حزب المآثر الخالدة

فتحي أبو النصر
الاثنين ، ١٥ ديسمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٧ مساءً
اللحظة فاصلة في تاريخ الحزب ومن أجل انطلاقة جديدة لتقويته، تبقى القيادات الشابة هي ألق الحاضر وعنفوان المستقبل؛ كذلك تقوم نهضة الحزب على قدرته في قيادة التغيير، ثم إن حزباً عظيماً كهذا وبتضحيات جسام مصيره النمو والتطوُّر لا الركون إلى الإحباطات والمعوقات. 
 
 
والحاصل أن أمام الحزب الاشتراكي فرصة تاريخية لبعث دينامية كوادره والتفكير بشكل استراتيجي عميق بما ينطوي عليه السؤال الكبير: «من نحن، وماذا نريد، وأين نقف بالضبط..؟!». 
 
إن التفكير بشكل ثلاثي الأبعاد سينجينا من النمطية الأحادية التي تشهدها البلاد، والمهم طبعاً ألا نمجّد استلاب الزعامات الصنمية والبيروقراطيات الصدئة، بينما كل أصحاب الأنوات المتضخمة والمشوهة والراكدة لا يتشرف بهم الحزب، إذ لابد أن تبقى قيم النقاوة والمبدئية والإصرار الحلمي هي الرافد الحقيقي للأمل وتعزيز روح الشخصية الحزبية الخلاقة وغير المنغلقة في الحزب والدولة والمجتمع. 
 
 
وبشكل خاص يتصدّر الحزب الاشتراكي اليمني منذ نشأته أهم الكيانات السياسية الوطنية، فلقد حكم وأسّس وحلم وخُذل وأخذ اليمن إلى الوحدة، ثم خُذل، وهكذا خلال مسيرته المشهودة له ما له وعليه ما عليه. 
 
على أنه مصهر الإجماعات اليمنية وحركة التحرير من الاستعمار والاستبداد في الشمال والجنوب معاً بفصائله التي حملت مبكراً - وفي الزمن الأصعب - بوصلة الكفاح كما ينبغي، وصولاً إلى اعتباره الأرفع في مسألة العقلانية والتنوير، كما هو العامل المثالي والحيوي نضالياً ضد كل ما يخاصم تحقُّق دولة التمدُّن والمواطنة والعدالة الاجتماعية. 
 
لذلك عليه أن يستوعب ما يعنيه الاحترام الشعبي الواسع له كحزب بمواقف وقضايا معتبرة، أو بمعنى أدق عليه أن يدرك مقدار قوّته جيداً في ظل هذا التراكم النضالي الذي صنعه ضد الهمجية والتخلُّف وفراغ الساحة من المشاريع الوطنية الذي أدّى إلى شتات الناس وتوهانهم بين قوى النفوذ والهيمنة، ما يتطلب معه تنظيم طاقات الحزب على نحو صحيح كي يتحدّث بثقة عن همومنا من أجل قادم سوي ومتسق وغير انفصامي. 
 
لكن قبل هذا عليه أن يتصدّر عملية انتقاده لأخطائه السابقة بمقابل تجديده لخطابه العام، وحتى يشكّل أهم عامل موضوعي للتوازن المأمول الذي لايزال مفتقداً في هذا البلد، التوازن الضامن الذي يتحدّث بأحلام الشعب ويحتضنها بما يمنح المواطن عزّته وكرامته، كما يقود إلى تحقيق غايته بقوة في قيام الدولة المدنية الحديثة. 
 
 
بلا شك، نعرف أن الثمار مرة تماماً جرّاء كل الضربات والأخطاء؛ لكنه حزب المآثر الخالدة التي تستحق الاحترام، وأكثر، خصوصاً في مثل هذا اليوم، حيث انعقاد مجلسه الحزبي الوطني على طريق المؤتمر العام السادس. 
 
فالشاهد أن جملة عوامل موضوعية فرضت على الحزب الاشتراكي اليمني عقد مجلسه الوطني العام - وسط معوقات كثيرة - باعتباره محطة مهمّة وحيوية لتقييم الماضي والتخطيط للمستقبل بوعي التحديث واستعادة دوره الفاعل والبنّاء في العملية السياسية وصولاً إلى تنشيط كافة المسارات الحيوية اللازمة لتقدّمه على الأصعدة الوطنية والتنظيمية والجماهيرية من خلال تفعيل ضرورات المرونة والمشاركة والدمقرطة وتفعيل الأثر على الواقع الاجتماعي، فضلاً عن النقاشات المسؤولة والأداءات الناضجة التي تفرضها هذه المرحلة الاستثنائية وهي تنطوي على انعطافات وتحوّلات حادة ذات تحدّيات حزبية مصيرية وأخطار ضخمة محدقة باليمن كما بحلم الحرية والتقدّم الذي ضحّت من أجله عديد أجيال، وكما قال الدكتور عبدالرحمن عمر السقاف: «علينا ألا نسمح لحزبنا أن يكون أصغر من تاريخه». 
 
الحجر الصحفي في زمن الحوثي