحقيق الهدف المنشود.
ونؤكد اليوم أنه على جميع الأطراف الالتزام الكامل بكل بنود اتفاق الرياض لأنه فرصة تاريخية لإعادة توحيد الجهود في بناء مؤسسي صحيح وسليم لكل مؤسسات الدولة.
وتقع علينا اليوم جميعا، بكل شرائح المجتمع من نخب سياسية واقتصادية وشباب وشابات ومنظمات المجتمع المدني ورواد الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، مهمة نشر كل ما يقوي أواصر المحبة ويشيع ثقافة السلام والأمن والتسامح والابتعاد عن المناطقية والتعصب والمحسوبية ومحاربة الفساد.
وستبقى علاقتنا بالشقيقة الكبرى متميزة وفريدة وصلبة، تربطنا أواصر الأخوة والمصير المشترك.
-->