ما كشفه برنامج الصندوق الاسود في قناة الجزيرة عن نوري المالكي وممارساته القمعية بحق مخالفي مذهبه في العراق يضعنا امام تحدي جديد في تعاملنا مع عبد الملك الحوثي وجماعته في اليمن .
لقد كان المالكي بامتياز نكبة للعراق وللعراقيين باستحضاره للمشروع الطائفي ، وفرز المجتمع وفقا لهذا المعيار ، وبالتالي ادخل البلد في غضون حرب مفتوحة تعددت فيها الاطراف وتنازعت فيها المصالح ، واصبح العراقيون لاجئين في بقاع شتى بعد ان اجهز المشروع الطائفي للمالكي على العلماء والخبراء قتلا او سجنا او تشريدا .
ممارسات المالكي اتاحت ظهور تنظيمات مناوئة ذات افكار متشددة تغلي فيها روح الانتقام فزادت المشهد تعقيدا ، والازمة عمقا واشتعالاً .
حاليا يسير العراق إلى المجهول ويبحث مواطنوه عن الفرص للهجرة ومن بقى في بلده يبحث عن الكهرباء ! فيما تعد العراق مصدر عالمي للطاقة .
هذه نتيجة مشروع المالكي البائس في العراق وسنصل الى نفس النتيجة بسبب مشروع عبد الملك الحوثي وجماعته في اليمن لو سنحت لهم الفرصة للتمكن .
يتشابه المشروعان ولا يوجد ثمة فرقا واحد الا في المسميات واختلاف العمائم .
كلا المشروعين للمالكي والحوثي يعتمدان على المليشيات المسلحة ، ولا يألون جهدا في البطش بمعارضيهم ، كما أن ايران تعد الداعم الابرز وربما الاوحد لكلاهما .
في اليمن انتهجت مليشيات الحوثي نفس اسلوب المالكي وجماعته ، فحولوا الدولة الى عصابة ، والجيش الى مليشيات ، والوطن إلى سجن كبير .
استحضر الإقليم هذا الخطر - ولو لم يكن هذا الاستشعار مبكرا - إلا أنه حتى الأن على الأقل كبح بعضا من جماح الحوثيين ، ووقف في وجه احلامهم في تحويل اليمن إلى عراق اخرى ، وجعل صعدة قُم ثانية .
ما ادركه الاقليم ويجب ان يظل حاضرا ان المشروع الايراني التوسعي لم يكن موجهاً الى دولة بذاتها ، بل هو ثورٌ هائج يريد المنطقة كلها ملعبا له ، ولابد من كبح جماحه .
على المستوى المحلي مالم يدركه الحوثيون انهم قد شرخوا السلم الاجتماعي ، واعادوا استحضار الفتنة النائمة ، وسنحتاج بالتاكيد لعقود ليعود اليمنيون كما كانوا .