الثلاثاء ، ١٤ يناير ٢٠١٤
الساعة ٠٥:٠٣ مساءً
يوم أمس الاثنين الـ “12” من ربيع الأول كان يوماً استثنائياً روحانياً حمل معه عبير الحرية وأنسام العدالة وبريق المساواة لكنه ليس مقدساً لاهو كزمن ولا صاحب الذكرى على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم إنه يوم مولد النبي والرسول والحبيب محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام الذي يعد أهم حدث في تاريخ البشرية على الإطلاق منذ أن خلق الله الكون وسخر كل ما فيه لخدمة الإنسان وكأن هذا الكون كان يرتقب قدومه منذ أمد بعيد فيوم مولده صلى الله عليه وسلم زلزل إيوان “كسرى” فسقطت منه أربع عشرة شرفة وخمدت نار “فارس” ولم تكن خمدت قبل ذلك بألف عام وروى عن أمه أنها قالت: “رأيت لما وضعته نورًا بدا مني ساطعًا حتى أفزعني ولم أر شيئًا مما يراه النساء”.
انطلق النور الإلهي بخير الخلق “محمد” صلى الله عليه وسلم في حقبة مظلمة سادت فيها العبودية والرق ووأد النساء أحياء وسيطرة الكبر والظلم فكان مولده صلى الله عليه وسلم إيذاناً بتغيير البشرية وولد مع هذا النور الحريات والحقوق والمساواة وأعطيت الطبقة المهمشة المظلومة حقها وضاعت الفوارق الطبقية والسلالية والمناطقية.
ويقول تعالى في محكم كتابه الكريم “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” إذن الرسول والنبي والحبيب الأعظم محمد بن عبد الله هو أعظم رحمة للعالمين ومنه يبدأ الدخول ومعرفة الله سبحانه وتعالى وإليه يكون منتهى العباد يوم الحشر والبعث والنشور من خلال شفاعته صلى الله عليه وسلم فيقول عارف بالله شاعر هو سيف أحمد حاجب في احدى قصائده «من باب طه الحبيب فادخل فالبدء منه والمنتهى هو» فالبدء هنا شهادة التوحيد التي لها ركنان الأول الشهادة بالوحدانية لله تبارك وتعالى والثاني الشهادة بأن محمداً هو رسول من عند الله تعالى.
ومن شعب الإيمان محبة الله تعالى والحب في الله والبغض في الله ويدخل فيه احباب الرسول- صلى الله عليه وسلم- وأهل بيته و صحابته والتابعون رضوان الله عليهم ويدخل في محبة النبي والرسول والحبيب صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه واعتقاد تعظيمه وإتباع سنته ومعلوم أن شعب الإيمان تتفرع الى أعمال قلبية وأعمال اللسان وأعمال البدن ومحبته صلى الله عليه وسلم من شعب الإيمان أو خصاله التي تعد من أهم أعمال القلوب التي أوجبها الحق تبارك وتعالى على عباده.
فحب رسول الله ونبيه وحبيبه من قبل المسلم عمل قلبي وأمر وجداني يجده في قلبه عاطفة تجيش نفسه بها وتتفاوت درجات هذا الحب حسب قوة إيمان المسلم أو ضعفه فمنذ أن دون الفقه وتخريجاته وهو اجتهاد بشري دبت الخلافات والاختلافات بين ابناء المسلمين فمن محلل الاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم الى محرم ذلك ولكل منهما اسانيده وتخريجاته الفقهية التي هي اجتهادت بشرية. والقرآن الكريم يحتفي بالولادات ويسطرها فقد قال تعالى في حق يحيى “والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا” والرسول والنبي والحبيب الأعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم قد احتفى بمولده لكن هناك من بني جلدتنا من يغالي في حبه له حد التقديس ومن يجعل من مولده وسيلة وأداة لنشر العنصرية والمذهبية والتفريق بين ابناء الملة الواحدة وخلق الشحناء.
ونحن نرى اليوم أنه بدلاً من جعل المناسبات الدينية المتعددة مناسبات لنشر الرحمة والمحبة والود وتعمير قلوب الناس بها نراها مناسبات خلاف واختلاف ومشاحنات وقتل فلم تعد يوم ولادة “ الرحمة المهداة “ صلى الله عليه وسلم رحمة ولا محبة ولا سلام بعد أن اختلفت الجماعات الإسلامية في احتفالها بمولد الرسول والنبي والحبيب الأعظم صلى الله عليه وسلم وليت الأمر ظل عند الاختلافات بل وصل حد ازهاق الأرواح كما حدث في ضوران آنس عندما سقط خمسة أشخاص قتلى وجرح ثلاثة اخرون .
وأخيراً : ان ما يحدث من اختلاف وتفريق بين ابناء المسلمين بسبب الاحتفاء والاحتفال بمولده صلى الله عليه وسلم أمر محزن يتطلب اليقظة والحذر فهناك أصابع تلعب في تدمير النسيج الاجتماعي تمهيداً لتقسيمنا وتفتيت بلادنا وزرع الأمراض والأحقاد المذهبية المقيتة وأكثروا من الصلاة على الحبيب المصطفى في هذا الشهر الكريم المبارك ربيع الأول عل الله ببركة النبي يرفع مقته وغضبه عنكم جميعاً.
-->